vendredi 15 novembre 2013

وجهة نظر شخصية حول نظرية الإعجاز العلمي في القرآن. مواطن العالَم د. محمد كشكار

وجهة نظر شخصية حول نظرية الإعجاز العلمي في القرآن. مواطن العالَم د. محمد كشكار

يكفي القرآن الكريم شرفا عند المسلمين أنه كتاب إيمان و هداية، يحثّ و يشجّع على العلم و العمل و إعمال العقل و لن يزيده رفعة و شرفا احتواءه للاكتشافات العلمية الحديثة المادية البشرية و لن ينتقص من قيمته الروحية عند المسلمين خلوّه من النظريات العلمية الحديثة التي لا ترتقي في مجملها إلى حقائق ثابتة ثبوت النص المقدّس.

يهدف القرآن إلى بناء علاقة روحية (عمودية سرية  شخصية و متعالية على العقل و العلم و المادّة) مع المسلم العالم و الجاهل على حد السواء ليهديه و يجذبه و يقرّبه من ربه. أما العلم فيبني علاقة ظرفية شكّية أفقية عمومية مشتركة و نديّة مع الإنسان مسلما أو غير مسلم ليربطه بواقعه المادّي المحسوس و يشدّه إلى جذوره المادية الطبيعية. لن يزيد المسلم إيمانا فوق إيمانه، اتساع القرآن ليشمل نظرية النشوء و الارتقاء  لداروين أو نظرية النسبية لأينشتاين، كما لا ينقص إيمانه عدم وجود النظريتين بوضوح في النص المقدّس. و المسلم الذي ينتظر من القرآن شواهد و إثباتات علمية مادية محسوسة و واضحة حتى يسلّم بإعجازه و مصدره الإلهي هو إنسان مادّي بالقوة (en puissance) و "قد" يلتقي في شكّه مع الملحد. الملحد هو الذي لا يؤمن بالقرآن كتابا مقدّسا و الذي يؤكد جازما أن هذا الكتاب بشريّ لأنه لا يحتوي البتة على حجج و قرائن مادية مقنعة و دالة على وجود خالق وراء هذا الوجود المادي المحسوس و غير المحسوس و المرئي و غير المرئي. أما الملحد الذي يبحث في الغيبيات و يحاول تكذيب عقيدة غير مادية مستعينا بمنطق مادي فهو مؤمن بالقوة  لكنه ضعيف الإيمان.

لنفرض جدلا أن كل الاكتشافات العلمية الغربية البشرية الحديثة موجودة في القرآن الكريم منذ 14 قرنا. فهل هذه الحقيقة تضيف شيئا من الاستحقاق العلمي للمسلمين المعاصرين الذين لم يشاركوا في صنع هذه الاكتشافات؟ و هل تضيف شيئا إلى قدرة الله الذي يقول للشيء: "كن فيكون"؟ و لماذا لا نقول الحق كما أمرنا رسولنا الكريم صلوات الله عليه و ننسب المجهود إلى أصحابه، علماء الغرب الذين ألهمهم الله - أليسوا من عباده الصالحين؟ - فاجتهدوا و عملوا و نجحوا بواسطة جهدهم البشري و وصلوا إلى صنع العلم و بناء المعرفة و سهروا و حرصوا على تطويرهما؟ أما نحن المسلمين العرب المقيمين في بلدان إسلامية، فقد فشلنا أيما فشل في بناء العلوم و صنع أبسط الآلات، و لم يبق لنا سوى الادعاء الكاذب و انتحال صفة العلماء الغربيين (مسلمين و غير مسلمين) و نسبة اكتشافاتهم لأنفسنا زورا و بهتانا، و الله - سبحانه و تعالى - غني عن عملهم و عملنا، و وجوده ليس مرتهنا إلى دليل مادي و لا يحتاج إلى برهان علمي إلا لدى ضعاف الإيمان من أمثالنا و لكنه في الوقت نفسه كريم و سيجازي العلماء الغربيين على ما فعلوه من أجل تقدم و رقي البشرية و سيلوم المسلمين المتقاعسين على ما فعلوه بأنفسهم.

و أخيرا أنوّه بالعلماء الغربيين المسلمين الذين شاركوا زملاءهم العلماء الغربيين غير المسلمين بناء العلم و المعرفة (و ليس اكتشافهما كما يُقال خطأ) و أشد على أياديهم و أقول لإخوانهم المسلمين المقيمين في البلدان الإسلامية، باستثناء ماليزيا: ما فعله إخوانكم المسلمين المقيمين في البلدان العَلمانية الديمقراطية هو الإعجاز العلمي بعينه، فعلوه بالعمل و المثابرة في المخابر العلمية الغربية جنب زملائهم العلماء غير المسلمين، و لم يفعلوه بالتعسف و الإسقاط في تأويل آيات القرآن الكريم،  القرآن المنزّل النهائي هو كتاب يقين و  إيمان و لا يجوز حسب رأيي مقارنته بكتب العلم البشرية المبنية أساسا على الجائز و الطارئ و الشك و الخطأ و الصواب، و الإيمان أرقى ألف مرة من العلم لو كنتم تفقهون!

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الجمعة 15 نوفمبر 2013.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire