ملاحظة ودّيّة: رجائي أن يصبر على قراءة مقالي الطويل، الأصحّاء قبل
المرضى، والوقاية خير من العلاج!
-
تعريف مرض السكري نوع 1 (أو السكري الضعيف)
يتمثل هذا النوع في عجز كامل أو
نسبي للبنكرياس عن إنتاج الأنسولين لأسباب وراثية أو بسبب خلل "التحصين الذاتي"
(maladie
auto-immune)، وهو إفراز الجسم لأضداد حيوية
تتلف خلايا البنكرياس الذاتية نفسها. يصيب هذا النوع الصغار والكهول البدينين أو
غير بدينين.
Ce sont des Maladies auto-immunes qui détruisent les cellules du
corps lui-même et dans ce cas elles détruisent les cellules du pancréas,
productrices d'insuline (hormone hypoglycémiante), ou du glucagon (hormone
hyperglycémiante), en les prenant pour des antigènes (corps étrangers ennemis
نسبة السكر في الدم عند المريض ترتفع
فوق 1.26غ في اللتر حسب مواصفات منظمة الصحة العالمية، فيحتاج المريض إلى الحقن
اليومي بالأنسولين. لذلك يُسمى هذا النوع من المرض، تصبح الأنسولين ضرورية حياتية
للمريض أي دونها يموت (DID :Diabète Insulino-Dépendant).
-
تعريف مرض السكري نوع 2 (أو السكري السمين)
يتمثل هذا النوع في نقص إفراز
هرمون الأنسولين من البنكرياس أو نقص في تأثير هذا الهرمون على أنسجة العضلات والنسيج
الشحمي أو عدم استجابتها لفعله (l’insulino-résistance)
لا يُحقن المريض بالأنسولين لأن بنكرياسه ينتج الأنسولين وإنما يعالَج بأدوية أخرى
على شكل أقراص. لذلك يسمى هذا النوع من المرض "سكري غير مربوط بالأنسولين (DNID :Diabète Non
Insulino-Dépendant)، وهذه
التسمية هي تسمية غير أمينة في وصفها للمرض لأن الأنسولين ليست إلا أداة لمعالجة
النوعين من السكري في بعض الحالات. هذا النوع 2 يصيب البالغين بعد سن الأربعين,
خاصة البدينين منهم أو من له أب أو أم مريضة بالسكري. نلاحظ أن النوع 2 هو أكثر تفشي
من النوع 1، ويمثل تقريبا 80% من مرضى السكري بصنفيهما. قد يتطور
هذا النوع ببطء نحو الأسوأ عكس النوع الأول. يَنتُجُ هذا المرض من تفاعل عديد
الجينات ذات قابلية التأثر مع عوامل المحيط وفي أولها الاستهلاك المغرض للدهنيات
المشبعة [les lipides saturés ] و"السكريات
السريعة" وعدم ممارسة الرياضة. ترتفع لدى المريض نسبة السكر في الدم. هذا
الارتفاع يَنتُجُ عن النقص التدريجي في إنتاج الأنسولين (insulino-déficience) المسبوق ب10 أو 20 سنة
من كثرة إفرازها الناتج عن عدم استجابة الأنسجة العضلية والشحمية للأنسولين (l’insulino-résistance)، فتضطرّ البنكرياس وعلى مدى سنوات لصنع أكثر ما يمكن من
الأنسولين لتخفض نسبة السكر في الدم، تتعب وتتلف خلاياها ويحل مرض السكري. نكتشف
مرض السكر لأول مرة بعد تكرار إجراء التحليل العادي عند الصائم ونثبت في المرتين
ارتفاع نسبة السكر في الدم أكثر من 1.26 غ في اللتر حسب مواصفات منظمة الصحة
العالمية.
-
تعريف البنكرياس
هي غدة في الجسم, توجد تحت المعدة مقابلة للإأثني عشر (Duodénum) ومرتبطة معه بقناة تفرغ فيها الأنزيمات (Enzymes
) لهضم البروتينات وتفرز هرمونين متضادين في الدم. هرمون الأنسولين (Insuline) المخفض للسكر في الدم وهرمون الڤلوكڤون (Glucagon)
المرفّع للسكر في الدم.
-
هل يُشفى مريض السكري؟
السكر مرض مزمن لا يبرأ منه صاحبه
لأن السبب داخل في التكوين البيولوجي والفيزيولوجي للجسم, يكمن الخلل, إما في خلايا البنكرياس المريضة التي لا تنتج الكثير
من الأنسولين, إما في الخلايا المستقبلة للأنسولين مثل الخلايا العضلية أو الشحمية
التي لا تستجيب لأوامر الأنسولين وتحرق الشحم عوض السكر.
-
كم عدد مرضى السكري في تونس؟
يبلغ عدد مرضى السكري في تونس تقريبا
مليون مريض واعون بمرضهم (10% de la
population) عدى غير الواعين لعدم ظهور
علامات السكر الواضحة مثل كثرة البول والعطش والعرق وفقدان الوزن وتَنَمُّلِ
الأقدام والإرهاق. لا يتعدى عدد المرضى في فرنسا 2%. يبلغ عدد مرضى السكر العرب 12 مليون نسمة، وعلى رأس البلدان
المتضررة تأتي مصر وتونس. يبلغ عدد مرضى السكر في العالم تقريبا 246 مليون نسمة
وعلى رأس البلدان المتضررة تأتي الولايات المتحدة والصين والهند.
-
تعريف الأنسولين
هو جسم - سائل ذو طبيعة بروتينية,
تفرزه البنكرياس في الدم فيتنقل عبر الأوعية الدموية في كامل أنحاء الجسم وهو
الهرمون الوحيد الذي يخفّض نسبة السكر في الدم كلما زادت عن 1 غ في اللتر. قد يؤدي
الارتفاع المزمن لنسبة السكر في الدم إلى
نقص في إفراز هذا الهرمون وموت مبرمج لخلايا البنكرياس المنتجة له.
-
لماذا يُحقن الأنسولين ولايُتناوَل
على شكل أقراص مثل أكثر الأدوية؟
لو أخذنا الأنسولين ذو الطبيعة
البروتينية عن طريق الفم فسوف يُهضم مع الأكل مثل باقي البروتينات ويدخل في الدم ويذهب
هباء منثورا على شكل أحماض أمينية (acides aminés)،
جزيئات لا تقدر على القيام بوظيفة الأنسولين المتمثلة في تخفيض نسبة السكر في الدم.
-
لماذا يتعرّض البدينون إلى
الإصابة بمرض السكري أكثر من النحيفين؟
يطلق الشحم المتراكم على مستوى العضلات والأحشاء حوامض
دهنية حرة في الدم (Acides gras libres). تحرق
العضلات سكر الدم في الحالة العادية وبمساعدة الأنسولين لتنتج طاقة. في حالة
البدين, تفضّل العضلات إنتاج طاقتها من الحوامض الدهنية الحرة وتترك السكر غير محروق فترتفع نسبته في الدم
فتنتج البنكرياس مزيدا من الأنسولين حتى تخفض هذه النسبة العالية، تتعب خلاياها من
كثرة العمل وتتلف فيصاب البدين بمرض السكري.
-
ما هي التحاليل الضرورية
لدى مريض السكري؟
يكوّن الدم وسطا لمرور السكر
وليس وسطا لخزنه. يخزن الكبد تقريبا ثلاثين بالمائة من سكر وجبة الطعام ويُخزَّن والباقي
في العضلات. أما السكر الذي نقيسه بعد الصيام فهو من صنع الكبد التي تطلقه في الدم
آخر الليل. العضلات تستعمل السكر المخزون لديها ولا تطلقه في الدم. يعرف أكثر
المرضى التحليل الأول وهو تحليل سكر الدم (Glycémie)
عند الصائم وتتراوح نتيجة التحليل عند الشخص السليم بين 0.7 و1.26 غ في اللتر حسب مواصفات
منظمة الصحة العالمية (في تونس: بين 0.7 و1.10 غ في اللتر). مع العلم أن1 غ في اللتر يساوي 5.5 مليمول في
اللتر (1mmol=0.18g/l) لو قرأتَ النتيجة
بالمليمول وليس بالغرام. أما التحليل الثاني للدم فهو الأهم لكنه للأسف غير معروف مثل
الأول من أغلبية المرضى, نقوم به كل ثلاثة أشهر ورمزه (HbA1c
)، اسمه "الهيموڤلوبين المسكَّر" أو "خضاب الدم المسكَّر" (Hémoglobine glycosylée
ou glyquée). ينبئك التحليل الأول على نسبة
السكر في الدم إبان التحليل فقط أما الثاني فيقيّم نسبة السكر, دقيقة بدقيقة, يوم
بعد يوم, على مدى ثلاثة أشهر. هذا التحليل الثاني يسجّل تاريخ تراكم السكر في الدم
على مدى ثلاثة أشهر خلت. ثلاثة أشهر هي العمر الافتراضي للكريات الحمراء التي تشبك
السكر المتنقل في الدم، ومِن هنا أتت كلمة هيموڤلوبين وهو خضاب الدم الأحمر الذي
يعطي اللون الأحمر للدم. أشبّه التحليل الأول بعدد معزول أخذه تلميذ في فرض من
فروض الرياضيات وأشبّه الثاني بالمعدل الثلاثي للرياضيات. أيهما يخبرنا أكثر على
حالة المريض؟ تتراوح نتيجة تحليل "خضاب
الدم المسكَّر" عند السليم بين 5.5% و6.5%، أما عند
المريض فقد تفوق هذه النسبة، وكل تخفيض يتحصّل عليه المريض بعد الحمية أو بعد
استعمال الدواء, بـ 1% في هذه النسبة قد يجنّب المريض 20% من تواتر المضاعفات. خضاب الدم المريض قد
يتجمع خاصة على الجانب الداخلي للأوعية
الدموية والخلايا العصبية مما قد يسبب العديد من المضاعفات.
-
لماذا يتعب مريض السكري بسرعة؟
يتعب مريض السكر بسرعة لأن قسطا
من سكريات وجبته الغذائية يخرج مع البول ولا يستفيد منه الجسم لإنتاج الطاقة. أما كِلية
الشخص السليم فلا تطرح السكر مع البول. كريات الدم الحمراء العادية في دم الشخص السليم
تنقل كميات من الأكسجين أكثر مما تحمله كريات الدم الحمراء غير العادية عند
المريض. الكريات الحمراء غير العادية تتخلص بسرعة من الأكسجين وهي في طريقها إلى
الخلايا العضلية. ينتج عن هذين الإخلالين بالوظيفة لدى كريات المريض عدم تزويد
العضلات بالأكسجين بكمية وافية فتعجز العضلات عن حرق الجليكوز [سكر العنب] ولا
تحصل على الطاقة الكافية للقيام بالمجهود العضلي. يتجمع الجليكوز غير المحروق في
الدم ويرفع نسبة السكر فيه. يُعتبر الجليكوز الوقود العادي للجسم [مثل البنزين للسيارة] لأن استعماله لا ينتج
فضلات سامة أما الشحوم فتعتبر وقود النجدة وتنتج فضلات حمضية سامة. هذه الفضلات الحمضية
السامة تخل بنشاط الخلايا الذي قد يؤدي
إلى غيبوبة عميقة مصحوبة بحركات تنفسية سريعة ناتجة عن محاولة الرئتين التخلص من
هذه الفضلات السامة المتواجدة في الدم. لكن قبل الغيبوبة يصاب المريض بالإرهاق
البدني والذهني وفقدان الشهية والغثيان والتقيئ.
-
لماذا يضعف مريض السكري في بعض
الحالات؟
يفقد مريض السكر وزنه بسرعة في
بعض الحالات لأن جسمه لم يعد قادرا على حرق سكر الدم لتوليد الطاقة فيبدأ في حرق
الشحوم المخزونة لتوليد الطاقة مما ينجرّ عنه نقص تدريجي في
الوزن يصاحب مرض السكري خاصة عند مرضى النوع 1 من الأطفال والكهول.
-
متى يجب أن يأكل مريض السكري الذي
ينوي ممارسة الرياضة في المساء؟
يأكل المريض عند منتصف النهار غداء
غنيا بالسكريات بطيئة الامتصاص المعوي أو التي لا ترفع بسرعة مؤشر السكر في الدم مثل
الفول والعدس والفاصوليا والحمص. هذه البقول الجافة ترفع ببطء نسبة السكر في الدم
لأنها تحتوي على ألياف مع النشويات.
الألياف تحبس النشويات داخل الأمعاء الدقيقة وتعطل امتصاصها نحو الدم فيرتفع السكر
تدريجيا في الدم مما لا يتعب البنكرياس في إنتاج مزيد من هرمون الأنسولين.
-
ماذا يستفيد مريض السكري من ممارسة
الرياضة؟
الرياضة تضاعِف استهلاك خلايا
العضلات لسكر الدم مستعينة بالقليل من الأنسولين فتريح البنكرياس من العمل وتحافظ على
خلاياها من التلف وتطيل عمرها الوظيفي أكثر ما يمكن. الرياضة تُنمِّي قدرة خزن السكر
في الكبد (Glycogène) وفي العضلات مما ينجر عنه تخفيض نسبة السكر في الدم. الرياضة تزيد
في عدد "المستقبلات الخلوية للجليكوز" (Les récepteurs membranaires)، مما يولِّدُ نقلاً سريعًا
للسكر من الدم إلى العضلات باستعمال
القليل من الأنسولين، فترتاح البنكرياس من العمل قليلا. الرياضة تُخفِّض من عدم
استجابة الأنسجة العضلية والشحمية للأنسولين (Diminue l’insulino-résistance
des cellules musculaires et adipeuses).
الرياضة تزيد في عدد الألياف العضلية التي تتحمل المجهود المتواصل لأنها تتقلص
ببطء وتستجيب بسرعة للأنسولين، وهي غنية بالأوعية الدموية الناقلة للمغذيات الخلوية
والأنسولين.
-
ما هي الأغذية المفيدة لمريض
السكري؟
الألياف (Les fibres) تُبطِئُ مرورَ الطعام في الأنبوب الهضمي وتمنح فرصة أطول لامتصاص
السكر في الدم فلا يرتفع مؤشره بسرعة داخل الدم. توجد الألياف في الخضراوات
والغلال غير المعصورة أو غير المرحية. طحن الغلال أو عصرها أو عجنها يكسّر ويتلف الألياف،
وقد يفقدها دورها في تخفيف سرعة الهضم. إذا أراد مريض السكري أن يأكل قليلا من الثمار
المسكَّرة كالتفاح والتين, فمِن المستحسن تناولها في نهاية الأكل لكي لا يرتفع مؤشر
سكره في الدم. أكلُ تفاحةٍ بين الوجبتين قد يرفع مؤشر السكر في الدم بسرعة أكبر. لو
أكلها آخر الوجبة, الألياف الموجودة في الوجبة قد تعطِّل امتصاصَ سكريات التفاحة
فلا يرتفع مؤشر السكر في الدم بسرعة. يحتاج مريض السكر كالشخص السليم للسكريات لكن
جسمه لم يعد قادرا على مواجهة الارتفاع المفاجئ
للسكر نتيجة نقص الأنسولين أو عدم نجاعته لذلك يمنع عليه منعا باتا أكل
كميات كبيرة من الحلويات في وقت واحد مثل ما يفعل الناس العاديين في الأعياد
والأفراح ومناسبات النجاح. جميع الخضراوات النيئة والخضراوات الساخنة واللحم
والسمك واللبن قد تخفف من سرعة امتصاص السكر في الأمعاء الدقيقة وترفع تدريجيا
نسبة السكر في الدم مما يلائم القدرة المتواضعة لدى مريض السكري على مواجهة
الواردات المفاجئة للسكريات. الرياضة تهدف إلى حرق الشحوم وتخفيض الوزن، وتهدف
أيضا إلى تقوية العضلات.
-
ما هي الأغذية المضرّة بمريض
السكري؟
أول الأغذية المضرة بمريض
السكر هي السكر الأبيض بعينه أو سكر المغازة (Le saccharose)، الغذاء الوحيد الذي لو استغنينا عنه تماما في وجباتنا الغذائية
لما خسرنا شيئا من توازننا الغذائي، بل على العكس لربحنا الكثير، وأوله إراحة
البنكرياس من إفراز الأنسولين لتخفيض مستوى السكر في الدم. يوجد السكر
الأبيض في جميع المأكولات من مرطبات وحلويات وعصير غلال وياغورط وغيرها من أصناف
الأطعمة. يتركب السكاروز [السكر الأبيض] من جزيء سكر العنب وجزيء سكر الفاكهة (2
Molécules : fructose et glucose).
الجليكوز يمثل وقودا للخلايا وهو ضروري في الأكل لكن نستطيع أن نحصل عليه من هضم
السكريات والنشويات المتواجدة في الكسكسي والمقرونة والأرز والغلال والفواكه
الجافة والخضراوات الجافة كالفاصوليا والجلبان والعدس والفول. في الخمسينات, وفي
قريتنا "جمنة" بالجنوب الغربي التونسي, كنا لا نستهلك السكر الأبيض إلا
في الشاي فقط، وأؤكد في الشاي فقط، أما في فرنسا وفي سنة 1789 فقد كان معدل
استهلاك السكر للمواطن الواحد لا يزيد عن 500غ في العام، في العشريات الأخيرة بلغ الاستهلاك معدل 36
كغ في العام للفرد الواحد. قَضْمُ الفواكه الجافة بين
الوجبات هو من أسوء العادات الغذائية لدى مريض السكري.
-
ماذا يأكل مريض السكري بين
الوجبات ؟
يأكل ياغورط طبيعي أو جبن أو كأس حليب غير دسم أو قطعة أبيض
الدجاج أو طماطم أو جزر أو فجل أو خيار أو بصل.
-
بماذا يُحَلِّي مريض السكري قهوته إن شاء تحليتها؟
يحلي المريض قهوته بإضافة قطرة أو قطرتين من السكارين (Édulcorant synthétique) أو
الكنديس(Édulcorant naturel).
يتمتع السكارين بقدرة على التحلية أكثر من
السكر الأبيض 300 أو 400 مرة. يُصنع السكارين من مشتقات النفط أو الفحم الحجري (houille)، يُتّهم السكارين, دون
سند علمي قوي, باحتمال سرطنة الجسم. يثير السكارين الشهية ولا يُهضم في الجسم فلا
قيمة غذائية له إذن. السكارين قد يُحفِّز البنكرياس على إنتاج المزيد من
الأنسولين. حسب رأيي, لو استغنينا عنه لكان أفضل.
-
استهلاك السكريات ومريض السكري
من الأفضل أن نترك جانبا مفهوم
"سكر بطيء, سكر سريع", "سكر بسيط, سكر معقد" ونعوّضه بمفهوم
"المؤشر السكري (IG : Index Glycémique ) لأن السكر السريع قد يصبح بطيئا لو تناولناه في آخر وجبة غنية
بالألياف التي تعطل امتصاصه والسكر البطيء قد يصبح سريعا لو تناولناه وحده خارج
الوجبة. يجب تجنُّبِ تناول السكريات ذات المؤشر السكري العالي مثل البطاطا المقلية والأرز الأبيض والمشروبات
الغازية المسكَّرة كالكوكاكولا. مِن الأحسن تناول السكريات ذات المؤشر السكري
الهابط مثل الحبوب والأرز الكامل والبقول الجافة.
-
استهلاك الدهنيات ومريض السكري
من المستحسن تخفيض استهلاك الدهنيات المشبَعة (acides gras saturés) مثل دهنيات لحم الخروف والجبن والزبدة ومشتقات الحليب وبعض الدهنيات النباتية كزيت النخيل وزيت جوز
الهند. من الأفضل استهلاك الدهنيات غير المشبَعة أو نصف المشبعة (Acides gras insaturés,
monoinsaturés ou polyinsaturés) مثل زيت الزيتون وزيت الفول السوداني )الكاكاوية بالتونسي) وزيت الأسماك. من الأفضل الاستغناء تماما عن العادة الغذائية
التونسية الشهيرة والضارّة جدا، وهي قَلْي الطعام في الزيت (Frire les aliments dans
l’huile) أو قلي البطاطا أو قلي الأسماك
أو قلي المشوي أو غيره، لأن القلي قد يقضي على الخاصيات المغذية للدهنيات ويحوّلها
إلى أغذية "سامة" لا يستفيد منها الجسم. من الأحسن إضافة زيت الزيتون أو
غيره من الزيوت النباتية بعد طهي الأكل أي بعد أن نضعه من على النار. لسائل أن
يتساءل: لماذا يُقْدِم جل الناس وبشهية عالية على أكل المقلي؟ الجواب العلمي: لأن
الجزيئات الدهنية تحبس الجزيئات العطرية (Les molécules
aromatiques du thym) ولا
تتركها تتبخر وتضيع في الهواء. هذا الصنيع "الجميل" للدهنيات يعطي
للأغذية نكهة خاصة، نكهة قد تجذب الجوعان
من أنفه قبل بطنه، فليس من الصدفة إذن أن يتهافت عليها المستهلك وليس من الصدفة أيضا
أن يستعملها ويوظفها ويستغلها - ولو دون قصد - البائع لترويج بضاعته
"الغذائية" أو تستعملها المرأة - حسب ما جرت العادة أو عن تجربة -
لإرضاء شهوات زوجها وأبنائها. الأكل تَذوُّقٌ بالأنف قبل اللسان. الأكل عند
الإنسان ثقافة قبل أن يكون حاجة لذلك، البلدان المتقدمة تُربي أولادها منذ الروضة
على تَذوّقِ الأطعمة حتى يرسّخوا فيهم الذوق السليم والصحي المفيد، أما نحن فنكتفي
بالتعجب والشكوى من عدم إقدام صغارنا على استهلاك الخضراوات والعدس والبسيسة والخبز
الكامل الأحرش أو الخشن. نحن نلعن الظلام صباحا مساءا وهم يشعلون الشموع صباحا
مساءا لذلك خرجوا هم إلى النور وحبسنا نحن أنفسنا في الظلام الدائم.
-
الحريرات والوزن عند مريض السكري
يجب تخفيض الوزن حتى ينزل "مُعامل الكتلة الجسمية"
تحت عدد 25 (IMC : Indice de Masse Corporelle).
-
كيف نحسب "مُعامل الكتلة الجسمية"؟
IMC=P/T2 , P : poids du corps en kg,
T : taille en mètre
نقارن النتيجة بالجدول التالي حتى نعرف أين نحن
Poids IMC : en kg/m2 , Poids
idéal : 18.5 à 24.9, Surpoids : 25 à 29.5, Obésité modérée : 30
à 34.9, Obésité sévère : 35 à 39.9, Obésité très sévère : 40
من وراء الرياضة والحمية، يهدف
مريض السكر البدين إلى إزالة شحوم البطن لأنها الأكثر ضررا عليه. لكن "تجري
الرياح بما لا تشتهي السفن" فأثناء الحمية تزول شحوم الوجه والقدمين واليدين
والأفخاذ والسواعد والصدر وفي آخر المشوار تزول شحوم البطن. يزداد وزن الشخص، ليس
باستهلاك الشحوم فقط، بل عندما يتناول السكريات أيضا لأنها تتحول داخل الجسم إلى
شحوم مخزّنة.
-
كيف يشعر مريض السكري بارتفاع
سكره؟
يتعب ويجف فمه مع مذاق معدني. تتنمّل
جفونه. تسترخي أو تتشنج عضلاته.
-
الوقاية من مرض السكري
على مريض السكري أن يشطب السكر
الأبيض (Le saccharose) تماما ونهائيا
من نظامه الغذائي وعليه أيضا تجنب الأطعمة التي تحويه مثل الحلويات والشكلاطة
والمشروبات الغازية وغيرها. على مريض السكري أن يشطب المقلي (Les aliments frits) تماما ونهائيا من نظامه الغذائي وعليه أيضا تجنب القلي عند بداية إحضار الطعام المطبوخ لأن القلي يفسد
جزيئات الدهنيات المفيدة ويحولها إلى دهنيات سامة. يُعد تغيير نمط الحياة من تغذية
متوازنة ورياضة أهم ركيزة في الوقاية وفي علاج مرض السكري. يجب على الفرد السليم أن
يراقب وزنه حتى لا يزيد على الوزن المثالي حسب "مُعامل الكتلة الجسمية (IMC)، وعليه أيضًا أن يقوم بتحاليل السكر كل عام على الأقل، حتى يكتشف
مبكرا مرض السكري، إذا حلّ لا قدر الله. يُعد استهلاك السكر الأبيض والاستهلاك
المفرط للملح والإصابة بالكرب والانفعال والتوتر النفسي من أهم أسباب الإصابة
بمرض السكري (éviter les 3 « S » célèbres : sucre, sel et stress).
-
كيف يراقب المريض مرضه؟
يقوم بتحاليل منتظمة مثل تحليل "خضاب الدم المسكَّر"
(Hémoglobine
glycosylée ou glyquée ou HbA1c) كل
ثلاثة أشهر وتحاليل أخرى لمراقبة الشحم في الدم مثلا. يزور طبيب العيون بانتظام.
ينظف قدميه ويقلم أظافره. يتبع حمية غذائية (régime alimentaire) صحية بعد استشارة الطبيب المختص في التغذية مع العلم أن حمية
مريض السكر قد تصلح للشخص السليم المعافى أيضا. يتناول المريض ثلاث وجبات في اليوم
في مواعيدها. يتجنب المريض قدر الإمكان اللحم السمين والزبدة والمرطبات والحلويات
والمقلي وقضم الفواكه الجافة بين الوجبات وتناول الشكلاطة والحلوى وشرب المشروبات
الغازية المسكرة كالكوكاكولا. على المريض أن يفضل اللحم الأبيض والسمك والخضر
والغلال الطازجة وشرب الماء, لتر ونصف على الأقل في اليوم. شُرْبُ الماء أثناء
الطعام يُبطِيء عملية الهضم لأنه قد يُميِّه الأنزيمات ويجعلها أقل نجاعة. رأي آخر يقول أن الماء أثناء الطعام يعطل
الامتصاص المعوي للمغذيات الخلوية كالأحماض الأمينية والأحماض الدهنية والجليكوز
والأملاح المعدنية والفيتامينات (Assimilation des nutriments)،
مما قد يضر بالتوازن الصحي. عندما نشرب قليلا, نخزن الغذاء أكثر وعندما نشرب كثيرا
نخزن أقل ونطرح الفضلات السامة أكثر في العرق والبول. على المريض أن يتمسّك
بالإقلاع عن التدخين لو توفرت لديه إرادة فولاذية. على المريض أن لا يقلي الأغذية
في الزيت عند طهي الطعام لكي لا تتحول الزيوت غير المشبعة المفيدة إلى زيوت مشبعة
مضرة. على المريض أن يضيف زيت الزيتون بعد الانتهاء من الطبخ وليس في أوله.
-
مريض السكري والطبيب
الطبيب وحده لا يستطيع معالجة
المريض. ترجع المسؤولية للمريض نفسه في اتخاذ القرارات التي تخص علاجه مثل الرياضة
والتغذية وتخفيض الوزن والرقابة الذاتية والإقلاع عن التدخين. لا يستطيع الطبيب
معالجة المريض إلا عن طريق المريض نفسه. يقتصد الطبيب دون أن يشعر في نقل علمه
للمريض حتى لا يفقد سيطرته عليه. كل تَعلُّمٍ يقود إلى حق الخطأ، ومن أخطائه يتعلم
المريض ويتطور في التحكم في مرضه. يتحسن منطق الطبيب مع مرور الزمن وينتقل من منطق
"يجب", "عليك فعل كذا", "أنا أرى" إلى منطق "ممكن
تفعل كذا", "قد تستطيع فعل كذا", "ما هو رأيك لو... مؤقتا على
الأقل", "ماذا تقترح لفعل كذا؟". نلاحظ الآن أن النموذج القديم ما
زال سائدا ويتمثل في: علاقة الطبيب بالمريض كعلاقة الأم بولدها أو المعلم بتلميذه.
الطبيب فاعل والمريض مفعول به. الطبيب يأمر وينهى ويقمع المريض. المريض يتبع طبيبه
ويخضع له ويستقيل من مسؤوليته على مرضه. نطمح
إلى نموذج جديد: من الأفضل أن يكون الطبيب والمريض فاعلين. الطبيب هو من يعلم
والمريض هو من يحس ويعلم في بعض الأحيان أيضا. يتفاعل الطبيب والمريض تفاعلا ندّيا.
ندعو الطبيب بكل لطف أن يتحلى بالخصال التالية: الإنصات, التفهم, اتخاذ المبادرة
عندما لا تتوفر عند المريض. على الطبيب أن يعيد صياغة ما قاله المريض ليتأكد أنه
فهم جيدا اهتمامات المريض وليحس المريض أن الطبيب استوعب همومه وفهمها. على المريض
أن يعيد صياغة ما فهمه من كلام الطبيب حتى ينزاح سوء الفهم بين الجهتين. على
المريض أن يتسلح بمعرفة نظرية حول مرضه ومعرفة تطبيقية [طبخ, رياضة, حقن الأنسولين] وقدرة على اتخاذ القرار
[تكييف جرعات الأنسولين, وجبات خاصة] وقدرة على مواجهة الطوارئ [انخفاض السكر
المفاجئ في الدم] وقدرة على امتلاك التوازن النفسي (تقبل شخصيته الجديدة كمصاب
بالسكري, الرقابة الذاتية الناجعة, المحافظة على رأس ماله الصحي, الثقة في
المستقبل).
ملاحظة
لقد ترجمتُ هذا المقال بتصرف وإضافة بسيطة من
عندي من المصادر الأربعة التالية:
§
الكتاب المدرسي التونسي لعلوم
الحياة والأرض للسنة الثالثة رياضيات [عام قبل الباكلوريا] الصادر عن المركز
القومي البيداغوجي التونسي.
§
موقع (Gerblé, l’expert diététique)
§
موقع (Diab Surf)
§
موقع (CHUPS.jussieu.fr)
أعتذر مسبقا عن كل خطأ أو سهو ارتكبته في الترجمة أو عند
الإضافة وأنا مستعد لتصحيحه إن اقتنعت بالبديل. "من اجتهد وأصاب فله أجران
ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد"، وأنا قنوع ويكفيني أجرٌ واحدٌ في كلتا الحالتين.
تنبيه مهمّ
أنبه القاري أنني لا أمثل مصدرا
علميا موثوقا به مائة بالمائة في ميدان الطب لذلك يجب على القارئ الحصيف المزيد من
البحث والتأكد واستشارة الطبيب قبل تطبيق نصائحي التي تحتمل الخطأ والصواب رغم
تحرياتي العلمية الدقيقة في المراجع ورغم أنني أدرّس علم وظائف هذا المرض (la physiologie) للسنة الثالثة رياضيات (عام قبل الباكلوريا). أهدف من وراء هذا المقال
المترجم إلى التحسيس فقط، تحسيس المرضى أو المهتمين بمرض السكري أو الأصحّاء وأقول
لهم: هذا مرض خطير وغدّار، وفي الوقت نفسه مرضٌ يمكن مصادقته وطلب ودّه بالترويض
المتواصل واليومي لصالحنا وليس ضدنا. ومن أراد من القرّاء المزيد من المعرفة حول هذا
المرض، فليقصد العلم في منابعه. توجد المصادر العلمية الموثوق بها في الجامعات
وكليات الطب والمستشفيات الجامعية والمجلات العلمية المختصة وفي المؤتمرات العلمية
الجامعية.
الكاتب والمترجم والموضِّب: د. محمد كشكار
دكتورا في تعلّميّة البيولوجيا [Didactique de la biologie ] وليس في الطب، متخرج
سنة 2007 من جامعة كلود برنار، ليون 1 في فرنسا وجامعة تونس.
إمضائي
لا
أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه
إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه.
عبد الله العروي.
يطلب
الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء
بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقد
المفيد.
لا
أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر
أخرى وعلى كل مقال
سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي.
تاريخ أول نشر: حمام الشط في 23 ماي 2010.