jeudi 4 mars 2021

محاضرة لـ"أنتون ﭬراو" بعنوان "التفقد البيداغوجي في مختلف الأنظمة التربوية في العالم" (نموذج التفقد المركزي). ترجمة المؤلف مواطن العالَم والديداكتيك

 


Source : Conférence d’Anton DE GRAUWE, spécialiste des programmes, Institut International de la planification de l’éducation, UNESCO.

Titre de la conférence : L’inspection dans différents systèmes éducatifs à travers le monde.

سأعرض عليكم أربعة نماذج نمطية مثالية من التفقد في العالم حتى تقارنوا بينها:

1.    نموذج التفقد المركزي

-         يطبق هذا النموذج حاليا في انقلترا وبلاد الغال والبلدان الأنـلوسكسونية وزيلندا الجديدة وأستراليا.

-         يتكون فريق التفقد من 12 متفقدا. تُراقَب المدرسة كل ثلاث سنوات. يتفقد فريق التفقد التجهيزات وطرق التعليم والنتائج وغيرها ويبعث بتقريره إلى الوزارة وينشره على الأنترنات دون ذكر أسماء المدرسين  المعنيين (كما فعلت أنا عندما قمتُ بنقد سلوكيات  بعض المتفقدين الذين زاروني خلال حياتي المهنية الطويلة -37 سنة- ونشرت نقدي على صفحات الفايسبوك. هؤلاء المتفقدون أصبحوا جزءا من حياتي كأدوار وليس كأشخاص لذلك يجوز لي ذكرهم ونقدهم ما لم أتعرض لحياتهم الشخصية التي ليست لها علاقة مباشرة بحياتي المهنية وهذه الأخيرة هي  ملك لي وحدي فقط ولي حق التصرف فيها بكل حرية).

-         فريق التفقد يرتب المدارس على النت حسب نتائجها. قد يخلق هذا التمشي منافسة بين المدارس مما قد ينجرّ عنه تحسن الأداء التربوي في بعض المدارس المتخلفة نسبيا أو ينتج عنه غلق بعض المدارس الفاشلة لأن الأولياء سيختارون المدرسة الأكثر تفوقا.

-         ما دام الأولياء هم الذين يموّلون المؤسسات العمومية فمن حقهم معرفة مصير تمويلاتهم.

-         يُطلَب من المدرسة تقديم تقييم ذاتي قبل مجيء التفقد بشهرين لذلك تقوم المدرسة المقصودة بـ"بروفة" تقيّم فيها نقاط قوتها لعرضها وإبرازها ونقاط ضعفها لتحسينها.

-         بعد نشر التقرير على الأنترنات، قد تكتسب المدرسة المتفوقة سُمعة طيبة لدى الأولياء ويزداد  مدرسوها ثقة بالنفس، أما المدارس الأقل تفوقا، فهي مطالبة بإعداد خطة للدعم والعلاج حسب توجيهات فريق التفقد: مثلا لو كانت المدرسة المعنية تشتكي من مشكل العلاقات مع الأولياء قبل التفقد ويكتشف فريق التفقد خللا آخر فيها، مثلا مشكل في تدريس الرياضيات فعليها إذن الإسراع بإصلاح مشكل الرياضيات قبل مشكل الأولياء تماشيا مع توصيات فريق التفقد الموافِقة لتعليمات الوزارة.

-         يتمتع سلك التفقد ببعض الاستقلالية في إصدار قراراته.

-         يحتكر الجهاز المركزي للتفقد مهمة التفقد في الوطن فلا وجود إذن لمتفقدين على المستوى الجهوي أو المحلي.

-         تتمتع المدارس بنوع من التسيير الذاتي مع توفر ميزانية خاصة لتمويل مشاريع التكوين لإطاراتها الخاصة كتكليف جامعة أو شركة تكوين خاصة للقيام بهذه المهمة.

ما هي نقاط القوة في نموذج التفقد المركزي ؟

-         توزيع المهام الواضح: تقتصر مهمة فريق التفقد على المراقبة فقط وتُترك مهمة الدعم والعلاج للمدرسة نفسها. ألغِي الدعم البيداغوجي  وبقيت المراقبة الإدارية.  ولو اجتمع الدوران في شخص واحد، فقد يفقدان نجاعتهما مثل ما هو جارٍ به العمل في النموذج الكلاسيكي الأول المطبق في فرنسا وتونس.

-         التخفيف من ثقل البيروقراطية: يمتاز هذا النموذج بأقل عدد من المتفقدين على المستوي الجهوي والمحلي لأن فريق التفقد مجمّع في وحدة مركزية تراقب كل مدارس الجمهورية.

-         يحمّل هذا النموذج كل مدرسة مسؤولية إيجاد حلول ملائمة لمشاكلها.

ما هي نقاط الضعف في نموذج التفقد المركزي ؟

-         تعاني المدارس الضعيفة من غياب الدعم المقدم لها: مثلا مدرسة لا تتمتع بمساندة الأولياء لأنهم مهاجرون جدد مثلا ولا يعرفون اللغة أو مدرسوها يرغبون في مغادرتها لضعف نتائجها لذلك يصعب على هذه المدرسة اختيار وتطبيق الحلول الناجعة لتخطي أزمتها وتحسين النظام التربوي داخلها. تحتاج هذه المدرسة لدعم خارجي يقود خُطاها لشاطئ السلام. أضِف إلى هذه المشاكل ما ينجرّ عن الرتبة السيئة التي تحصلت عليها المدرسة بعد التفقد فقد تُخفَّض ميزانيتها لضعف مساندة محيطها وقد تهجرها أفضل الأدمغة التلمذية بحثا عن مدارس أفضل.

-         ينتج عن هذا النموذج من التفقد المركزي كثيرٌ من التوتر المسلط على المدرسة وعلى مديرها. يأتي هذا التوتر من الشعور بالنقص ومن الوعي بانعدام الإمكانات للخروج من المأزق في بعض المدارس المحرومة.

-         قد يساهم هذا النموذج من التفقد المركزي بصفة سلبية في تحديد مستقبل المدارس الضعيفة مما قد يخلق فروقا كبيرة بين المدارس المتفوقة والأقل تفوقا. قد يخدم هذا النموذج المدارس المتفوقة على حساب المدارس الضعيفة: يجلب للأولى عددا أوفرا من التلامذة المتفوقين مما يجعلها في وضعية مريحة جدا تمكّنها من اختيار الأفضل وتحصل على تلامذة متجانسين مما قد يحسّن نتائجها بصفة سريعة وملحوظة. وفي المقابل، قد تتفاقم مشاكل المدارس الضعيفة وتتراكم لأن هذا النموذج من التفقد المركزي يكتفي بكشف عيوبها ولا يساعدها على تخطّيها.

Un long article à suivre demain et après demain…

 

المصدر: كتابي، الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي - سَفَرٌ في الديداكتيك وعِشْرَةٌ مع التدريس (1956-2016)، طبعة حرة، 2017 ، 488 صفحة (ص.ص. 116-119).

 

إلى المنشغلين والمنشغلات بمضامين التعليم:

نسخة مجانية من كتابي "الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي" على شرط التسلم في مقهى الشيحي أو نسخة رقمية لمَن يرغب فيها ويطلبها على شرط أن يرسل لي عنوانه الألكتروني (mail).

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire