dimanche 11 août 2013

يُخطئ حزب النهضة عمدا و يَخرج عن المسار عندما يتهجّم على اليسار! مواطن العالم د. محمد كشكار

يُخطئ حزب النهضة عمدا و يَخرج عن المسار عندما يتهجّم على اليسار! مواطن العالم د. محمد كشكار

لماذا يشنّ حزب النهضة حربا "دونكيشوتية" على عدو وهمي، اسمه اليسار، و هو في الوقت نفسه، عاجز عن مواجهة أعدائه الحقيقيين الواضحين العلنيين من أمثال البورقيبيين و التجمّعيين الانتهازيين و السلفيين الجهاديين الوهابيين؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 17 أفريل 2012.

قال حزب النهضة بعد الانتخابات قولته المشهورة و صدّقها و نشرها: يمثل اليسار "صفر فاصل" من الشعب التونسي و نسي أو تجاهل أن اليسار يمثل الأكثرية من بين المثقفين في تونس و العالم (أدباء، فنانين، ممثلين، صحافيين، محامين  غيرهم).

و هذا ما أثبتته فعلا انتخابات "اللعبة" الديمقراطية في 23 أكتوبر 2011، التي قلت عنها و لا زلت أقول أنها مزيفة المضمون حتى و لو لم تكن مزيفة الشكل، و هذا النقد لا يهم انتخابات تونس الأخيرة فقط بل يشمل و يصح و ينطبق على أفضل الديمقراطيات الغربية في العالم. مَن يفوز في الانتخابات، في فرنسا أو أمريكا مثلا؟ يفوز صاحب الإعلام المُنحاز و الجاه الزائف و المال السياسي اللقيط و الوعود السخية الكاذبة و لا يفوز الفقير الوطني المخلص الأمين! و متى فاز هذا الأخير و متى حكم يوما في تاريخ البشرية؟  فالفقير دائما محكوم فيه و مفعول به على مر العصور و الأزمان.

عندما يقرر علماء الرياضيات "أكسيوما" (أو حقيقة بديهية أو مسلّمة غير مثبتة و غير مبررة منطقيا)، يعملون بها و يعتمدونها و لا يهملونها بل يبنون عليها علما منطقيا مفيدا. كذبة نتائج الانتخابات الديمقراطية، نتيجة "صفر فاصل" التي تحصل عليها اليسار لفقره المادي و ليس لفقره الفكري، كذبة صدقها الشق المتعطش لفشل اليسار و المنتظر لهزيمته المدوية و صدقها اليسار التونسي نفسه من فرط عدم ثقته في نفسه و بدأ يشتغل عليها و بدأ الفاشل يراجع أسباب "فشله الديمقراطي" بصدق و جد.  أما حزب النهضة، فقد أصدر "أكسيوما" و أهمله و لم يعمل به، بل عمل بعكسه صباحا مساء و يوم الأحد:

-         مُنع التظاهر في شارع بورقيبة بقرار، و قالوا: قرار حازم ضد اليسار.
-         تراجعت الحكومة عن القرار، و قالوا: لنضع حدا لمزايدات اليسار.
-         زادت الأسعار، و قالوا: سببها اعتصامات اليسار.
-         طالبوا بتطبيق الشريعة، و قالوا: شماتة في اليسار، و كأن قطاع الطرق و السرّاق من البرجوازية الصغيرة المكونة لقاعدة اليسار.
-         تخلوا عن المطالبة بتطبيق الشريعة، و قالوا: تنازلا تكتيكيا لإسكات اليسار.
-         لو تأخر رضيع في بطن أمه يوما، لَقالوا: خوفا من اليسار.
-         لو تسرّع رضيع و نزل في السابع، لَقالوا: هروبا من رحم اليسار.
-         لو حملت طالباتنا قبل الزواج، لَقالوا: فعلها من ورائنا اليسار.
-         لو ضاع بعير في الصحراء، لَقالوا لم يعقله اليسار.
-         لو قامت ريح في دوز، لَقالوا: أثار غبارها اليسار.
-         لو فرّ من تونس رأسمالي مستثمر أجنبي، لَقالوا: متواطئ مع اليسار.
-         لو حوّل السياح الأوروبيون وجهتهم طواعية إلى المغرب و إسبانيا، لَقالوا: مساندة لليسار.
-         لو تعطلت جامعة في تونس، لَقالوا: من تدبير اليسار.
-         لو هاجر أو قُتل أو مات و انقرض اليسار، لَقالوا: من يفعلها في نفسه غير اليسار.

الكل يعلم و حزب النهضة أوّل العالِمين أن اليسار برئ من كل ما يُنسب إليه من تُهم تعطيل عمل الحكومة الموقرة، و هذا ليس دفاعا على اليسار، فقد قلت في نقده ما لم يقله مالك في الخمر، و إنما هذا وصف لواقع نعيشه، و هو التالي: كيف لصفر فاصل أن يحرك كل قطاعات الدولة التونسية ضد حكومة النهضة (في الواقع تحركها الداخلية و الديوانة و الخارجية و القضاء و الإعلام و الجامعة و بيروقراطية الاتحاد و رجال الأعمال و المستثمرين الأجانب و وكالات السياحة المحلية و الخارجية)؟ لو كان اليسار بهذه القوة و التمكن و الانتشار في دواليب الدولة كما تقول النهضة، لاستلم الحكم منذ زمان! لعلّ محرك اليسار محرّكا نفاثا مزوّدا بوقود نووي أمريكي أو إيراني! أتمنى لليسار الثوري غير المنبت و غير الانتهازي أن يكون بهذه القوة التي يصفه بها حزب النهضة.

صحيح أنني أتعاطف مع اليسار النقابي القاعدي الثوري غير الانتهازي و غير المحترف، المنتمي و غير المنتم، و صحيح أنني  نشرت منذ ساعات في جداريتي كلمة يتيمة حلوة على اليسار العربي التونسي و المصري، و هي التالية: ضرورة تواجد اليسار في المجتمعات العربية الإسلامية كضرورة الملح في الطعام، قليله مُفيد و كثيره مُضرّ! و هل من المعقول أن نطمح يوما إلى جعل الملح أغلبية في الطعام؟ و في المقابل، هل من المعقول أيضا أن ننتظر يوما ينقطع فيه الملح عن الطعام؟ لا يتجنب الملح تماما في الطعام إلا مريض ضغط الدم، و ما أشبه حال التونسيين و المصريين اليوم بمرضى ضغط الدم و السكري و الكوليسترول.

السؤال المهم: لماذا يصرّ حزب النهضة على اتهام اليسار بكل ما يقع في البلاد و هو يعلم علم اليقين أن المعطِّل الأساسي يتجسّم في أركان النظام القديم المذكورة أعلاه بين قوسين؟

أجيب و رزقي على الله و على وزارة التربية و بعد ستة أشهر فقط سوف يُدفع مرتبي الشهري من الصندوق الوطني للتقاعد: منذ استلامه السلطة في تونس، استورد حزب النهضة نظارات طبية أمريكية قطرية سعودية، يرى بها الحبة من الملح (إشارة إلى المواطن اليساري التونسي) حجارة من سجيل حملتها طيور أبابيل في شارع بورقيبة يوم 9 أفريل.
أحتفظ برأيي النقدي لفصيلة السياسيين المحترفين من أمثال حمة الهمامي و شكري بلعيد و عبد الرزاق الهمامي و جلول عزونة و جوهر مبارك و الناصر العويني و راضية النصراوي.
أتعاطف فكريا مع بعض النشطاء السياسيين من أصدقائي اليساريين غير المحترفين، من أمثال رضا بركاتي و منذر غمام و الطيب بوعائشة و خليفة يحي و لمين البوعزيزي و بشير حمدي بشير و نجيبة بختري و النفطي حولة و ليلى طوبال و صالح كشكار و أسامة كشكار.
أتقابس مع كل المثقفين الديمقراطيين اليساريين و الليبراليين و القوميين و الإسلاميين القاعديين غير المنتمين و غير المؤدلجين الذين هم من طينة عبدكم الفقير ماديا محمد كشكار و من طينة بعض أصدقائي و صديقاتي من المواطنين البسطاء و الفقراء التونسيين.
يبدو لي أن حزب النهضة لا يرى إلا ما تريد له أمريكا و قطر أن يرى إلا في بعض الحالات التي ينزع فيها نظاراته المستوردة! و أمريكا ترى أن اليسار عدو الشعوب فهو إذن يردد وراءها كالتلميذ النجيب في روضة أو كتّاب: "اليسار عدو الشعوب"، موجها خطابه و مغازلا و مدغدغا لمشاعر الكراهية لليسار عند الصهاينة الأمريكيين و عملائهم العرب، الأمراء القطريون و السعوديون. و حتى يجعل حربوشة "كره اليسار" سهلة البلع على الغرب يضيف لها بهارات ستالينية.
يفرح الغرب و يهلل بالديمقراطية "النهضاوية" لأن بضاعته رُدّت إليه و لأن التلميذ الجديد حفظ درسه و استوعبه جيدا. لا يجرؤ حزب النهضة على اتهام السلفيين لأن الضوء الأحمر السعودي ما زال مشتعلا. و لا يجرؤ على اتهام الليبراليين البورقيبيين و التجمّعيين، لأن لهؤلاء  غربٌ أوروبي يحميهم و غرب أمريكي يضع بقية بيضه في سلتهم، سلّة البديل الوحيد المحتمل و المنتظر لحكم الإسلاميين.

واهم من يظن أن لليسار العربي مستقبل سياسي في العالم العربي الإسلامي، على الأقل على المدى القريب و المتوسط، أما المدى البعيد فعلمه عند الله و فلاسفته و مفكريه و علمائه و تقنييه الطبيعيين الماديين.
أطَمْئِن حزب النهضة و المنتمين إليه و المتعاطفين معه، و في الوقت نفسه أذكّرهم بأن اليسار - في جميع الدول الاشتراكية - لم يصل يوما إلى الحكم بالأغلبية باستثناء - على حد علمي - الاشتراكي الديمقراطي سلفادور الّندي في الشيلي و بعده أورتيڤا في نيكارڤوا. تسلم لينين الحكم في روسيا 1917 إثر ثورة قادها بأقلية قليلة من المناضلين الشيوعيين البولشفيين. و بعدها تحولت البلدان الأوروبية الشرقية إلى دكتاتوريات شيوعية إثر انقلابات قامت بها الأحزاب الشيوعية المحلية الأقلية بمساعدة قوية من الاتحاد السوفياتي.
أما في الدول العربية الإسلامية فحظ انتشار اليسار الحداثي الفقير ماديا قليل جدا في  الفوز في لعبة ديمقراطية (كما وصفناها في الفقرة الأولى من هذا  المقال). اليسار العربي لا يجيد هذه اللعبة و لن يجيدها حتى و إن أراد ذلك إلا إذا بدّل جلده بجلد متلون مستورد من أمريكا كما فعلت الحركات الإسلامية، عدوة الشيطان الأكبر بالأمس، و حليفته اليوم بعد الربيع العربي، ربيع أطلب من الله عز و جل - رب الإسلاميين و اليساريين و العَلمانيين و القوميين و الليبراليين و الناس أجمعين، ملحدين ولا أدريين و مسيحيين و يهود و بوذيين و شيعة و سنّة و إباضيين و دروز و بهائيين و صابئة و مرجئة و مجوس و هندوسيين - أطلب منه أن لا يديم هذا "الربيع" علينا على هذه الحالة من انعدام التشغيل و غلاء الأسعار و انعدام الأمن و فساد القضاء و عودة الرشوة و المحسوبية، و أملي كبير في أن دعوة المثقف المسلم اليساري العَلماني المستقيم الصادق الناسك الفقير ماديا ستحظى بالاستجابة بقدرة الله، و لن يخيّب الله أجر المحسنين، المحسنون المتصدقون لوجه الله بما رزقهم الله من علمه، لا يبتغون من ورائه جزاء و لا شكورا.

البصمة الفكرية للـد. م. ك
بكل شفافية، أعتبر نفسي ذاتا حرة مستقلّة مفكرة  و بالأساس مُنتقِدة، أمارس قناعاتي الفكرية بصورة مركبة، مرنة، منفتحة، متسامحة، عابرة لحواجز الحضارات و الدين و العرق و الجنس و الجنسية و الوطنية و القومية و  الحدود الجغرافية أو الأحزاب و الأيديولوجيات
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي

Mes deux principales devises dans la vie, du moins pour le moment :
-         Mohamed Kochkar : faire avec les conceptions non scientifiques (ou représentations) pour aller contre ces mêmes conceptions et en même temps auto-socio-construire à leurs places des conceptions scientifiques.
-         J. P. Sartre : Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites.

إمضاء جديد و محيّن للـ د. محمد كشكار

مواطن العالَم (أعتذر لكل المواطنين في العالَم غير الغربي على فعله و يفعله بهم حتى الآن، إخوانهم في الإنسانية، المواطنون في العالَم الغربي)، مسلم (أعتذر لكل المواطنين غير المسلمين على ما فعله بهم أجدادي المسلمون)، عربي (أعتذر لكل المواطنين غير العرب على ما فعله بهم أجدادي العرب) تونسي (أعتذر لكل المواطنين التونسيين على ما فعله بهم نظام بورقيبة و نظام بن علي طيلة سنوات الجمر الخمسة و خمسين)، "أبيض- أسود" البشرة (أعتذر لكل المواطنين السود في  العالَم  علىِ ما فعله أجدادي البيض بأجدادي السود)، يساري غير ماركسي (أعتذر لكل المواطنين غير اليساريين و لليساريين غير الماركسيين في  العالَم  علىِ ما فعله بهم رفاقهم الماركسيون اللينينيون الستالينيون الماويون)، و غير منتم لأي حزب أو أي أيديولوجيا ( أعتذر لكل المواطنين غير المنتمين حزبيا أو أيديولوجيا في العالَم عن كل خطأ ارتكبته في حقهم الحكومة و المعارضة و المتعاطفين معهما


مُلحق قصير - فرضته الأحداث الأخيرة بمنطقة سيدي بوزيد - بتاريخ 25 أكتوبر 2012
يبدو لي أن الحَراك الاجتماعي الذي يحدث هذه الأيام بمنطقة سيدي بوزيد، هو من صنع اليسار التروتسكي (أو اليسار غير الستاليني أو الاثنان معا).
و يبدو لي أيضا أن اليسار الستاليني دخل على الخط "الثوري" و قد عمّ الخير الآن كل الجبهة الشعبية.
الأكيد إعلاميا أن الجبهة الشعبية تحرّض و تتبنى جميع الاحتجاجات و الإعتصامات و الإضرابات الشعبية ضد الحكومة على كامل تراب الجمهورية بل و تفتخر بذلك كـ"أقوى" معارضة يسارية لـ"أقوى" حكومة يمينية.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire