نظام تربوي ناجح دون تفقّد
بيداغوجي! مواطن العالم د. محمد كشكار
تاريخ أول نشر على النت: حمام
الشط في 30 ديسمبر 2010.
معلومات مفيدة حول النظام
التربوي "الفنلندي" الناجح دون تفقّد بيداغوجي:
-
يُعتبر النظام التربوي الفنلندي أحسن نظام من بين
الأنظمة التربوية التي قيّمها البحث العالمي "بيزا" سنة 2003 PISA.
-
نظام تربوي متساو لأبناء المتوسطين و أبناء الميسورين
على السواء، تكون فيه الدراسة في المدرسة الأساسية إجبارية من سن 7 إلى 16 سنة.
-
دراسة مجانية مع مجانية الوجبة الغذائية في المدرسة و
مجانية النقل و مجانية كل الأدوات المدرسية.
-
بعد المرحلة الأساسية التي تدوم 9 سنوات، ينقسم التعليم
إلى نوعين من التكوين: تكوين نظري يُقدم في المعاهد الثانوية التي تفضي إلى
الجامعة و تكوين مهني يُقدم في المعاهد المهنية و يفضي إلى الحياة العملية و لا يُحضّر
التلميذ إلى للتعليم العالي.
-
ينعدم الرسوب في المدرسة الفنلندية لذلك يتمتع التلامذة
الذين يلاقون صعوبات في التعلّم بالمتابعة و المساندة من قبل أستاذ متخصص في
الميدان. يَحضُر هذا الخبير مع التلميذ في القسم ليرشده و يشدّ من أزره و يرفع
معنوياته أو يعمل معه أيضا خارج القسم.
-
ترتكز نجاعة هذا النظام التربوي على تحميل التلميذ
مسؤولية نفسه منذ الصغر و ترتكز أيضا على غياب التوتّر داخل المدرسة و في المنزل لانعدام
الرسوب و ندرة الواجبات المنزلية (يبدو أن مجموع ما يخصّصه التلميذ لإنجاز واجباته
المنزلية لا يفوق 5 ساعات في الأسبوع). يتميز النظام التربوي الفنلندي بالتكوين
الجيد للمدرسين الذين يدرسون سنتين علوم تربية بعد الأستاذية في الاختصاص.
-
عندما يخاطب التلميذ أستاذه، يقول له: أنت tu و ليس أنتم Vous. و لعل في هذا السلوك حكمة تتمثل
في عدم تقديس الأستاذ حتى يتمكن التلميذ من معارضته و نقده - إن لزم الأمر - بأدب و لياقة ، خاصة في مناقشة العدد المسند
إليه مثلا. و لا يسلّم التلميذ بكل ما يقوله الأستاذ دون شك و غربلة و مراجعة ضروريين
لكي يأخذ منه موقفا نقديا و يتدرّب على المعارضة و الجهر بكلمة لا. كلمة
"لا" هي أول كلمة في التوحيد - لا إله إلا الله - لو تفكّر
المؤمنون و واضعو البرامج التعليمية التونسية و المدرسون المنفذون للسياسة
التربوية.
-
يتوفّر التعليم العالي الفنلندي على نوعين من المؤسسات:
الجامعات التي تُعدّ الطالب للبحث العلمي و تقدّم مزيدا من التعليم النظري، أمّا
المعاهد متعدّدة التقنيات فهي تفضّل التطبيقات العملية. مثلا: يتخرج الطبيب من
الجامعة و يتخرج الممرّض من المعاهد متعدّدة التقنيات.
-
يُعفى الطالب في التعليم تماما من دفع الرسوم الجامعية و
يتمتع بمنحة دراسية، قد يُحرم منها عند الرسوب. قد لا تغطي هذه المنحة مصاريف و
احتياجات الطالب غير التعليمية فيضطر إلى ممارسة مهنة موازية أو يطلب قرضا عن
الشرف.
-
يُطبّق في فنلندا برنامج "الجامعة المفتوحة" - نفتقده للأسف
الشديد في تونس - الذي يسمح لغير الطلبة الكلاسيكيين بمتابعة دروس الجامعة بصفة
فردية. تستقبل هذه الجامعة طلبة أحرار من كل المستويات و كل الأعمار دون شروط
مسبقة نظير مقابل زهيد لا يفوق 60 أورو لكل درس يُنجَز
60
euros (l’équivalent de 120 dinars tunisiens
-
يرافق هذا التفوّق العالمي الذي تنفرد به المدرسة
الفنلندية، غياب التفقد البيداغوجي بصيغته التونسية الحالية في 2010. سوف أوافيكم
- بعد البحث الافتراضي - بمقال مفصّل أدافع فيه عن هذه المقاربة الفنلندية في
إلغاء نوع من التفقد البيداغوجي و أرفقه
بنداء عاجل أطالب فيه بإلحاح و عن اقتناع وزارة التربية التونسية بإلغاء التفقد
البيداغوجي بصيغته الحالية من المدارس التونسية الأساسية و الثانوية أمّا الجامعة
التونسية فهي - و لحسن حظها - خالية منه منذ نشأتها. للتوضيح، أنا لا أطالب بإلغاء
التفقد البيداغوجي جملة و تفصيلا بل أطالب بتحديد مقرّ نشاطهم في المراكز الجهوية
للتكوين المستمرCREFOC حيث يشرفون على تأطير و تكوين الأساتذة من قبل
أساتذة جامعيين أو مختصين من أساتذة الثانوي الأكفاء و هذا نشاط مهم و متكامل و مفيد
جدا. أودّ من كل قلبي أن لا يزوروا الأستاذ في القسم إلا للإرشاد العلمي و البيداغوجي
و التعلّمي و المساندة المعنوية و التشجيع و محاولة التقليل من آثار التوتّر الناتج عن مهنة التدريس
الشاقة و ظروف العمل القاسية و نقص التجهيز في المخابر و تدهور القدرة الشرائية للمدرّس.
أنا - بصدق و نية صافية - لا أحمل موقفا شخصيا عدائيا من التفقد و المتفقدين خاصة
بعد ما صالحني أحدهم مع نفسي و معهم بعد 20 عاما تدريس عندما طرق باب قسمي، و قبل
أن يدخل طلب مني بكل لطف و أدب و احترام الإذن في الدخول، و أذنت له طبعا و زادني أربع
نقاط و نصف في عدد التفقد ليصبح ثلاثة عشر و نصف. لكنني أحمل موقفا فكريا و وجهة
نظر "علمية" ذاتية - قد تكون خاطئة - من التفقد البيداغوجي بصيغته
التونسية الحالية. شخصيا أكنّ لبعضهم كل الاحترام و التقدير و التبجيل و أشهد
بكفاءتهم العلمية و البيداغوجية و التعلّميّة و أخص بالذكر ستة ممّن عاشرتهم و خبرتهم
من متفقدي علوم الحياة و الأرض. ثلاثة منهم تفقّدوني و عملت معهم في الوقت نفسه أستاذا
مُكوّنا. واحد منهم أنصفني أيّما إنصاف عندما زارني في القسم و زادني ثلاث نقاط و
نصف في عدد التفقد ليصبح 17 على 20 بعد ما ظلمني - قبلها بعشر سنوات - أيّما ظلم خلال زيارتين متقاربتين بشهر و خفّض
لي حينذاك العدد من 16 إلى 9 على 20. أما الثلاثة الآخرون فهم أصدقاء و زملاء
مرحلة ثالثة متخرّجون جدد من معهد قرطاج للتفقد و يتمتعون بكفاءة علمية عالية في
الاختصاص و في البيداغوجيا و في تعلّميّة البيولوجيا و يتميّزون بسمعة جيدة لدى
الزملاء التابعين لدوائر عملهم. أوجّه لهم من خلال هذا المقال تحياتي القلبية و
تمنياتي لهم بالنجاح في مهنتهم النبيلة. و الدليل القاطع أنني لا أكره التفقد و
المتفقدين، أنني ما تمنيت في حياتي أمنية أعظم من أن أمارس هذه المهنة النبيلة لكن
حسب المواصفات العلمية التي درستها أو اطلعت عليها أو سمعتها من أهل الذكر.
مصدر
من المصادر: Wikipédia
إمضاء م. ع. د. م. ك.
يطلب الداعية السياسي أو
الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي -
أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم
بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و
على كل مقال ناقص أو سيء نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو
الرمزي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire