السؤال العام: أين تَسْكُنُ "النفس الأمّارَة بالسوء" داخل جسم
الإنسان ؟
الجواب العلمي (حسب اجتهادي المتواضع): من
حسن حظنا أنها تتقاسم السكن مع "النفس الأمّارَة بالخير" داخل كل خلية
بشرية من خلايانا، وعدد هذه الأخيرة يقارب 100 ألف مليار خلية. إن النفسَين
المتناقضتَين والمتخاصمتَين باستمرار، هما ببساطة مجموع جيناتنا وعددها 25 ألف في كل
خلية (Et c’est notre ADN).
المفارقة الكبرَى أن جيناتَنا جُبِلت على
الخير والشر في نفس الوقت (Nos gènes ont été sélectionnés naturellement pendant des millions
d’années).
ما هو عملُ الخير؟
هو التضامن والحب والإيثار والتسامح والعفو
والكرم الذين قد يكنّهم فردٌ إلى أعضاء مجموعته، مجموعة غير ثابتة أي تتغير حسب
المحيط (المكان، الزمان، السنّ، الإرث الصحي والمالي والثقافي والرمزي والاجتماعي،
الحالة الصحية والمادية والنفسية والاجتماعية، إلخ.)، أي يكنّهم للمجموعةُ التي ينتمي لها هذا الفردُ، هي مجموعةٌ قد
تتسع وتضيق حسب الظروف الطارئة، وقد تكون العائلة الضيقة أو العائلة الموسعة أو
القبيلة أو الحي أو البلدة أو الجهة أو البلاد أو الأمة أو اللغة أو الدين أو
الثقافة أو القومية أو العِرق أو الإيديولوجيا أو الحزب أو النقابة، إلخ.
ما هو عملُ الشر (أو السوء) ؟
هو التنافس، العدوانية، الأنانية والجشع والإقصاء
والعنصرية والتباغض الذين قد يُضمرهم فردٌ من مجموعة "أ" نحو فردٍ أو
أفراد من مجموعة "ب"، هذه المجموعة
الأخيرة "ب" قد تتجسد بالنسبة لنا في الأجنبي أو الغربي أو اليهودي أو
الملحد أو المختلف عنّا عمومًا.
كيف نكسر من شوكة "النفس الأمّارَة بالسوء"
ونقوّي من شوكة "النفس الأمّارَة بالخير" ؟
لا سبيلَ إلى ذلك إلا بِشنِّ حربٍ على الأولى بمساعدة الثانية (المعضلة أن الاثنتَين
موجودتان في شخصٍ واحدٍ)، حرب لا صلح فيها ولا مصالحة، حربٍ أسلحتها الوحيدة هي التربية
والتعليم والصبر والرضا بالقدر، حرب لا منتصرَ نهائيَّا فيها، وللأسف الشديد هي حربٌ
تتجدد مع كل مولودٍ جديدٍ، لأن الجينات (ADN) تتجدد بالوراثة، لكن "مقاومةَ
شرّها أو تقويةَ خيرها" فهما صفتان
مكتسبتان أو لا تكونان ! لذلك لا نهضةَ لشعبٍ إلا عن طريق التربية (L’Éducation) ولا طريقًا آخرَ متاحًا اليومَ غيرها.
سُئل مرة مؤرّخ الثورة الفرنسية، جول ميشلي (1798-1814):
- ما هي أول مرحلة في السياسة ؟
- فأجاب: التربية. وما هي الثانية ؟ فأضاف: التربية. وما
هي الثالثة ؟ فأردف: التربية.
Conclusion de Christian de Duve, Prix Nobel de
médecine en 1974, Un biologiste et
moraliste :
Les individus
humains ont été sélectionnés naturellement à travers des millions d’années pour
être solidaires (أي النفس الأمّارَة بالخير), solidaires
à l’intérieur de leur groupe (famille,
nation, religion, idéologie, paradigme scientifique, système philosophique,
langue, parti politique, syndicat, etc.), hostiles (أي
النفس
الأمّارَة بالسوء),
hostiles envers les autres groupes (nation étrangère, religion différente,
langue différente, paradigme scientifique différent, système philosophique
différent, culture différente, parti politique adverse, etc.).
خاتمة مواطن العالَم:
لذلك نلاحظ أن الشر لم ينقرض من الأرض (الحرب، الفساد، السرقة، الكذب،
الغدر، الخيانة، الإجرام، إلخ.) ولن ينقرض مادام يُتوارَثُ في الجينات، ولا قدرة لنا عليه، هو قَدَرُنا
المشئوم
والمحتوم، لكن
علينا الحدّ من سلبياته عن طريق التربية والتعليم. نلاحظ أيضًا أن
الخير لم ينقرض من الأرض (التعاون، الرحمة، الحب، إلخ.) ولن ينقرض مادام يُتوارَثُ
في الجينات أيضًا، نرحّب به، قَدَرُنا المحمود والمحتوم، وعلينا تنميته عن طريق التربية والتعليم أيضًا.
Ma
source d’inspiration: Génétique du péché originel. Le poids du passé sur
l`avenir de la vie. Christian de Duve (Prix Nobel de médecine en 1974, Un biologiste et moraliste), Editions
Poches Odile Jacob, Paris, 2017, 240 pages.
إمضائي (مواطن
العالَم البستاني، متعدّد الهُويات، l’homme semi-perméable، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري غير ماركسي حر ومستقل، غاندي
الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى الفردي" - Adepte de la rectitude morale et la spiritualité à
l’échelle individuelle).
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إلى فجر آخر"
(جبران)
À un
mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le
Monde diplomatique
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 13 جانفي 2020.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire