samedi 13 mars 2021

قاهر وزارة التربية الفرنسية: أستاذ ثانوي يسند لكل تلامذته دوما 20 على 20. المؤلف مواطن العالَم والديداكتيك

 


الزمان: العشرية الأولى من القرن 21

المكان: معهد ثانوي عمومي بباريس

البطل: أستاذ ثانوي مختص في تدريس التاريخ

Pascal Diard

Lycée Suger à Saint Denis

الخبر كما وصلني بالسماع وليس بالمعاينة:

أستاذ أقام وزارة التربية الفرنسية منذ سنوات ولم يقعدها حتى الآن لأنه قرر فجأة أن يسند لكل تلامذته دوما 20 على 20 في كل الامتحانات الرسمية وغير الرسمية داخل المعهد الذي يدرّس فيه بباريس. حجته في ذلك أن الأعداد الجزائية المسندة إلى التلامذة هي بالأساس أعداد تقييميه اعتباطية وقد تصدم التلميذ أو تؤلمه أو تحبطه أو تخيفه أو تفزعه، لذلك رأى بطل قصتنا وارتأى أن واجبه يحتم عليه عدم إرباك أحبته التلاميذ.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الأستاذ المتنطع والثائر على قوانين وزارة التربية الفرنسية يرى أن لا وصاية على الأستاذ في المسائل البيداغوجية ومن بين هذه الأخيرة حرية إسناد الأعداد كما يشاء هو لا كما يشاء وزير التربية.

حتى ولو لم أجرؤ طوال حياتي المهنية على فعل ما فعل لكنني تمنيت في داخلي أن أفعل ما فعل، فأنا متعاطف مبدئيا مع زميلي الفرنسي وأؤيد تبريره المنطقي دفاعا عن سيادة وحرية الأستاذ داخل قسمه واقتناعا مني باعتباطية الأعداد . تظهر هذا الاعتباطية أساسا في أن مَن يسند الأعداد ويقيّم التلاميذ لم يدرس أكاديميا و لو شهرا واحدا "علم التقييم" فمدرّسنا إذن مثَلُه كمَثَلِ "تاجر يقدّر وزن سلعة دون ميزان"، أتوجد اعتباطية أكثر من هذه الاعتباطية ؟

حاولت الوزارة ثنيه عن صنيعه هذا فلم تفلح في ردعه، لا بالجزرة ولا بالعصا. قاموا بتفقده قصد إرهابه 8 مرات خلال 11 عاما تدريس. عرضت عليه الوزارة الاستقالة من التدريس والقيام بعمل إداري فرفض. "تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"، أرادت الوزارة إسكاته وإخماد صوته فذاع على العكس صيته في كامل التراب الفرنسي وتأسست من أجل حمايته ومساندته لجنة قومية وتكوّن حول هذه الأخيرة حزام نقابي يضم الآلاف من المتعاطفين الفرنسيين وغير الفرنسيين  وحصل لي الشرف أن أكون واحدا منهم ولو بالإيمان فقط بقضيته وقد بلّغته فعلا تحياتي عن طريق ابن أختي، زميله في نفس المعهد. عن ابن أختي قال: أن زميله تنازل أخيرا قليلا لصالح الوزارة وأصبح يسند لتلامذته أعدادا أقل من 20 لكن تفوق 17 على 20.

مع العلم أن بطل قصتنا الواقعية هذه، هو أستاذ تاريخ كفء وقدير ومن تجلياته أنه عندما يدرّس تاريخ حركة المقاومة الفرنسية في الحرب العالمية الثانية، يستدعي إلى القسم بطلا من أبطالها الناجين ومن إنجازاته أيضا أنه يؤطر ويحث تلامذة الباكلوريا على البحث العلمي وبواسطة علاقاته الثقافية والصحفية والجمعياتية يسهّل لهم نشر إنتاجهم الفكري في مجلات مختصة ويساعدهم على إخراج أقراص رقمية مضغوطة تروي التاريخ بأسلوب بيداغوجي وبطريقة تعلّمية إلى تلامذة المعهد وتلامذة المعاهد الأخرى.

 

المصدر: كتابي، الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي - سَفَرٌ في الديداكتيك وعِشْرَةٌ مع التدريس (1956-2016)، طبعة حمرة، 2017 ، 488 صفحة (ص.ص. 152-154).

 

إلى المنشغلين والمنشغلات بمضامين التعليم:

نسخة مجانية من كتابي "الإشكاليات العامة في النظام التربوي التونسي" على شرط التسلم في مقهى الشيحي أو نسخة رقمية لمَن يرغب فيها ويطلبها على شرط أن يرسل لي عنوانه الألكتروني (mail).

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire