هل انخدع حزب حركة النهضة
التونسي في مظاهر العولمة الأمريكية الخداعية التي شرحها أبو يعرب المرزوقي ؟ نقل
مواطن العالَم د. محمد كشكار
كتاب "آفاق النهضة
العربية و مستقبل الإنسان في مهب العولمة"، أبو يعرب المرزوقي، الطبعة
الثانية 2004، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت، 216 صفحة.
نص أبي يعرب المرزوقي:
صفحة 128: و لا يمكن أن نجيب بصورة شافية ما لم نتخلص من ظواهر
العولمة المتمثلة في التسميات الخادعة التي تستهدف غاية محددة هي تقديم الواقع
الحاصل على أنه الواجب الوحيد الممكن و ذلك للمغالطة و الخداع. و المعلوم أن
للعولمة الحالية مظاهر خداعية هي: 1. قرية المواصلات الأمريكية، 2. و وحدة
السوق الأمريكية، 3. و حضارة الاستهلاك الأمريكي، 4. و وحدة النمط المعيشي
الأمريكي، 5. و الديمقراطية الأمريكية. (إضافة د. م. ك: أضيف و هل اتعظ حزب حركة
النهضة التونسي من الحديث النبوي الشريف: "لا يُلدغ المؤمن من الجحر
مرتين"، و هل اتعظ أيضا من الحكمة البيولوجية: "هل ينتظر العاقلُ العسلَ
من خلية الدبابير الأمريكية").
أ.
فهل عولمة المواصلات عولمة تواصل حقيقي؟ و هل صار العالم
قرية فعلا؟ أليس ما نظنه قد أصبح قرية ليس إلا فندقا يتجاهل فيه الناس بعضهم بعضا؟
فالقرية جماعة متواصلة رغم التباعد المكاني و انعدام أدوات الاتصال. أما العالم
الحالي فوسائل الاتصال فيه هي حوائل الاتصال. ذلك أن وسائل الاتصال عن بعد أصبحت
تغني عن التواصل الذي لا يكون إلا عن قرب: فشتان بين الوصل الحي و التشبيب عبر
الهاتف! أليس باطن ثورة المواصلات الأهم هو تقوية أدوات الاستعلام عن البشر و
التحكم فيهم سلطويا و تيسير التلويث الروحي و الخلقي الذي تحتاج إليهما المنظومات
المافياوية في عولمتنا الحالية لإحكام تحكمها؟
ب.
و هل عولمة المبادلات الاقتصادية هي فعلا عولمة تكافؤ و
هل صار العالم فعلا سوقا حرة واحدة؟ أم أن هذه العولمة هي مجرد تقوية للاحتكار
الاقتصادي و التجارية و التلويث الطبيعي الذين يقتضيهما رفاه النظام المافياوي
المتحكم في العالم؟
ت.
و هل عولمة الاستهلاك عولمة تكافل لسد الحاجات فعلا؟ و
هل تحرر الإنسان فعلا من الحاجة بالمجتمع الاستهلاكي؟ أم أن عولمة الاستهلاك هي
مجرد تقوية لإثارة الحاجة إلى الاستهلاك إثارة لا متناهية و توليد لوهم الجنة
الاصطناعية و عبادة الدنيا الضرورتين لتزييت عمل الآلتين؟ فبدون هذا الزيت الوهمي
قد يؤدي الاحتكاك في الجهاز إلى اشتعال النار فيه فتأكل الأخضر و اليابس.
ث.
و هل عولمة النمط المعيشي الواحد (ملبسا و مأكلا و
مشربا) عولمة المؤاخاة حقا؟ أي معنى للنمط الحضاري في كل وجوه العيش الإنساني؟
أليس هو عينه معنى النمط المافياوي المعتمد على تصحير الروح الإنسانية تعويضا عن
فقدان أمريكا للعمق الحضاري لتحقيق المساواة في فقدان هذا العمق و حصرا للعلاقات
البشرية في علاقة واحدة هي علاقة السلطان المافياوي بين عتاة الرعاة و بهائم
الأنعام؟
ج.
و أخيرا أليست العولمة الحالية عولمة تقتضي بطبعها
الإدبار بالإنسانية إلى وضعية تاريخية تجعل الشرق الأقصى (حيث لم يبلغ الإنسان
منزلة المساواة الاستخلافية) و الغرب الأقصى (حيث يظن الإنسان أنه تجاوزها إلى
المنزلة الحلولية) يلتقيان في تأسيس المجتمع المافياوي فيلتقي مجتمع النمل الآسيوي
و مجتمع رعاة البقر الأمريكي في مافيا عالمية
رأينا تجريب بعض أدواتها الجزئي في إيطاليا و في أمريكا الجنوبية و نراها
الآن في روسيا و أوروبا الشرقية. و ما يدرينا فلعلها أصبحت سيدة الموقف في العالم
العربي-الإسلامي تحكمه فتحول دونه و السعي إلى العالمية البديل حيلولة نشهد
مفاعيلها منذ قرنين؟ بل إن كثرة الحديث عن العولمة دون
تحليل و الزعم بأن الاندماج في مظاهرها دليل على النجاح النهضوي، تُعدّ من أوكد
العلامات على وجوب التوجس، خاصة إذا صاحب ذلك نفي مطلق في الواقع الفعلي للقيم
الإنسانية العليا التي يبشرون بها لفظا و يدوسون عليها معنى: كحقوق الإنسان و
الإعلام الحر و الديمقراطية و العدالة…إلخ.
تاريخ أول إعادة نشر على
النت: حمام
الشط في 11 أوت 2012.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire