المصدر:
Les identités
meurtrières, Amin Maalouf, Ed Grasset &Fasquelle, Paris, 1998, 211 pages
نبذة عن أمين معلوف:
كاتب باللغة الفرنسية (Prix Goncourt 1993 pour « Le Rocher de
Tanios »)،
مزدوج الجنسية، من عائلة وتنشِئة مسيحية-عربية، لبناني-فرنسي، متعدد الهويات، لا
ينكر انتماءه إلى أي واحدة منها وفي الوقت نفسه لا يضخّم من شأن واحدة على حساب الأخرى.
ترجمة نص أمين معلوف بشيء من التوسّع:
صفحة 100-101: أنا أستغرِبُ كيف يطلبُ من المواطن العربي
المسلم أن يعترف بأن صناعته العربية-الإسلامية التقليدية قد وَلّت وبلِيت، وأن كل
ما ينتجه اليوم لا يساوي شيئًا مقارنة بما ينتجه الغربُ، وأن تعلّقه بوصفاتٍ
طِبِّيةٍ عربيةٍ أصبح يُصَنّف في باب الشعوذةِ، وأن انتصارات جيوشه
العربية-الإسلامية لا تعدو أن تكون مجرّدِ ذِكرَى مُبهمَة (دخول مصر والعراق وأسبانيا
وفلسطين-مرّتين وغيرها كثيرين) تركها أبطالُه العسكريين المقدَّسين (حمزة وعلي
وخالد والجرّاح وأسامة وصلاح الدين وعمر المختار وغيرهم كثيرون)، وأن شعراءه
الكبار (عنترة وامرؤ القيس وأبو تمام وحسّان والمتنبئ وشوقي وأبو القاسم الشابي
وغيرهم كثيرون) وعلماءه (الخوارزمي وابن سينا والجزار وابن هيثم وابن جبر وابن
النفيس وابن خلدون وغيرهم كثيرين) وشخصياته المرموقة (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
وعائشة وفاطمة والحسين وغيرهم كثيرون) وجوّالِيه (ابن بطوطة وغيره)، كلّهم لا
يُساوون نكلة في عيون العالَم غير الإسلامي، وأن دينه (الإسلام) متهم بالتكلّس
والدغمائية والرجعية والظلامية والتزمّت والتعصّب والتطرّف والهمجية والاستبداد
والدموية (حَشرُ القاعدة وداعش والنصرة وطالبان وGIA
وغيرها من المنظمات الإرهابية زورًا وبُهتانًا في الإسلام والوقع أننا لم نسمع لها
في التاريخ العربي-الإسلامي شبيها أو ذكرى، وفي المقابل فقد نجد لها شبيها في
التنظيمات الشيوعية والنازية والفاشستية والقومية بنات عمومتها مثل منظمة القمصان
الزرق أو السود وبادِرْ مايِنْهُوفْ الألمانية والألوية الحمراء الإيطالية
والفِعْلُ المباشر الفرنسية وبعض فِرَقِ الجيش الأحمر التروتسكي أو الستاليني أو
الماوي أو البول بوتي أو الياباني وسَرايا الدفاع لرفعت الأسد وكتائب حزب الكتائب
اللبناني وجيش فرانكو أو بينوشيه وCIA الأمريكية و KGB السفياتية والمنظمات الإرهابية الصهيونية ومنظمة
كوكسلان الأمريكية وغيرها كثير، وأن لغته العربية لم يعُد يهتم بدراستها إلا حفنة
من المختصين، وإذا أراد العربي أن يعيش ويعمل ويتواصل مع باقي الإنسانية فعليه أن
يتكلم بلسانهم وفي المقابل كمْ من الغربيين يرَون حاجة اليوم أو منفعة في تعلم
اللغة العربية أو التركية.
في
كل خطوة يجد المواطن العربي المسلم نفسه معرّضا للإهانة والشعورِ باليأس والخيبة.
فكيف لا تكون شخصيته مجروحة ؟ وكيف لا يشعر بأن هويته مهدّدة ؟ وكيف لا ينتابه
شعورٌ بأنه يعيش في عالَم على ملك الآخرين، عالَم يخضع لنواميس مملاة من الآخرين،
عالَم يحسّ فيه العربي-المسلم بأنه يتيمٌ،
أجنبيٌّ، دخيلٌ أو مَنبوذٌ ؟ وكيف يمكن أن نتجنب أن
ينتابَ البعض من العرب المسلمين شعورٌ بأنهم خسِروا كل شيء وأنهم باتوا كشمشون
الجبّار يتمنون سقوط النظام، أي نظام، ويردِّدون قولته الشهيرة: "يا رب،
علَيَّ وعلى أعدائي ؟".
خلاصة
القول: أطلب من المواطن الإسلامي التونسي أن يعامِل أخاه المواطن اليساري بمثل ما
يرغب هو أن يعامَلَ، ويجب ألا ننسى أنّ لليساريين ثوابتهم المكتسبة وأخلاقهم
الكونية ولهم ثقافة عالية ورموز وجب على الإسلامي احترامها، لم أقل عدم نقدِها.
ولْيُؤمِن ويطَبِّق كلاهما مبدأ حرية الضمير والمعتقد المضمون في الدستور التونسي
الجديد 2014.
حمام الشط، الجمعة 27 نوفمبر 2015.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire