dimanche 7 juillet 2024

تعليق حول القانون المحتمل: تجريم المسّ بالمقدسات

 

 

كلمة رجاء بن سلامة:

جريمة أخرى ضدّ الفكر الحرّ وضدّ حرّيّة التعبير وحرّيّة المعتقد تريد كتلة حزب النّهضة تمريرها. هذا التّجريم الذي أرادت كتلة النهضة فرضه في الدّستور، تعود الآن لتقترحه في شكل تحوير للمجلّة الجزائية. تقترح خطية مالية بألفي دينار وسنتين سجنا لمن "يمسّ بالمقدّسات"، وتعدّد مظاهر المسّ التي منها "الاستنقاص".

هذا القانون سيمكّن النهضة من وضع نصف المفكّرين الأحرار والمؤرخين والأدباء والفنانين في السّجون، وسيمكّنها من حرق كتب التراث: الأدب والشّعر والتّصوف... 

الهوس لا حدّ له، والتجارب القديمة والمعاصرة تدلّ على ذلك. لن نقبل بأي قانون يتنافى مع قيم حقوق الإنسان، ويرجعنا إلى الخلف، لا إلى عهد بن علي، بل إلى عهود سحيقة كان فيها المفكرون والشعراء يلاحَقون بتهمة الزندقة، ولأسباب سياسية.

لنتظاهر ضدّ هذا القانون يوم 5 أوت، ويوم 13 أوت ولتنظّم وقفة احتجاجية يوم عرض هذا القانون الظّلاميّ.

تعليق مواطن العالم:

يبدو لي أن حل مشكلة حرية التعبير يتمثل في مزيد من حرية التعبير وليس في الحد منها بأي شكل من الأشكال لكن على شرط "على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي وعلى كل سلوك غير حضاري، نرد بسلوك حضاري لا بالإقصاء أو العقاب أو التهميش". وأفضل رد عندي على القانون المحتمل المتمثل في تجريم المس بالمقدسات هو تعليق الفيلسوف يوسف الصديق بعد أحداث المظاهرات العربية والإسلامية احتجاجا على مصور هولندي صوّر كاريكاتور للرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، استشهد يوسف الصديق بالقرآن الكريم قائلا: "فأما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" وأثبت التاريخ فعلا أن الزبد ذهب جفاء ولم يمكث في الأرض إلا ما ينفعها. وأضيف مجتهدًا وأعرف أنني قد لا أصيب، لذلك أكتفي بأجر المجتهد الذي يخطئ وأستعمل حقي الشرعي والعلمي في ارتكاب الخطأ: يبدو لي أن أول وأكبر مَن مسّ بالمقدسات وتحدى الله سبحانه وتعالى هو الشيطان الرجيم وبالرغم من ذلك أوصل الله لنا في قرآنه الكريم كل معارضات الشيطان وكلامه وأمرنا أن نقرأها في القرآن الكريم بكرة وأصيلا. ألا تتعظون أيها المسلمون وتستفيدون من فائض الحرية المعطَى من رب العالمين لأكبر معارضيه، الشيطان الرجيم، لعنة الله عليه. لم يحجب الله حجج أكبر معارضيه وكان في مقدوره حجب الشيطان نفسه من الوجود. لو اقتديتم بالقرآن الكريم يا حضرة بعض المتعاطفين مع حزب حركة النهضة لخصصتم في جريدتكم الحزبية اليومية صفحة أو صفحتين للمعارضة تكتب فيهما ما تشاء وتخط فيهما ما تريد من نقد وانتقاد لسياسة حزبكم. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:  "رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي". يبدو لي أنه عليكم أن تشكرونا، أنتم معشر بعض النهضاويين، تشكرونا نحن، المفكرون المستقلون  المسالمون السلميون غير المنتمين،  المعارضون الدائمون للسلطة - قديما وحديثا ومستقبلا ومهما كانت مرجعية هذه السلطة ليبرالية دستورية أو تجمعية  أو وسطية أو يسارية ماركسية أو إسلامية إخوانية -  يبدو لي أنه عليكم أن  تطلبوا لنا الرحمة في صلواتكم الخمس والتراويح، جزاءً لنا على اجتهادنا في إبراز عيوبكم ما ظهر منها وما خفي، يبدو لي أنه عليكم أن تشجعونا على التفتيش عن عيوبكم صباحًا مساءً ويوم الأحد لنهديها لكم على طبق من ذهب كل يوم على صفحات الجرائد وفضاءات التلفزة والإذاعة وبالنسبة لي أنا، محمد كشكار، أنشرها في الفيسبوك والسلام على من اتبع الهدى، هدى العلم والإيمان مجتمعين مع بعضهما لأنه لا يتأنسن الأول إلا بقيم الثاني ولا يتفعل الثاني إلا بقيم الأول.

أواصل اجتهادي الشخصي المتواضع طامعا في عفو الله سبحانه وتعالى ومتظللا برحمته الواسعة، سعة السماوات والأرض ومستندا إلى الحديث الشريف للرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم "من اجتهد و أصاب فله أجران ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد" ومستلهما من قول عبد المطلب بن هاشم،  جد الرسول عليه الصلاة والسلام، متوجها إلى أبرهة الحبشي سنة الفيل: "أنا أحمي إبلي وإن للكعبة رب يحميها" ومستأنسا بقولة الفيلسوف التونسي الإسلامي النهضاوي غير المنتمي، أبو يعرب المرزوقي "وللشريعة في الواقع وجهان: وجه تربوي ووجه ردعي. فلو طوّرنا الوجه الأول فقد نستغني عن الوجه الثاني لأن عندما يكبر الوازع الذاتي التربوي الأخلاقي تنقص الحاجة للوازع الخارجي الردعي" وأنتهي إلى خلاصة قولي التالية: لو أسسنا وطوّرنا تعليما جيدا مبنيا على القيم العلمية الإنسانية النبيلة وطعّمناه بالقيم الإسلامية السمحة وتماهينا مع تقاليد وقيم مجتمعنا التونسي المسلم المتسامحة جدا لاستغنينا عن سَنّ مثل هذه القوانين الردعية "القانون المحتمل لتجريم مسّ المقدسات" ولانقرضت مثل هذه المشاكل بطبيعتها نتيجة مزيد من العلم والتعلّم والحرية والتسامح وترْك ما لله لله، فهو يمهل ولا يهمل وقد أرجأ - لحكمة لا يعلمها إلا هو - محاسبة عباده العصاة أو الضالين إلى يوم القيامة فلا تتعجلوا أيها المتعجلون وتمهلوا في حكمكم على إخوانكم المسلمين وغير المسلمين فلستم أكثر من الله حفظا وحرصا على مقدساته سبحانه وتعالى.

حمام الشط في 4 أوت 2012.

 

 


 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire