lundi 12 août 2013

لماذا لا تؤسس طبقة العمال بالفكر حزبا ناطقا باسمها؟ مواطن العالم د. محمد كشكار


لماذا لا تؤسس طبقة العمال بالفكر حزبا ناطقا باسمها و يقلع مثقفوها "الطلائعيون" عن ركوب الظهر المنحني للطبقة البروليتارية العاملة بالساعد ؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 22 أفريل 2012.


مقدمة:
غرانجيه: عالم الإبستمولوجيا الفرنسي، الذي حل - عام 1984 - محل ميشيل فوكو في كرسيه في الكُوليج دو فرانس
Collège de France
الكرسي الذي كان يُدعى: "تاريخ أنظمة الفكر"،
 Histoire des systèmes des pensées
حيث أمضى فوكو مدة ثلاث عشرة سنة يلقي دروسه العامة تحت هذا العنوان العريض.
يقول غرانجيه: "أود أن أقول لك بأن العلماء الذين يصنعون المعرفة - ما عدا استثناءات ضئيلة - لا يفعلون ذلك حبا بالسلطة، و إنما من أجل متعتهم الخاصة الذاتية. و بالتالي فلا ينبغي أن نعود إلى تلك الفرضية التي دعمها بعض الماركسيين لفترة طويلة في الماضي (أعتقد أنهم أقلعوا عن ذلك الآن) و التي تقول بأن هناك علما بورجوازيا و علما بروليتاريا و إن الأول فاسد لأنه يدعم الرأسمالية في حين أن الثاني هو وحده الصحيح... هذه فرضية باطلة و عقيمة".

تعليق و اقتراح:
لا لم يقلعوا بعدُ يا سيد غرانجيه، على الأقل عندما أتحدث عن الماركسيين الأرتدوكسيين السلفيين الدوغمائيين المتزمتين المتعصبين التونسيين في تونس ما بعد ثورة 14 جانفي 2012 و فيهم من النشطاء السياسيين من يقول أيضا بأن هناك فكرا بورجوازيا و فكرا بروليتاريا. يبدو لي أن البروليتاري بالساعد هو شخص مظلوم و مسحوق يعمل 8 ساعات في اليوم بأجر زهيد فلا يجد إذن وقتا للقراءة و التفكير و التثقف. أما المثقف أو المفكر أو الباحث العلمي خاصة في الدول المتخلفة كتونس، فهو بورجوازي صغير بتعريف الماركسية نفسها و لا ينتمي إلى الطبقة البروليتارية العاملة بالمفهوم الماركسي النظري لكلمة "بروليتاريا"، و الغريب أن النشطاء السياسيين الماركسيين لا يزالوا متشبثين بهذا التعريف الماضوي الذي يقصي المثقفين من طبقة البروليتاريا و الأغرب أنهم يستثنون أنفسهم كبورجوازيين صغار لا بل يدّعون أنهم طليعة البروليتاريا المناضلة و ينسون قولة ماركس الشهيرة "لا يحرّر العمال إلا العمال أنفسهم". و يقول ماركس في مقام آخر: لا يمكن خلق وعي طبقي لدى العمال من خارج طبقة العمال أو من المنسلخين من طبقة البورجوازية الصغيرة و المنضمين قسرا و ثورجية إلى طبقة البروليتاريا العاملة بالساعد، كالمناضلين الشيوعيين في الأحزاب العمّالية. إذن ماذا تفعل البورجوازية الصغيرة المثقفة الانتهازية و المدجنة "الطلائعية" في الأحزاب الشيوعية العمالية سوى المتاجرة بعرق العمال و تسويق خطاب ديماغوجي في صفوف الطبقة العاملة بالساعد و سرقة ثورة هذه الأخيرة كما وقع في الثورة الروسية و الصينية و الكوبية على أيدي دكتاتوريين مثقفين بورجوازيين صغار أمثال لينين و ستالين و ماو و كاسترو و شي قيفارا الذين حكموا باسم ديكتاتورية البروليتاريا و هي في الواقع ديكتاتورية الحزب الشيوعي البورجوازي الصغير على البروليتاريا العاملة بالفكر و الساعد و اسأل أيها القارئ البروليتاريا السوفياتية و الصينية و الكوبية: ماذا فعلت بكم أحزابكم الشيوعية الأحادية و المعصومة و ماذا ارتكبت من جرائم ضد البروليتاريا نفسها و ضد الإنسانية عموما و ضد حركة التاريخ و ما تسببت فيه بممارساتها الخاطئة من تشويه للنظرية الماركسية نفسها؟ يبدوا لي اليوم أن المثقف هُمّش إلى أقصى درجة و فُقّر إلى درجة أصبح يصحّ نعته بالبروليتاري بالفكر و ليس بالساعد، مثل ما حدث لطبقة الموظفين في تونس، أساتذة و معلمين و ممرضين و كتبة و غيرهم من الأصناف الذين أعتبرهم، أنا، ينتمون إلى طبقة جديدة اسمها البروليتاريا بالفكر و ليس بالساعد و التي لم تكن موجودة أو فقيرة بهذا الشكل الواضح في عهد ماركس و إلا لأضافها المنظر العبقري العظيم إلى البروليتاريا عموما و لم يخصها بنعت محقّر "بورجوازية صغيرة" قابلة للمساومة و المقايضة بقضايا العمال بالساعد. تمثل اليوم هذه الفئة من الموظفين الفقراء ضحايا الرأسمالية المتوحشة، طبقة بروليتارية مستقلة و متماسكة فيما بينها، تستطيع بصدق و دون انسلاخ أو انضمام إلى طبقة أخرى أن تتحالف مع البروليتاريا العمالية بالساعد و مع الأجراء الفلاحين و الفلاحين الصغار و التجار الصغار. لذلك وددت أن يغيّر حزب العمال الشيوعي التونسي اسمه و يفتح فتحا مبينا و يجدد و يطوّر النظرية الماركسية المتكلّسة و يسمي نفسه حزب الموظفين المثقفين اليساريين الفقراء البروليتاريين الجدد بالفكر و ليس بالساعد و هذا الاسم المقترح الجديد قد يعكس حقيقة الجذور الطبقية لأعضائه و المتعاطفين معه ثم يتحالف إذا أراد مع حزب يمثل العمال بالساعد و يتصدون معا بالفكر و الساعد للرأسمالية المتوحشة و للإمبريالية الغربية و الآسيوية و الخليجية الجديدة. و هنا فقط نستطيع أن نقول أن فكر هؤلاء المعذبون في الأرض، الذين مُورس عليهم نوعان من القمع، قمعا ماديا اقتصاديا و قمعا معنويا لحرياتهم و تعتيما لإبداعاتهم، هو فكر بروليتاري بالمعنى ما بعد الحداثي لمفهوم كلمة "بروليتاريا". 

 إمضائي المختصر
أجتهد و أقرأ و أكتب و أترجم و أنقل و أعلق و أنشر يوميا في الفيسبوك، أفعل كل هذا، لا حبا بالسلطة أو المال أو المنصب أو الجاه، و إنما من أجل متعتي الفكرية الخاصة الذاتية و ما أروعها من متعة، متعة عظيمة لا يساويها أجر مهما عَظُمَ، متعة حُرِم منها السياسيون و الأديولوجيون و المثقفون المأجورون، مرتزقة السلطة.



تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 22 أفريل 2012.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire