jeudi 6 février 2014

يبدو لي أن شعبا لا يبادر، هو شعب واهم و كسول: التجرية "الجمنية" الرائدة نموذجا. مواطن العالم د. محمد كشكار

يبدو لي أن شعبا لا يبادر، هو شعب واهم و كسول: التجرية "الجمنية" الرائدة نموذجا. مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 6 جويلية 2012.

جل المعارضين التونسيين ينقدون السلطة و يغازلون الشعب لأنهم يسعون إلى السلطة عن طريق الشعب أما أنا فأنقد الشعب و لا أغازل السلطة لأنني لم أسع يوما و لا أسعى و لن أسعى البتة، لا لإرضاء الشعب و لا لإرضاء السلطة. أسعى فقط إلى تغيير المفاهيم غير العلمية بالتعامل معها بحذر لدى من يحملها و محاولة تعويضها قدر المستطاع بمفاهيم علمية بمساعدة من لديه رغبة في التحول المفاهيمي التقدمي و الإيجابي، من وجهة نظري الضيقة بطبيعة الحال.

Changement conceptuel progressiste et positif

يبدو لي أن الشعب الذي لا يعمل و لا يبادر و لا يشارك و لا يتطوع لحل أزمته، هو شعب واهم و كسول - مع احترامي للمناضلين الطيبين فيه المنتمين لجميع الحساسيات السياسية دون استثناء أحد، و هم كثر - هو شعب لا يستحق حرية و لا كرامة. الحرية و الكرامة ليست هدية تُمنح من الحكومة أو من الخارج بل هي تُكتسب و تُصنع بعقل عمالنا بالفكر و بعرق عمالنا بالساعد.

يقولون و أنا من المصدقين، أن العامل الألماني، بعد هزيمته في الحرب العالمية الثانية، كان يعمل 12 ساعة و يتقاضى أجر 8 ساعات فقط من أجل تصنيع بلاده و إعمارها بسرعة البرق للحاق بركب الدول الغربية المتقدمة و المنتصرة عليه. كذلك كان العامل الياباني و الكوري، يعملان 14 ساعة في اليوم مقابل أجر زهيد لا يكفي إلا لسد الرمق.

لماذا لا نتخذ هذه الشعوب الوطنية قدوة لنا و نصبر و نصابر و نعمل حسب جهدنا و نأخذ حسب حاجتنا حتى تنهض بلادنا و بعد ذلك نطالب بالزيادة في الأجر و تحسين ظروف العمل؟ لو لم نخلق ثروة بأدمغتنا و سواعدنا و نراكم رصيدا نقديا في البنوك، فمن أين سنأتي بالزيادة في الأجر؟ أمامنا حل واحد لا ثاني له و هو الاعتماد على المديونية و هي أوهى الحلول و هي مجلبة للتبعية و التفريط في كرامتنا و استقلاليتنا الوطنية.

رد استباقي جدي و حازم لمن سيقول لي أن مقارنتي بين الشعب التونسي و الشعب الألماني لا تجوز:
أسوق لكم مثالا تونسيا خالصا في الوطنية و التطوع و نكران الذات، مثال حدث في خضم ثورة 14 جانفي 2011، وقع في جمنة، بلدية تابعة لولاية قبلي، اعتصم أهلها 150 يوما من أجل استرداد حقهم في ملكية واحة واحدة تعدّ تسعة آلاف نخلة نوع دڤلة نور، افتكوها من متسوغ فاسد كان يستغلها بالرشوة و يكسب من ورائها نهبا و ظلما و بهتانا ملايين الدنانير سنويا، اعتصموا 150 يوما و لم يقطعوا طريقا و لم يحرقوا شجرة و لم يقتسموا أرض الواحة و لا نخيلها فوضويا رغم احتياجهم الشديد و كثرة العاطلين في القرية. تكونت في الإبان لجنة حماية الثورة (هذه اللجنة المحلية جدا ليست تابعة لرابطات حماية الثورة المتهمة بممارسة العنف ضد النقابيين في ساحة محمد علي و غيرها من الساحات) و منعت المتسوغ المخلوع من دخولها و حافظت على الواحة بل حسّنتها و لقحت و غلفت و داوت عراجين دڤلتها و باعت محصول خريف 2011 بمليون دينار، أكثر من العام السابق، و شغّلت العشرات من أبناء البلد العاطلين عن العمل و تعتزم الآن تكوين شركة و بناء مصنع للتمور في نفس البلدة. تتكون لجنة حماية الثورة من أساتذة و عمال و فلاحين و تجار، فيهم المصلي النهضاوي و المصلي القومي و المصلي المستقل و ناطقهم الرسمي، الذي لا يدعي رئاستهم و لا قيادتهم، زميلي و صديقي أستاذ الفرنسية المصلي اليساري النقابي القاعدي المستقل، مواطن جمني مسالم عادي، دمث الأخلاق و حسنها، مواطن يحظى بثقة جميع الحساسيات السياسية و العروشية في جمنة، كل أعضاء اللجنة متطوعون ليلا نهارا دون مقابل، عملوا بجد و صدق و شفافية لمدة عام أو أكثر و لا زالوا يسعون لتحقيق أهداف الثورة في سبيل المحافظة على المصلحة العامة و قد لاقوا المساندة الكاملة من كل أطياف القرية السياسية دون استثناء، لكن - و للأسف الشديد - لا زالت الحكومة الحالية تماطلهم و لم تمكنهم بعدُ من عقد كراء أرض دولية رسمي أو تفوّت لهم في هذه الواحة الواقعة على أرضهم بيعا و شراء. أعضاء لجنة حماية الثورة فاقوا العمال الألمان و اليابانيين و الكوريين في الوطنية و التضحية و نكران الذات و أصبح بعض أهالي قبلي ينعتونهم باليابانيين الجمنين، عملوا خارج أوقات عملهم الرسمي ليلا نهارا دون أجر، متطوعين لوجه الله خالصي النية و الفعل و تبرعوا بأكثر ما تبرع به العامل الألماني أو الياباني أو الكوري من أجل المصلحة العامة دون انتظار جزاء و لا شكورا من أحد.

بما أنني أصيل هذه القرية العريقة، جمنة، شاركت عن بعد في إنجاح هذا المشروع الثوري الجبار بما أقدر من مجهود متواضع جدا جدا، ماديا و معنويا و دعائيا، و لا زلت أتابع خطواته و أبارك طموحاته في إنشاء شركة رسمية تتولى إدارة المشروع و ما أثار إعجابي أكثر بجميع أعضاء لجنة حماية الثورة هو إصرارهم كلهم على عدم الترشح لشغل منصب في مجلس إدارة هذه الشركة المحتملة أو أي وظيفة مستقبلية في الشركة.

أشكر جميع أعضاء لجنة حماية الثورة بجمنة لأنهم وفروا لي فرصة تجسيم "مواطنتي العالمية" أفضل و أنفع تجسيم  قولا و فعلا: لقد ساندهم مدير أطروحتي بيار كليمان، الأستاذ المتقاعد من جامعة كلود برنار بليون 1 بفرنسا، بمعية زملائه من عديد الجنسيات و زارهم بواحة جمنة صحبة زميلة له من جينيف على ما أذكر بعد ما أرسل لهم تبرعا على شكل حوالة بمقدار ألف أورو، جمعها من زملائه المساندين للثورة التونسية التي تحققت على أفضل وجه بجمنة و يا ليتها تعممت بهذا الوجه في جميع أراضي "الطرابلسية" و أزلام النظام القديم بالشمال الغربي عوض المؤتمن العدلي المعين من الحكومة.

أدخل في الفقرة الموالية بكل حذر علمي و نسبية و احتراز عسى أن أقع في خطأ تحليلي أو منهجي أو أظلم مواطنا تونسيا شريفا دون قصد:
مع احترامي لعدنان الحاجي، القائد النقابي في الحوض المنجمي، و مع احترامي لحق الإضراب الشرعي، تصوروا معي أو احلموا معي، لو وقع نفس الشيء - الذي حدث في جمنة، مع فارق الآليات بطبيعة الحال و فارق الرهان الاقتصادي - في مناجم الفسفاط بالحوض المنجمي (بيعت الصابة السنوية لواحة جمنة بإشراف لجنة حماية الثورة خريف  2011 بمليون دينار، أما دخل شركة الفسفاط بڤفصة فيفوق تقريبا الثلاثة ملايين دينار يوميا و يكوّن هذا الدخل مع دخل مصانع كيمياء قابس حوالي 15 في المائة من الناتج القومي التونسي) ، لو تكونت لجنة حماية الثورة بالحوض المنجمي و تولت إدارة الشركة و زادت في الإنتاج و حافظت على التجهيزات و عقدت الصفقات مع الخارج مباشرة (في مدينة دوز المجاورة لقرية جمنة، يبيع بعض الفلاحين إنتاجهم من دڤلة النور مباشرة إلى شركات أجنبية دون وسيط بستة أورو الكيلوغرام الواحد (12 دينار تونسي) و ثمنه المحلي بدوز دينارين فقط) و تبرع المشرفون على الشركة الثورية و عمالها بأربع ساعات عمل زائدة يومية، لغة "لو"، لغة حالمة لكنها ليست مستحيلة التطبيق لو توفرت الثقة بين الحكومة و شعبها و لو صدقت النوايا لدى الاثنين، لو تحقق كل هذا الحلم لاستغنينا عن القروض الهزيلة و الهبات المسمومة من قطر و اليابان و أمريكا و الاتحاد الأوروبي و لَمَا اضطررنا لبيع اللاجئ السياسي الليبي البغدادي المحمودي بمائة مليون دينار (أنا لست ضد تسليمه لبلده، ليبيا، لكن بشروط حقوقية عالمية و إسلامية و دون مقابل و لو جنيها يتيما واحدا). لو ركّز المواطن التونسي على البناء و تجنب الهدم و الحرق و النهب و التكاسل و لو استقل بقراره عن الحساسيات السياسية لكسبنا الكثير الكثير، خاصة في ظل غلاء الأسعار العالمي للفسفاط و مشتقاته.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire