لماذا لا تؤسس طبقة العمال بالفكر حزبا ناطقا باسمها و يقلع مثقفوها
"الطلائعيون" عن ركوب الظهر المنحني للطبقة البروليتارية العاملة بالساعد
؟ مواطن العالم د. محمد كشكار
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 22 أفريل
2012.
مقدمة:
غرانجيه: عالم الإبستمولوجيا الفرنسي، الذي حل - عام 1984 - محل ميشيل فوكو في
كرسيه في الكُوليج دو فرانس
Collège de
France
الكرسي الذي كان يُدعى: "تاريخ أنظمة الفكر"،
Histoire des
systèmes des pensées
حيث أمضى فوكو مدة ثلاث عشرة سنة يلقي دروسه العامة تحت هذا العنوان العريض.
يقول غرانجيه: "أود أن أقول لك بأن العلماء الذين يصنعون المعرفة - ما عدا استثناءات ضئيلة - لا يفعلون ذلك حبا بالسلطة، و إنما من أجل متعتهم الخاصة الذاتية. و بالتالي فلا ينبغي أن نعود إلى تلك الفرضية التي دعمها بعض الماركسيين لفترة طويلة في الماضي (أعتقد أنهم أقلعوا عن ذلك الآن) و التي تقول بأن هناك علما بورجوازيا و علما بروليتاريا و إن الأول فاسد لأنه يدعم الرأسمالية في حين أن الثاني هو وحده الصحيح... هذه فرضية باطلة و عقيمة".
يقول غرانجيه: "أود أن أقول لك بأن العلماء الذين يصنعون المعرفة - ما عدا استثناءات ضئيلة - لا يفعلون ذلك حبا بالسلطة، و إنما من أجل متعتهم الخاصة الذاتية. و بالتالي فلا ينبغي أن نعود إلى تلك الفرضية التي دعمها بعض الماركسيين لفترة طويلة في الماضي (أعتقد أنهم أقلعوا عن ذلك الآن) و التي تقول بأن هناك علما بورجوازيا و علما بروليتاريا و إن الأول فاسد لأنه يدعم الرأسمالية في حين أن الثاني هو وحده الصحيح... هذه فرضية باطلة و عقيمة".
تعليق و اقتراح:
لا لم يقلعوا بعدُ يا سيد غرانجيه، على الأقل عندما أتحدث عن الماركسيين
الأرتدوكسيين السلفيين الدوغمائيين المتزمتين المتعصبين التونسيين في تونس ما بعد
ثورة 14 جانفي 2012 و فيهم من النشطاء السياسيين من يقول أيضا بأن هناك فكرا
بورجوازيا و فكرا بروليتاريا. يبدو لي أن البروليتاري بالساعد هو شخص مظلوم و
مسحوق يعمل 8 ساعات في اليوم بأجر زهيد فلا يجد إذن وقتا للقراءة و التفكير و
التثقف. أما المثقف أو المفكر أو الباحث العلمي خاصة في الدول المتخلفة كتونس، فهو
بورجوازي صغير بتعريف الماركسية نفسها و لا ينتمي إلى الطبقة البروليتارية العاملة
بالمفهوم الماركسي النظري لكلمة "بروليتاريا"، و الغريب أن النشطاء
السياسيين الماركسيين لا يزالوا متشبثين بهذا التعريف الماضوي الذي يقصي المثقفين
من طبقة البروليتاريا و الأغرب أنهم يستثنون أنفسهم كبورجوازيين صغار لا بل يدّعون
أنهم طليعة البروليتاريا المناضلة و ينسون قولة ماركس الشهيرة "لا يحرّر العمال
إلا العمال أنفسهم". و يقول ماركس في مقام آخر: لا يمكن خلق وعي طبقي لدى
العمال من خارج طبقة العمال أو من المنسلخين من طبقة البورجوازية الصغيرة و
المنضمين قسرا و ثورجية إلى طبقة البروليتاريا العاملة بالساعد، كالمناضلين
الشيوعيين في الأحزاب العمّالية. إذن ماذا تفعل البورجوازية الصغيرة المثقفة
الانتهازية و المدجنة "الطلائعية" في الأحزاب الشيوعية العمالية سوى
المتاجرة بعرق العمال و تسويق خطاب ديماغوجي في صفوف الطبقة العاملة بالساعد و
سرقة ثورة هذه الأخيرة كما وقع في الثورة الروسية و الصينية و الكوبية على أيدي دكتاتوريين
مثقفين بورجوازيين صغار أمثال لينين و ستالين و ماو و كاسترو و شي قيفارا الذين
حكموا باسم ديكتاتورية البروليتاريا و هي في الواقع ديكتاتورية الحزب الشيوعي
البورجوازي الصغير على البروليتاريا العاملة بالفكر و الساعد و اسأل أيها القارئ البروليتاريا
السوفياتية و الصينية و الكوبية: ماذا فعلت بكم أحزابكم الشيوعية الأحادية و
المعصومة و ماذا ارتكبت من جرائم ضد البروليتاريا نفسها و ضد الإنسانية عموما و ضد
حركة التاريخ و ما تسببت فيه بممارساتها الخاطئة من تشويه للنظرية الماركسية
نفسها؟ يبدوا لي اليوم أن المثقف هُمّش إلى أقصى درجة و فُقّر إلى درجة أصبح يصحّ
نعته بالبروليتاري بالفكر و ليس بالساعد، مثل ما حدث لطبقة الموظفين في تونس،
أساتذة و معلمين و ممرضين و كتبة و غيرهم من الأصناف الذين أعتبرهم، أنا، ينتمون
إلى طبقة جديدة اسمها البروليتاريا بالفكر و ليس بالساعد و التي لم تكن موجودة أو
فقيرة بهذا الشكل الواضح في عهد ماركس و إلا لأضافها المنظر العبقري العظيم إلى
البروليتاريا عموما و لم يخصها بنعت محقّر "بورجوازية صغيرة" قابلة
للمساومة و المقايضة بقضايا العمال بالساعد. تمثل اليوم هذه الفئة من الموظفين
الفقراء ضحايا الرأسمالية المتوحشة، طبقة بروليتارية مستقلة و متماسكة فيما بينها،
تستطيع بصدق و دون انسلاخ أو انضمام إلى طبقة أخرى أن تتحالف مع البروليتاريا
العمالية بالساعد و مع الأجراء الفلاحين و الفلاحين الصغار و التجار الصغار. لذلك
وددت أن يغيّر حزب العمال الشيوعي التونسي اسمه و يفتح فتحا مبينا و يجدد و يطوّر
النظرية الماركسية المتكلّسة و يسمي نفسه حزب الموظفين المثقفين اليساريين الفقراء
البروليتاريين الجدد بالفكر و ليس بالساعد و هذا الاسم المقترح الجديد قد يعكس
حقيقة الجذور الطبقية لأعضائه و المتعاطفين معه ثم يتحالف إذا أراد مع حزب يمثل
العمال بالساعد و يتصدون معا بالفكر و الساعد للرأسمالية المتوحشة و للإمبريالية
الغربية و الآسيوية و الخليجية الجديدة. و هنا فقط نستطيع أن نقول أن فكر هؤلاء
المعذبون في الأرض، الذين مُورس عليهم نوعان من القمع، قمعا ماديا اقتصاديا و قمعا
معنويا لحرياتهم و تعتيما لإبداعاتهم، هو فكر بروليتاري بالمعنى ما بعد الحداثي
لمفهوم كلمة "بروليتاريا".
إمضائي
المختصر
أجتهد و أقرأ و أكتب و
أترجم و أنقل و أعلق و أنشر يوميا في الفيسبوك، أفعل كل هذا، لا حبا بالسلطة أو
المال أو المنصب أو الجاه، و إنما من أجل متعتي الفكرية الخاصة الذاتية و ما
أروعها من متعة، متعة عظيمة لا يساويها أجر مهما عَظُمَ، متعة حُرِم منها
السياسيون و الأديولوجيون و المثقفون المأجورون، مرتزقة السلطة.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 22 أفريل 2012.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire