يبرّر السلفيون ما وصل إليه
العقل اليوم بما قيل بالأمس! نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار
المصدر:
كتاب "حفريات تأويلية في
الخطاب الإصلاحي العربي"، د. محمد الحدّاد، دار الطليعة للطباعة و النشر،
الطبعة الأولى، بيروت، 2002، 224 صفحة.
نص الكاتب صفحة 70:
أنهم يواصلون طريقة القياس
الفقهية و يقابلون بين تجارب تاريخية ماضية و تجارب معاصرة، فيغيب عندهم نقد
الماضي و المعاصر معا. فالخليفة يصبح رئيس دولة، و توزُّعُ السلطات الصادرة عنه
يصبح فصلا بينها، و الشورى تصبح ديمقراطية، و الانتماء الديني مواطنة، و رجال الدين
و أعيان الدولة نواب برلمان، وعملية البيعة الصورية انتخابا حرا مباشرا، .. إلخ!
إن هذه المقابلات المجانية تغطّي حقيقة الماضي وتنصّع صورته عوض أن تنقده لتفصل
محاسنه عن مساوئه، و هي أيضا تحجب الإشكالات الحقيقية المعاصرة، وإلا فمن قال إن
الديمقراطية المعاصرة هي أقصى ما يمكن أن يصل إليه العقل الإنساني؟ ومن قال إن
الانتخاب الحر المباشر هو النظام الأعدل للتمثيل؟ و من قال إن فصل السلطات لا ينتج
مشاكل؟ و في حين تطرح كل هذه الإشكالات في العلوم المعاصرة، يبرر السلفيون ما
وصل إليه العقل اليوم بما قيل بالأمس، و يبررون وضع الغد بما قيل اليوم، و
يظلون متأخرين دائما مرحلة عن التطور البشري، مع أن المفروض أن ننقد تجارب الأمس
من أجل غد أفضل، عوض أن نجرّد من الأمس صورة مثالية نريد فرضها على الغد، فيكون
مصير الأجيال في المستقبل مصير أجداده في الماضي، ونعيد التجارب من دون اتعاظ.
و هكذا فإن "الفكر السياسي
الإسلامي" لن يصبح فكرا سياسيا إلا إذا قبِل التخلص من المصادرات المجانية
التي ينطلق منها، و اليوتوبيا التي توجه رؤاه، لينخرط بوعي في إشكالات الفكر
السياسي الحديث، و ينطلق من التطلعات العربية، و ينقد الماضي بكل موضوعية، و إلا
فسنضيّع وقتا طويلا ونحن نبحث عن أشياء لا وجود لها، ونطرح إشكالات خاطئة ثم ننشغل
بالبحث فيها، ونستعمل مناهج قديمة تعيد إنتاج نفس الخطاب السائد... كل هذا و
التجارب في ماضينا و حاضرنا و من حولنا تتطور، و الوضع المعاش هو دون تطلعاتنا و
آمالنا.
تاريخ أول نشر على مدونتي و
صفحتيّ الفيسبوكيتين:
حمام الشط، السبت 8 فيفري 2014.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire