mardi 15 février 2022

علماني ودارويني ويساري غير ماركسي وأخافُ ربي

 

 

أخاف ربي وأحترم الذين يخشونه -عن صدق وتقوي- من يهود ومسيحيين ومسلمين  وبهائيين، ولا أحترم الذين يخافونه تقيّة ونفاقا أو طمعا وانتهازية كما يفعل بعض المسلمين المعاصرين:

-         أخاف ربي مثلما يخافه النورفيجون الذين -من شدة تقواهم وورعهم- يخصصون عشرة في المائة من ريع البترول الحالي للأجيال القادمة التي لم تولد بعدُ.

-         لا يخاف ربي، المسلمون وغير المسلمين الذين بسبب استهلاكهم الجشع سوف يورّثون أولادهم تلوثا أخلاقيا وجويا وبحريا وأرضيا.

-         أخاف ربي مثلما يخافه وزراء السويد الذين يحافظون على ثروة البلاد من التبذير، فهم لا يتمتعون بسيارة وظيفية ولا سكن وظيفي ولا خدم.

-         لا يخاف ربي، وزراؤنا التونسيون الحاليون، فهم يتمتعون بمرتب عالٍ مع سيارة بسائق خصوصي و1000 لتر بنزين وسكن وخدم.

-         أخاف ربي مثلما يخافه عمال بلدية طوكيو الذين يجولون طرقات مدينتهم ليليا بثلاثين سيارة مجهزة بـ"سكانار" للكشف على الحفر قبل تكونها  فيصلحونها قبل بروزها على السطح. هم يمهّدون الطريق لبغلة عمر كي لا تتعثر في الطريق !

-         لا يخاف ربي، عمال ومسؤولو بلدياتنا الذين يتركون الحفر تكبر وتترعرع في طرقاتنا حتي تهلك سياراتنا وندفع مقابل إصلاح أعطابها أثمانًا مضاعفة من جيوبنا الفالسة أصلا. هم ينصبون الفخاخ لبغلة عمر حتى تتعثر في الطريق !

-         أخاف ربي مثلما يخافه الخبراء الفرنسيون الذين أتوا إلى قريتي ومسقط رأسي جمنة وحفروا قبر عامل سابق في فرنسا، ادّعى ولده أنه مات جرّاء تأثره باستنشاق مواد كيميائية قاتلة أثناء عمله السابق في مصنع كيميائي فرنسي لمدة ثلاثة عقود. بعد الترخيص لهم، أخرجوا الهيكل العظمي من القبر وكشفوا عنه وكتبوا تقريرهم الطبي الموضوعي وقفلوا راجعين إلى بلادهم وبعد أسبوع فقط أرسلوا حوالة بريدية أجر يوم عمل لمن حفر القبر، وأرسلوا ملايين الأورووات كتعويض لورثة العامل الذي ثبت طبيا أنه مات متأثرا بغازات المعمل الفرنسي الملوثة.

-         لا يخاف ربي، الدولة مالكة شركات فوسفاط ﭬفصة ومعامل الكيميائيات في صفاقس وڤابس الذين لوثوا الجو والبحر والمائدة المائية والتربة والأشجار والنباتات ونشروا الأمراض الصدرية والسرطان في أجسام العمال والسكان ولا من مراقب ولا من محاسب قبل وبعد الثورة سوى الوعود الكاذبة والزائفة.

-         أخاف ربي مثلما يخافه المسئولون عن التربية في فنلندا عندما وفّروا مجانا لجميع أبنائهم -دون تمييز اجتماعي أو طبقي أو عرقي أو ديني أو لوني- أفضل تعليم عصري عام وفني مع توفير النقل المجاني من البيت إلى المدرسة ومن المدرسة إلى البيت، ومكّنوهم مجانيا من وجبة صحية كل يوم، ومتّعوهم مجانا أيضا بكل الأدوات المدرسية مع صرف منحة جامعية لكل طالب فنلندي.

-         لا يخاف ربي، المسئولون عن التربية في تونس الذين أهملوا التعليم الأساسي، لم يمنحوا المدرسة الابتدائية ميزانية تسيير مثلما هو معمول به في الإعدادي والثانوي والجامعي ولا يخجلون ويسمونه تعليما أساسيا، عن أي أساس يتكلمون، وهل على أساس هش يمكن أن يبنوا ويعلوا أم هم للهرم التعليمي قالبون وبالابتدائي مستخفون ولغربال السيزيام مانعون ولثقوب غربال الباكلوريا موسّعون وعن أي أجيال قادمة يتحدثون وهم بعشرات الآلاف كل عام يتخرّجون فنيين سامين عاطلين وبعشرات الآلاف ينقطعون عن التعليم كل سنة ؟

-         أخاف ربي مثلما يخافه الأوروبيون الذين هم على الوحدة حارصون وعلى السلم بينهم محافظون.

-         لا يخاف ربي، المسلمون الذين بين بعضهم يقتتلون وخاصة في قتل إخوانهم السوريين العزل يستأسدون وأمام أعدائهم الصهاينة ينبطحون.

-         يقول المسلمون: "النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان"، والزبالة في بلادنا في كل الأركان ورموز الدولة طُرشان. فبالله عليكم، لو خُيّر الإيمان والشيطان اليوم أين يسكنان ؟ فهل سيختار الإيمان ديار المسلمين من سنّة وشيعة أو سيختار ديار غير المسلمين من غربيين وآسيويين ؟

-         أخاف ربي ليس اتقاءً لناره أو طمعا في جنته بل احتراما لذاتي وللذات البشرية عموما التي خلقها فـ"سواها وألهمها فجورها وتقواها" (أنا لست مختصا في التفسير، لكن قد يكون الخوف من أشياء أخرى مجردة غير النار المادية، وقد يكون الطمع أيضًا في أشياء أخرى مجردة غير الجنة المادية).

خاتمة: أخاف ربي مثلما تخافه أختي فاطمة الضريرة المستنيرة.

 

 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire