vendredi 8 novembre 2013

هل ما زالت مفاهيم القومية والماركسية صالحة لوصف مجتمعنا العربي؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

هل ما زالت مفاهيم القومية والماركسية صالحة لوصف مجتمعنا العربي؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

المصدر:
كتاب "كي لا نستسلم"، تأليف: ريجيس دوبريه وجان زيغلر، ترجمة: رينيه الحايك و بسام حجار، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، 1995، 117 صفحة.

ملاحظة منهجية هامة:
لقد استعرت نص المؤلفين المبعثر كحامل هيكلي لنصي الشخصي التالي.

نص م. ع. د. م. ك:
ما يذهلني، يا صديقي القارئ العربي، كمثل انطباع يتولد لديّ دون أن أدرك مراميه بوضوح، هو نوع من التناقض الجوهري نحياه - نحن العرب - اليوم، مهما اختلفت جنسياتنا الوطنية. فثمة توحيد للعالم العربي، توحيد مصطنع للعالم العربي، توحيد للعالم العربي بالصورة و الأقمار الصناعية و شركات الاتصالات و المواصلات (قنوات الجزيرة والعربية و الميادين و قنوات نيل سات المصرية المختلفة و المتعددة و فرانس 24 و ب. ب.س و روسيا اليوم و جميع الفضائيات الحكومية العربية من تونس إلى السودان مرورا بالعراق و سوريا ولبنان و الخليج)، توحيد على مستوى المشهد فقط يتسلل إلى أبعد القرى النائية في صحراء تونس و الجزائر و ريف المغرب الأقصى و الربع الخالي في السعودية مثلا. إذ تُنقل إلينا الصور من عمق الشرق العربي أو تُنقل لهم من عمق المغرب العربي خلال عُشر من الثانية.

للوهلة الأولى نحسب أن مثَل هذا التقدم التقني من شأنه أن يحفّز ولادة وعي قومي شامل، مع كل ما يترتب على هذا الوعي من معرفة للعربي البعيد، والانفتاح عليه، و إدراك الاختلاف معه و قبوله، لا بل قيام نوع من الوحدة و التضامن العربي مع العربي الآخر الذي ننظر إلى شقائه ومعاناته اليومية ونبصره فنتعرف على حقيقة صراعاته مع الأنظمة العربية غير الديمقراطية و العدو الصهيوني و التعصب الديني الوهابي السعودي و الديكتاتورية العسكرية الأسدية و السلفية الجهادية الإسلامية-إسلامية المسلحة المحلية و الوافدة، في سوريا و العراق و السودان و الصومال، هذه السلفية التي تتجاهل أو تتغافل على عدو يقع على مرمى حجر من دمشق، عدو إسرائيلي يغتصب العرض و الأرض منذ 65 سنة أي منذ 1948 تاريخ تأسيس الكيان الإسرائيلي العنصري الاستيطاني - المتكون أساسا من يهود الشتات الوافدين الجدد من الدول الغربية و العربية - على أرض فلسطين العربية المقدسة لدى السكان الأصليين منذ قرون من يهود ومسيحيين و مسلمين.

للأسف الشديد، ما عادت مفاهيم القومية والماركسية صالحة لوصف مجتمعنا العربي. فالماركسية تبقى رغم ذلك أداة تقنية للتحليل أحسب أنها ذات فائدة لبعض مراحل التاريخ العربي المعاصر، و إني لا أرضخ طوعا، على سبيل المثال، لشطب مفهوم الطبقة الاجتماعية أو مفهوم القيمة المضافة بجرة قلم و كأنه لم يكن، لكنني لم أعد أؤمن بجل مبادئ الماركسية مثل ديكتاتورية البروليتاريا و الحزب الطلائعي الأوحد و الزعيم المعصوم و الحتمية المادية و الحتمية التاريخية و انقراض الدولة و الديمقراطية المركزية اللينينية. أما على الصعيد الفكري، فما عادت الماركسية تعني لي الشيء الكثير. و بوصفي يساريا غير ماركسي، أدين لها بخرافة رائعة، و بأجمل سنين شبابي، و بذكريات إخاء و تضامن و صداقة مذهلة، و باحترام عميق للمناضلين الماركسيين و أخص بالذكر منهم النقابيين القاعديين في الاتحاد العام التونسي للشغل الذين عاشرتهم و خبرتهم و عملت معهم طيلة 28 سنة من النضال النقابي القاعدي المشترك صلب نقابة أساتذة الثانوي. إنها عدة أخلاقية و عاطفية. أما على الصعيد المفاهيمي فقد أصبحت باطلة. لقد كان ماركس يؤمن بأن الإنسان هو، أساسا، عامل أو بورجوازي، وأن العامل الإسرائيلي ينبغي أن يكون تبعا لذلك، حليف العامل الفلسطيني. و إذا بالواقع يأتي على الضد تماما من هذه الفرضية، فقد اغتصب العامل الإسرائيلي المستوطن المسلح أرض أخيه العامل الفلسطيني الأعزل، و حارب العامل العراقي أخيه العامل الإيراني، و تقاتل العامل الجزائري العَلماني مع أخيه العامل الجزائري الإسلامي و كذلك فعل السوري مع السوري و الصومالي مع الصومالي و السوداني مع السوداني و العراقي مع العراقي و الليبي مع الليبي و أتمنى أن لا تعم هذه الفوضى باقي البلدان العربية الأخرى. حقيقة أن الهوية الإسلامية المذهبية (سني، شيعي، سلفي، صوفي، إباضي، وهابي) تبدو خلال كافة الحروب الأهلية العربية الحالية الحادة، أصلب بكثير من الانتماء الطبقي، عكس ما تنبأ به ماركس و لينين.

الإمضاء:
"لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه" عبد الله العروي.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 8 نوفمبر 2013.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire