dimanche 7 juillet 2024

كيف نفسّرُ ظاهرةَ الصحوةِ الإسلاميةِ في تونسَ ؟

 

 

Comment expliquer ce renouveau religieux en Tunisie ?

« La religion n`est pas l`opium du peuple, mais la vitamine du faible » Régis Debray, philosophe français, gaulliste de gauche

ملاحظة منهجية: في مقالي التالي، سأحاول أن أكون  محايِدًا على قدرِ المستطاعِ، لن أشكر ولن أذمّ، بل سأكتفي بوصفِ واقِعٍ عشته وعايشته بنفسي كشاهدٍ على عصرٍ (1965-1980) وكَــرَاوٍ عن الذي سبقه، عصرٌ طَبَعَ ثقافتي إيجابيًّا والحمد لله، لكنني لم أرَ سلبياته الوخيمة على محيطي (أهلي ووطني) إلا متأخرًا 

(Par Indigénisation et non Islamisation)، 

ولا يرى عيوبَ براديڤمِه إلا مَن خرج من براديڤمِه

(Voir la définition du terme paradigme en bas de page):

-       نبدأ بالسبب الأكثر واقعية والأكثر ديمومةً (1881-2010)، ألا وهو التحديث والتغريب أو بلغة أوضح الاستعمار الفرنسي والعَلمنة البورڤيبية

Le colonialisme puis le bourguibisme, le modernisme et l`occidentalisation, c. à. d. la laïcité tout court

تفككت المنظومة القديمة المبنية على الهُوية العربية-الإسلامية: الأوقاف، النظام العشائري، المحاكم الشرعية، التعليم الزيتوني، المرأة التقليدية، العائلة الموسعة، الاستقرار في الأرياف والقرى، إلخ. قطيعةٌ مع المنظومة القديمة، حلت محلها، وبِبطءٍ في مرحلة الاستعمار (1881-1955)، وبِتسارعٍ مذهلٍ في العهد البورڤيبي (1955-1987)، منظومةُ قِيَمٍ جديدةٍ ولكنها مستوردةٌ من حضارةٍ أورو-مركزيةٍ متعاليةٍ مع الإشارةِ إلى أن كل علماء الأنتروبولوجيا أكدوا مرارًا وتكرارًا أن لا ثقافة تعلو على ثقافة (في أوروبا، تَطَلَّبَ هذا التحول الضِّعْفَ من الزمن، أي تدرّج على مدى قرنين). جاء موسمُ الهجرةِ من الريفْ إلى العاصِمهْ، ومن الجنوبِ إلى الشمالِ، تَكَدَّسَ المهاجرون في أحياءٍ قصديريةٍ على شكل حزامِ بؤسٍ، هاجر التونسيون إلى فرنسا وتكدّسوا هُمُ أيضًا في هاشَلامْ

(HLM: Habitations à Loyer Modéré)

هذه الهجرة الإرادية-القسرية أفقدتهم جذورهم الفلاحية-الريفية، مما أجبرهم على البحث على الخلاص في الإسلام فشُبِّهَ لهم أنهم وجدوه.

-       في تونس ما بعد الصحوة الإسلامية بقي الآباء لائكيين وأصبح الأبناء إسلاميين، وفي جاليتنا في فرنسا بقي الجيل الأول مسلمًا تقليديًّا وأصبح الجيل الثاني ملتزمًا إسلاميًّا.

-       الصحوة الإسلامية في تونس ظاهرة حضَرِية (في المدن: تونس، سوسة، صفاقس، نابل، ڤابس، الحامة، إلخ.) وفي بعض القرى المتمدنة (قرية جمنة نموذجًا).

-       انتشار الفكر الشيوعي في الستينيات والسبعينيات وسيطرتِه على جل الفضاءات التعليمية والثقافية العمومية: جامعة، ثانوي، دُور ثقافة، مكتبات، سينما، مسرح، مهرجانات، إلخ. فضاءات أبعِدت عنها الثقافة الإسلامية: رئيس الدولة نفسه، بورڤيبة كان يشجع على نزع السفساري، والإفطار في رمضان، وكانت المبيتات في الستينات تعد لنا وجبة الغداء وكأننا في شهر إفطار، وكان المصلون قلائل جدًّا بين التلامذة والطلبة في ذلك العصر اللائكي بامتياز، حتى أساتذة التربية الإسلامية وطلبة كلية الشريعة انخرطوا في سلوك النمط العَلماني. المفارقة الكبرى تتمثل في أن هذا الفكر اليساري المستورد لم ينتشر في مكانه الذي خُلِق من أجله (البروليتاريا وصغار الفلاحين)، بل احتكرته طبقة البورجوازية الصغيرة المتكوّنة من رجال التعليم، أصحاب المهن الحرة، فنانين، نقابيين محترفين، نشطاء سياسيين وحقوقيين، قُضاة، إلخ. طبقةٌ انتهازيةٌ ومتذبذبةٌ بامتياز، قال فيها ماركس نفسه ما لم يقله مالِكٌ في الخمر.

-       إليكم شهادة ميشيل بشير عياري، باحث ودكتور في العلوم السياسية

 (Thèse, 2009. Aix-Marseille 3: S'engager en régime autoritaire: gauchistes et islamistes dans la Tunisie indépendante)

التي قرأتها منذ زمان: اشتهر مثقفو اليسار في عهد بن علي بالانتهازية، عشرات منهم انخرطوا في نظامه نكايةً إيديولوجيةً سخيفةً في الإسلاميين قبل الطمعِ الماديِّ، ولم يذكُر من الإسلاميين إلا اثنين فقط.

 

-       غياب تعليم القِيم في الاختصاصات العلمية، وذلك بعنوان وَهْمِ كبيرٍ، اسمه "الموضوعية العلمية". والأغرب أننا، في تونس، اقتصرنا على تعليم القِيم نظريًّا (معرفة) ولم نعطِ فيها دروسًا تطبيقية (ممارسة)، عكس ما فعلت كندا حيث يُطالَبُ تلميذ الثانوي بإنجازِ 40 ساعة عمل تطوعي خارج المعهد. نحن نعي جيدًا أن المعارف وحدها لا تغير القيم

(Les Connaissances ne changent pas les Valeurs, sujet de ma thèse, UCBL1, 2007)

-       تفشي رذيلة الربح السهل، السريع والمشط، مما نتج عنه انتشار الفقر، البؤس، الجهل، المرض، التشرد، الهجرة الداخلية والخارجية، البغاء السري والعلني، والإدمان على الكحول والمخدرات ، إلخ.

-       الرجوع المتعصب للإسلام يهم الجماهير والإسلام هو كل الحل

(L`islamisation politique)

والتصالح مع الهُوية العربية الإسلامية (L`indigénisation) يهم النخبة المُغَرَّبَة (L`élite occidentalisée) والإسلام هو جزءٌ من الحل جنب العقلانية الإغريقية أسوةً حسنةً بأسلافنا في عهد المأمون في القرن الثالث للهجرة الموافق للقرن التاسع ميلادي، الاثنان يتحديان الغرب المتعالي ويؤكدان بشيءٍ من التفوق والقوة هوياتهم الدائمة (اللغوية، الاجتماعية، السياسية، الثقافية والحضارية). يبدو أن هذا الاعتزاز بالهوية العربية الإسلامية مُتَأتٍّ - في الغالب - في تونس من توفر إمكانية تغيير الوضعية الاجتماعية للفرد

 (La mobilité sociale désigne le changement de position sociale d'une personne par rapport à celle de ses parents

ومن الثقة بالنفس الناتجة عن تعميم التعليم

 (La scolarisation généralisée)

في العهد البورڤيبي الذي استفاد منه الإسلاميون مثل غيرهم من الحساسيات الإيديولوجية الأخرى، دستوريون وقوميون ويساريون.

-       هذه الصحوة الإسلامية لا تعبّر عن رفضٍ للتحديث والحداثة (La modernisation et la modernité)، بل تعبّر وبشدة عن رفضها لهيمنة الغربِ ونرجسيته ولائكيته. هي رفضٌ لما سُمِّيَ بِـ"التسميم الغربي" (L`occidentoxication) للمجتمعات غير الغربية ومنها تونس. هي نخوةٌ: "سنصبح حداثيين، لكن لن نصبح مثلكم".

خاتمة: للأسف الشديد، كان الرجوعُ إلى الدين رجوعًا شكليًّا وطُقوسيًّا مُفرَغًا من التقوى وخِشية الله، ولا زال شبابُنا يمر بفترات قلق أونتولوجي، شبابٌ يبحث عن غاية لوجوده، يحاول أن يحدد هُويتَه من جديد ولم يجدها بعدُ، وما تواجد التونسيين بكثافة في صفوف داعش وفي شواطئ لنبدوزة إلا أوضحُ دليلٍ: لا بالشيوعية الأورتودوكسية عرفنا طريقنا... ولا بالاسلام الأورتودوكسي  أيضًا.

N. B :

- Définition (Wikipédia): Le terme de « paradigme » introduit par Thomas Kuhn, qu'il a d'ailleurs suggéré de remplacer par « matrice disciplinaire », tend à désigner l'ensemble des croyances, valeurs et techniques qui sont partagées par les membres d'une communauté scientifique, au cours d'une période de consensus théorique

- L`idée principale est inspirée deSamuel P. Huntington, Le Choc des civilisations, Éd. Odile Jacob, pp. 134-142, Comment expliquer ce renouveau religieux global

حمام الشط، السبت 30 ديسمبر 2017.

 


 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire