الخبر كما وصلني بالسماع وليس بالمعاينة (المصدر: صديقٌ، اسمه "شَيْء
إنطِّقْ"، أصيل منطقة الوطن القِبْلِي، مسؤولٌ سامٍ متقاعدٌ حديثًا من وزارة
التربية، قابلتُه اليوم صباحًا صدفةً في مقهى باريس بالعاصمة):
- حوالي سنة 2010، أنشَأت وزارة
التربية ثلاثة "معاهد مهن التربية والتكوين" (IMEF : instituts des métiers de l’éducation et de la formation).
- لماذا أنشِئت ؟ أنشِئت لتكوين
وتخريج كل المزاولين للمهن التربوية الراجعة بالنظر إلى وزارة التربية، مِثل:
المتفقد البيداغوجي، المدير، الناظر، الأستاذ، القيم العام، القيم، المعلم، تقني
مخبر، إلخ. يقابلها تقريبا في فرنسا المعاهد الجامعية لتكوين المعلمين (IUFM : instituts universitaires de la formation des maîtres).
- في تونس، أنشِئت ثلاثة معاهد من هذا النوع، واحد في قُربة والثاني في سوسة والثالث في صفاقس (جميع الموظفين المعيّنين في المؤسسات التربوية الثلاث يقبضون مرتباتهم طيلة سنوات ولكنهم لا يشتغلون إلا لِمامًا).
- معهد قربة أنشِئ على مساحة 17 هكتار. عُيِّن علي رأسه مدير برتبة مدير عام،
وكاتب عام برتبة مدير، و4 رؤساء مصالح، و47 موظف آخر في مختلف المهمات من الإداري
إلى طباخ المبيت. كلهم يقبضون ولكن تقريبًا كلهم لا يشتغلون: خلال مدة
تقارب 8 سنوات، قام المعهد بنشاط واحد فقط، دامَ حوالي عامٍ واحدٍ. يتمثل هذا
النشاط-الصدفة في تنظيم دورة تدريبية للقيمين بهدف ترقيتهم لقيمين أُوَلْ.
- الغريب أن تقديرَ الكُلفةِ
السنوية لتكوينِ متكوّنٍ واحدٍ (تكوين وأكل وإقامة) لم تكن متساوية في المعاهد
الثلاثة، وكأن كل معهد ينتمي إلى دولة على حِدة: تقديرُ كلفة معهد سوسة تساوي ضعف
تقديرِ كلفة معهد قربة، وكلفة معهد صفاقس تساوي مرتين ونصف تقديرَ كلفة معهد قربة.
لماذا كل هذه الفوارق في تقديرِ كلفة نفس العمل محتمل الإنجاز (تكوين وأكل وإقامة
لمتكون واحد) ؟ الله وملائكتُه أعلمُ !
- يُقال أن هذه المعاهد بدأت أخيرًا تستيقظ من سُباتها الطويل (قرابة 8 سنوات).
أتمنى من كل قلبي أن لا تحنّ إلى ماضيها وترجع إلى سباتها من جديدٍ !
خاتمة:
فكرة المشروع كانت رائعةً وواعدةً في بداية تشكّلِها، لكنها كانت حُلْمًا
صَرْحًا وعند التطبيقِ هَوَى ! الأسبابُ متعددةٌ: إهمالٌ مبرمَجٌ، بيروقراطيةٌ،
فسادٌ، انتهازيةٌ، غياب الكفاءة في مكانها، مسؤولو دولة موظفون فاقدون لجوهر
ومضمون الرسالة التربوية النبيلة والسامية، إهدارٌ للمال العام دون رقيب ولا حسيب
(عشرات المليارات من المليمات ذهبت سُدًى، وفي المقابل تجد في تونسنا المسكينة
عشرات المدارس الابتدائية محرومة من الماء الصالح للشرب أو دورات صحّية للتلامذة
والمعلمين).
ملاحظة: كل الأرقام التي أوردتُها في مقالي أعلاه، كلها تقريبية.
هو مقال تحسيسي، لا أكثر ولا أقل. لستُ مُمَثِّلاً لدائرةِ المحاسباتْ !
إمضائي: "الوطنية والعالمية، علينا اليوم الجمع بين هذين
المفهومين المتناقضين في الفكر المعقّد: الجمع بينهما يخلق مواطن العالَم" (Edgar Morin )
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 5 أفريل 2021.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire