فكرة مخالفة تماما للتأويل
السائد: قد يحدث التواصل بين المُخاطِب و المتلقي دون أن يفهم هذا الأخير خطاب المُخاطِِب!
نقل دون تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار
المصدر:
كتاب "حفريات تأويلية في
الخطاب الإصلاحي العربي"، د. محمد الحدّاد، دار الطليعة للطباعة و النشر، الطبعة
الأولى، بيروت، 2002، 224 صفحة.
نص الكاتب صفحة 25:
هناك شكل بالغ التبسيط
للإجراء التواصلي يُختزل كما يلي:
مُخاطب >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
متلق
شيفرة (لغة)
لا تتعدى مهمة المتلقي، حسب
هذا الشكل، فكّ الشيفرة (فهم اللغة مثلا) فتتحقق عملية التواصل.
أما الشكل الذي أنطلق منه
فيمكن اختصاره كالتالي:
مُخاطب >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
متلق
تشكّل خطابي
و عليه، لا تقتصر العملية على
فكّ شيفرات، بل هي استراتيجيا للسيطرة الرمزية و الذهنية، و هذه السيطرة ليت دائما
بحاجة إلى أن يفكّ المتلقي الشيفرة و أن يفهم، بل قد تتحقق بغياب ذلك، و أحيانا
بفضل ذلك الغياب (الأمثلة على ذلك وفيرة: كانت سيطرة الشعور الديني أقوى في
المجتمعات المسيحية عندما كانت الخطب الدينية تُلقى باللاتينية التي لا يفقهها
عامة الناس، و هذا هو اليوم وضع الشعور الديني الإسلامي في بعض البلدان
الآسيوية... إلخ).
و ينقسم هذا التأثير الذهني
إلى نوعين: نوع يتجه نحو الانفعال، و نوع يتجه نحو الحدس. الأول يمكن تسميته
"الإمتاع"، و الثاني "الإقناع" (هامشة 1، أسفل الصفحة: لعلنا
نجد في اتجاه العلوم العصبية الحديثة مستندا فيسيولوجيا لهذا التقسيم، من خلال
المقابلة التي أصبحت مقبولة بين عقل منطقي و عقل عاطفي). فالأول هو المحقق لوظيفة
التواصل الأدبي، و الثاني لوظيفة التواصل الموقفي. و التواصل الموقفي هو حمل المتلقي
على الاشتراك مع المُخاطِب في موقف معيّن و السيطرة على وعيه و على عالمه الذهني
كي يتكيف سلوكه مع مقتضيات ذلك الموقف و نتائجه العملية. و لا أستعمل كلمة
"إقناع" بمعنى معياري، بل أنتقد في الفصل السابع شاييم برلمان، أحد
منظري البلاغة الجديدة، لأنه يعتقد أن الإقناع يتأسس على الحجج الأقرب للتفكير
الرياضي، و المنطقي. إن الإقناع بهذا المعنى المضيّق لا يتعدّى حلقات الأكاديميين
و ما أشبه، أما الإقناع بشكله العام الأعم فلا يخضع، تماما مثل الإمتاع، لنموذج
نهائي ثابت للقابلية، لا النموذج الرياضي و لا غيره.
تاريخ أول نشر على مدونتي و
صفحتيّ الفيسبوكيتين:
حمام الشط، الاثنين 3 فيفري 2014.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire