dimanche 9 février 2014

نساء مناضلات في "جمنة" الستينات. مواطن العالَم من أصل جمني د. محمد كشكار


نساء مناضلات في "جمنة" الستينات. مواطن العالَم من أصل جمني د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، في 2 جانفي 2010.

الإهداء: إلى المرحومة أمي يامْنَه بنت احْمِدْ بن احْمُودَه بمناسبة عيد الأمهات.

لم تضربني و لو مرة واحدة في حياتها. لم تنهرني و لم تصح يوما في وجهي. لم تلمني على ما فعلت في مراهقتي من تجاوزات في حقها و لم تشكرني على ما أديت من واجب نحوها. لم تقل لي بتاتا أحبك و لكنني كنت على يقين أنها تحبني حبا لا يوصف  و ربما يكون اليقين الدنيوي الوحيد في حياتي .

كنا خمسة أفراد في الدار عندما مات أبي سنة 1967, أمي و أخت كبرى ضريرة و ثلاثة أولاد, اثنين منهم في الثانوي و واحد في الابتدائي. عائلة دون عائل. لم تيأس و لم تمرّر لنا يوما بؤسها و معاناتها. واصلنا تعليمنا و كأن شيء لم يحدث. كانت تقوم بشؤون البيت و الغابة و تشتغل في نسيج "الحولِي" ليلا نهارا، صباحا مساءً و قبل الصباح و بعد المساء و ليس لها يوم أحد.

لا أذكر يوما خاصمَت فيه من أجلنا جارا أو جارة. لم تعلّمني أي شيء و علمتني كل شيء. أحببتها في حياتها إلى درجة العشق و تقاسمت معها منحتي الدراسية عندما كنت طالبا و تكفلت بها نهائيا عند التخرج و شاركني أخي الأكبر و أخي الأصغر في إعالتها و رعايتها في آخر سنوات عمرها. بعد التخرج و عند التعيين اصطحبتها معي إلى جزيرة جربة للعيش بجانبي. لم تطق الإنبتات من قريتها الجميلة "جمنة" فاحترمت رغبتها. بنيت لها حجرة محترمة في منزلنا القديم و انخرطت في شركتي الماء و الضوء من أجل عيونها.

لا تكتب حرفا و لا تقرأ كلمة و من تُربي أجيالا لا يليق بنا أن نطلق عليها صفة أمية. لم تتأثر لا من بعيد و لا من قريب بالثقافة الأجنبية، فهي تعبير عميق عن ثقافة تونسية عربية إسلامية إنسانية وطنية خالصة.

لم تكن أمي حالة فريدة من نوعها في ذلك الزمن و مثيلاتها بالمئات في قرية "جمنة" و في كل مدن و قرى تونس الحبيبة.

الهامش:
"جمنة": قرية جميلة تقع في الجنوب الغربي التونسي.
"الحولِي": نوع من الكساء الرجالي الصوفي الخارجي الأبيض (يشبه البرنس عندنا), يُصنع في الجنوب التونسي و يُصدّر إلى ليبيا.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire