"حاصر حصارك لا مفر... اضرب عدوك لا مفر". مواطن العالم منتحل الهوية الفلسطينية د. محمد كشكار
المصدر: عنوان المقال
استعرته من محمود درويش أما نصه فقالبه
التركيبي لتوفيق بكار (مقدّمات، دار الجنوب،
2002.) و التأثيث و الموضوع و المسرح و السياق فَلِي.
و استأنفت إسرائيل عدوانها على غزة
فأجهشت الأم الغزاوية بالبكاء حزنا على وحيدها الذي قضى تحت القصف الجوي. طالبها الأب
بالصمت فلم تصمت. عصفَت به البلايا من كل جانب. وطن، كل ما فيه على وجه من الوجوه
قاتل. امتشق حزامه الناسف و مشى به فيه فلم نعد ندري أيهما الحامل و أيهما المحمول.
سافر المنفيُّ في وطنه إلى عاصمته الأبدية متنكرا في زي المعتدي. وصل إلى آخرته آخر
النهار. حاول المفترَس الولوج إلى عرين المفترِس. اعترضته جندية إسرائيلية فأفحمها
بخنجره موتا. لم يبق فيه من الإنسان أثر. إن هو، من شدة الهلع، إلا حيوان محشور. سلّطت
الحراسة مصابيحها العملاقة و بدأت دوائر الضو تضيق حوله، تدنو منه ثم تبتعد عمدا.
ثم انطفأت فساد الظلام و السكون. لا يزال يأمل في الدخول. مسافة مترين و يفوز
بالاستشهاد. و لم يكد يحرك ساقه حتى انصبت عليه أنوار محرقة و وابل من النيران
يشتعل. فكان الموعد الأخير. أنظرته الآلة الإسرائيلية حتى يتوحش فتفتِك به، و
إرهابيا إسلاميا قتلته لا مقاوما فلسطينيا.
و قد يظن مَن لا يعرف الشهيد أنه من أشد
الخليقة كرها للحياة. و إنما هو ممن يستدلّون على الشيء بضده. لا يستشهدون إلا
ليزيدونا حرصا على صيانة الحياة. يُداوون بالتي كانت هي الداء. مذهب له في البرهان
فلسفة. فالحياة عند الفدائي حق لا مِنّة، و نعمة لا يسلبها إلا الذي أنعمها، و لها
حرمة يجب أن تُراعى لأن لها من المعنى أجلُّه و عشقها عبادة و ازدراؤها في دينه
كُفر. فحَريّةٌ هي أن تُعاش و لو إلى أجل لنا فيها محتوم بل أحرى بأن تُعاش بكرامة
أو لا خير فيها و في مَن عاشها ذليلا في وطنه. لا يعنيه إذن من الحياة ما هو موت
حتم، خاتمة تكتمل بها فصول الحياة، بل يعنيه ما هو من غير الحتم استشهاد و قطع
للذل قبل التعوّد. و هو ما تحكيه لنا أقاصيص المقاومين بكل لسان و في كل مكان. فلم
يمت منهم أحد ميتة طبيعية. و إنما أبلتهم المقاومة جميعا، في فراشهم أو في ساحة
البغْيِ و العدوان. شرور استعمارية من فعل الإنسان بالإنسان لا دخل للقضاء فيها و لا
حكمة ربانية واضحة فيها. فالمستوطنون مسؤولون عنها لا الأقدار، و بيدنا، متى وعينا
و شئنا، أن تكف أو تخف فنسلم و لا نعطب، و نسعد و لا نشقى في أوطانِنا بيد مَن
سلبونا أوطانَنا. فمتى نضع لتضحياتنا بوفاتنا لوجودنا حدا أم نزيد فنبدده دهرا أم
مكتوب علينا أن ننشد الحياة في الموت قسرا.
نريد ردّ الحياة رضيّة للجميع لا لفئة،
لكل الناس لا للإسرائيليين على الفلسطينيين.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 23
جانفي 2015.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire