فقرة من مقال
"القتال في الإسلام بين الجهاد والإرهاب". حبيب مسعودي (صديق إسلامي
افتراضي)
إنّ اقتراف المعاصي
وارتكاب الذنوب الصغائر أو الكبائر ليس حجّة لأحد على أحد لإصدار حكما بالكفر
عليه، ولم نسمع بشيء من ذلك إلا عند الخوارج، أمّا أهل السنة فقد قال منهم الإمام
الأعظم أبو حنيفة النعمان «لا نكفّر مسلما بذنب ولو كان كبيرة»... لقد أعلمنا
الخبير العليم في كتابه الكريم، أنّ الأنبياء والرسل عليهم السلام كانوا يستغفرون
لأقوامهم، ولا يبيحون دماءهم رغم ما اقترفوه من جرائم كفر أعظم وأشد من ترك الصلاة
والصيام والاختلاف في الرأي، (إن كان اختلاف الآراء في المسائل الدّينية جريمة)،
فهذا إبراهيم الخليل عليه السلام يقول في قومه مخاطبا ربّه (فمن تبعني فإنّه منّي
ومنْ عصَاني فإنّك غفور رحيم) (إبراهيم:38)، والذين اتبعوا الهوى وتركوا الإيمان
فقد خاطب الله نبيّه فيهم قائلا عزّ وجل (أرأيْتَ من اتّخذ إلهَهُ هَواهُ أفأنت
تكونُ عليْه وكيلا) (الفرقان:43)، وهذا نبيّ الله عيسى عليه السلام، يقول في قومه
وهم الذين أشركوا بالله وحرّفوا تعاليمه، وجعلوا لله ولدا ونسبا، وكانوا أشدّ كفرا
ونفاقا وأعظم جرما (إن تعذبهم فإنّهُم عبادُك، وإن تغفرْ لهم فإنّك أنت العزيز الحكيم)
(المائدة:120)، و تاج كلّ هذا والذي لا يحتمل أكثر من تأويل واحد
وفهم واحد، ولا يحتاج إلى تفسير باطني ولا فلسفة، هو ما جاء في قوله تعالى في هذه
الآية الكريمة (ولوْ شاءَ ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعا، أفأنت تكرهُ النّاس
حتّى يكونوا مؤمنين) (يونس:99)، فمن أين لمن يؤمن بهذا كله، أن يأتي بفلسفة
الإرهاب، وتكفير الناس، وحملهم بالإكراه والعنف على فهم للدّين، ليس فيه علم و لا منطق
ولا هدى ولا كتاب منير ولا أصل شرعي؟.. إنّ التشدّد والتطرّف غلو منبوذ بصريح قوله
تعالى (يا أهْل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحقّ) (النّساء:170)، كما أنّه تفرّق في الدّين
ليس من الله في شيء (إنّ الذين فرّقوا دينهُم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء)
(الأنعام:160).
... ليس من
حق أحد تكفير النّاس، وليس لأحد منازعة الخالق حقّ تصنيف عباده إلى مؤمنين ومسلمين
ومنافقين وكفار حسب سريرتهم بعد أن أظهروا الإسلام (يَا أيّها الذين آمنوا إذا
ضرَبتم في سبيل الله فتبيّنوا، ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السّلام لست مؤمنا
تبتغون عرض الحياة الدّنيا فعندَ الله مغانمُ كثيرة، كذلك كنتم من قبل فمنّ اللهُ
عليكم، فتبيّنوا، إنّ اللهَ كان بما تعملون خبيرا) (النساء:93)، فالإسلام دعوة إلى
السلام، وسبب لاطمئنان القلوب وأمن النفوس، وقد أمر الله بالدعوة إلى سبيله
بالحكمة والموعظة الحسنة (لا إكراه في الدّين، قد تبيّنَ الرشدُ من الغيّ) (البقرة:255) (ادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة
والموعظة الحسنة وجَادِلهُمْ بالتي هي أحسن، إنّ ربّك هو أعلمُ بمن ضلّ عن سبيله،
وهو أعلمُ بالمهتدين) (النحل:125)... والرأي عندي، أنّ الحكمة في مسائل الحكم، هي
البرامج السياسيّة الجادّة، والعمل بحق الاختلاف، والاجتهاد من أجل إحلال الوفاق
بين مختلف الاتجاهات السياسية والمذاهب الفكرية داخل المجتمع الواحد، وليست الحكمة
في توزيع شهائد الكفر والإيمان بين الناس، والتنظير لإرهاب الخصوم
وترويعهم وإكراههم على الرأي الواحد والفهم الواحد، فهذا ما لا نجد له في أصول
الإسلام نصا واحدا يقره، فلحكمة بالغة خلق الله الناس مختلفين في الأمزجة و الأفهام
والعقول (ولو شاءَ ربّك لجعلَ النّاس أمّة واحدة،ولا يزالونَ مختلفين إلا من
رَحِمَ ربّك، ولذلك خلقهُم) (هود:118)، والاختلاف في الرأي لا يقلل من إسلام الناس
ولا يفسد لودّهم قضيّة، فالأمر كله لله، وليس في الإسلام سلطة دينيّة لأحد على أحد
تخوّل له إكراه الناس على دينه وفهمه ورأيه، فالله
يخاطب رسوله (فذكّرْ إنّما أنت مذكّر، لست عليهم بمسيطر) (الغاشية:22) فكيف يكون
الخطاب إلى من هم دون الأنبياء والرسل؟ والله بيده القلوب يقلبها كيفما يشاء
(ليْسَ عليك هُداهُم، ولكنَّ اللهَ يَهْدي منْ يشاءُ) (البقرة:271).
تعليق فيسبوكي لحسن علي
بل ذهب أمر التسامح بين المسلمين ذروته القصوى عندما
مر احد العارفين بالله بقوم يمرحون ويلعبون ويشربون الخمور ...... فقال له أحد
أتباعه: : "ادع عليهم يا شيخ فدعاءك مستجاب". فرفع العارف يديه إلى
السماء وقال: "اللهم أسعدهم في الآخرة كما سعدوا في الدنيا".
تاريخ أول إعادة نشر على النت
من قبل مواطن العالَم د. محمد كشكار
حمام الشط في 25 أفريل 2013.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire