samedi 23 novembre 2013

سؤال إلى دعاة تطبيق الشريعة الآن: أيهما أفضل، تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها في ظل حكامنا العرب المعاصرين؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

سؤال إلى دعاة تطبيق الشريعة الآن: أيهما أفضل، تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها في ظل حكامنا العرب المعاصرين؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 20 مارس 2012.

شاركت اليوم، الثلاثاء 20 مارس 2012، في مظاهرة عظيمة بآلاف التونسيين، المدنيين السلميين البسطاء المستنيرين، للمطالبة بتأسيس دولة مدنية ديمقراطية، لا دولة دينية رجعية و لا دولة عسكرية دكتاتورية و ذلك بمناسبة إحياء ذكرى عيد استقلال تونس في 1956.

تصوّروا معي هول الكارثة، لو طبّق نظام "بن علي" الشريعة على التونسيين منذ 1987(و قد فعلها في السودان زميله عمر البشير بمباركة حسن الترابي)، لو طبّق الحدود و تمادى في حكمه الظالم 23 عاما رغم معارضة الإخوان و العَلمانيين و الشيوعيين و القوميين. فماذا سيحدث يا ترى؟ ستحدث كوارث رهيبة لن يصلحها التاريخ و الثورات أبدا! سوف يبدأ بقطع الرؤوس قبل قطع الأيادي. سوف يحكم بعض قضاته الظالمين المرتشين بالإعدام شنقا على الغنوشي و الجبالي و ديلو و البحيري و بن سالم بتهمة الخروج على الحاكم المسلم، و بالإعدام رميا بالرصاص على حمة الهمامي و زوجته راضية النصراوي و منصف المرزوقي و نجيب الشابي و مصطفى بن جعفر بتهمة العَلمانية و الكفر و الإلحاد.

سوف تتهم نيابته العمومية المنحازة المناضلين القاعديين اليساريين و الإسلاميين و القوميين و تُلصق بهم و تُلبِسِهم قضية سرقة بسيطة و يحكم بعض قضاته الظالمين المرتشين بقطع أياديهم جميعا.

و في حصيلة عهده الإسلامي المطبّق للشريعة، سنفقد خيرة زعمائنا و مناضلينا من اليساريين و الإسلاميين و القوميين و سيصبح مناضلونا القاعديون معوقين عضويين. حصيلة ثقيلة لا ينفع فيها محاسبة أو مصالحة أو تسامح!

أثري مقالي ببعض ما قاله الفيلسوف أبو يعرب المرزوقي في هذا المضمار في برنامج الشريعة و الحياة في قناة الجزيرة  و قد يصبح المعنى - عند ما أصوغه بتصرف - غير مطابق حرفيا لما قاله الأستاذ بالضبط:
-         و للشريعة في الواقع وجهان: وجه تربوي و وجه ردعي. فلو طوّرنا الوجه الأول فقد نستغني عن الوجه الثاني لأن عندما يكبر الوازع الذاتي التربوي الأخلاقي تنقص الحاجة للوازع الخارجي الردعي. (إضافة م. ع. د. م. ك: و ما أحوجنا الآن إلى الوجه التربوي أكثر من حاجتنا إلى الوجه الردعي وربما لن نحتاج هذا الوجه الجزائي تماما).

-         بعد موت النبي المعصوم محمد, أصبحت الجماعة أي الأمة هي المسؤولة الوحيدة عن الشريعة. فالجماعة إذن - و ليس الفقيه أو السلطان - هي التي تختار بحرية تطبيق الشريعة و هي التي تراقب التطبيق في نفس الوقت, هي الديمقراطية و دولة القانون و المؤسسات بالمعنى الغربي للكلمة و ليس بالمعنى العربي المشوّه. لو احتكر الحاكم سلطة الدين و سلطة القانون فسيصبح لا محالة طاغية.

-         قد يسبّب اختلاف الشريعة مع الواقع نوعان من الانفصام لدى الإنسان: انفصام محمود و انفصام مذموم. الانفصام المحمود يرى أن الشريعة تمثل المثال المتعالي عن الواقع الذي نسعى دائما لتحقيقه مع العلم أن الشريعة لم تتحقق كاملة متكاملة في أي لحظة من تاريخ المسلمين منذ الرسالة حتى الآن و لن تتحقق لأنك ستجد دائما من يخالفها عن قصد أو عن عجز أو عن جهل أو عن كفر أو عن إلحاد أو عن مرض. أما الانفصام المذموم دينيا فيرى أن لا حاجة لنا لمثال نسعى لتحقيقه و لن نحققه فنكتفي إذا بواقعنا و نحاول تحسينه و هذه سياسة الرأسمالية الذي ينعتها "فوكوياما" بنهاية التاريخ.

-         البدو غير المتحضرين هم أبعد الناس عن الشريعة لأنهم أبعد الناس عن التمدّن و فهمهم للدين منافي للشريعة التي لا يرون منها إلا قطع اليد و إقامة الحد.

خاتمة:
أنهي مقالي بطرح الإشكالية التالية: ماذا ستكون حصيلة تطبيق الشريعة (إعدامات + إعاقات) في ظل حكم حزب حركة النهضة؟ حتما ستكون أفظع من حصيلة تطبيقها في ظل النظام البائد، و ذلك للأسباب التالية: بعد الثورة، عمت الفوضى و زاد الفقر و انتعش الجهل و استفحلت الرشوة و قل العمل و أصبح الكسل تعبيرا عن الرأي و كبُر عدد القضاة الظالمين المرتشين و تحصن خارقو القانون من الأمنيين بالنقابة و القانون. عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، علق تطبيق الحد على السارق لأقل مما أصابنا بعد الثورة، علقه كامل عام المجاعة (عام الرمادة). فإذا كان عمر بن الخطاب - المشهور بعدله - قد علق تطبيق الشريعة لمدة عام، فماذا سيفعل حكامنا العرب المعاصرون، المشهورين بظلمهم؟


إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم غير العلمية و على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire