mercredi 30 septembre 2020

سارقُ المعرفة يُقرِئُكم السلام ويدعوكم لمقاضاة المفاهيم الثلاثة التالية: العَلمانية الملحدة، الدعوية الدينية العنيفة، النضال من أجل إيديولوجيا؟ مواطن العالَم

 

 

مقدمة منهجية ديونتولوجية ضرورية:

أنا سارقُ معرفةٍ، سارقٌ وفي يدي "بروجكتور"، سارقٌ يُعلِنُ عن اسمِ ضحيتِهِ، عنوانِه (Référence biblio)، ويعرض المسروقَ-المعرفة على قارعة الطريق مجانًا للعموم. تاجرٌ لا يعنيه الربح ولا الشاري، باع أم لم يبع، لايهم، فالسلعة ليست مِلكَه ولن يستطيعَ توريثَها لأولاده ولو أرادَ، يعرضها ويمر دون إلحاح أو تسويق وإذا باعها فلن يقبض ثمنها نقدًا بل يقبض معرفةً أكثرَ وأفضلَ.

وإذا كنتَ تبحثُ عن معلومةٍ جديدةٍ في ما أكتبُ وأنشرُ فلن تجدَها، أنا ناقلُ معرفةٍ ولستُ منتِجَها.

عزيزي القارئ, عزيزتي القارئة، أنا لستُ داعيةً، لا فكريّ ولا سياسيّ, أنا مواطن مثلك، أنا لا أهدفُ البتّةَ لإقناعِك ولا يعنيني ذلك ولا يضيرني في شيءٍ عدمُ اقتناعِك، بل أكتفي بأن أعرض عليك  وجهة نظري المتواضعة والمختلفة عن السائد, إن تبنّيتها, أكون سعيدا جدا, و إن نقدتها, أكون أسعد لأنك ستثريها بإضافة ما عجزتُ أنا عن إدراكِه, وإن عارضتها  فيشرّفني أن يصبح لفكرتي معارضين.

البديلُ لا يُهدَى و لا يُستورَدُ ولا ينزل من السماء، البديلُ يُصنعُ بيني وبينك (قال تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم")، وواهمٌ أو غير ديمقراطي من يتصور أنه يملك البديلَ جاهزًا. النقدٌ هدّامٌ أو لا يكون، وكل بناءٍ جيدٍ يسبقه بالضرورة هدمٌ جيدٌ، النقدُ فرديٌّ والبناءُ جماعيٌّ.

أما المشكّكين في أهمية النقد والتنظير فأحيلهم إلى الفيلسوف العظيم إمّانوال كانْتْ (القرن الثامن عشر ميلادي):

La théorie est absurde sans la pratique et la pratique est aveugle sans la théorie

 

أنا لستُ باحثًا علميًّا رسميّاً، لذلك ترونني أتحدّثُ كثيرًا عن نفسي ومَن يعرفُ عُقَدَها (ses complexes) وتعقيداتِها (sa complexité) ومفارقاتِها (ses paradoxes) وتناقضاتِها (ses contradictions) فمَن يعرفُ كل هذه الخفايا أكثر مِني أنا نفسي؟ لا يحق لأحد إذن أن يتحدّث حول أي شخصٍ أو أي ظاهرة اجتماعيةٍ دون أن يبحثها علميًّا والباحث-منتِجُ المعرفة يجب أن يكون عضوًا في مخبرٍ علميٍّ جامعيٍّ أو خاص وواجبٌ عليه نشرُ أبحاثِه في مجلةٍ علميةٍ مختصةٍ.

 

لبّ الموضوع:

1.     العَلمانية الملحِدة:

كلمتان متناقضتان (un oxymore). العَلمانية تقبل كل الأديان وتُعاملها بكل حيادٍ فلا يمكن إذن أن تكون العَلمانيةُ ملحدةً أو تدعو للإلحاد مثل ما فعلتْ وأخطأتْ دولة الاتحاد السوفياتي السابقة تحت حكم ستالين.

 

2.     الدعوية الدينية العنيفة (prosélytisme agressif):

كلمتان متناقضتان أيضًا. "لا إكراه في الدين" (قرآن) فالدعوية الدينية سلمية أو لا تكون.

 

3.     النضال من أجل إيديولوجيا:

المناضل المثقف التونسي الشيوعي الطلائعي يدّعي أنه يناضل من أجل تحرير العمال وإرساءِ دولةٍ شيوعيةٍ.

الداعية التونسي الإسلامي يدّعي أنه يناضلُ من أجل أسلمة المجتمع ومن أجل الدفاع عن القرآن وإعلاء كلمة الله.

أنا أسألُ وأنا أجيبُ، وأقول للاثنَين: مَن كلّفكُما بهذه المهمّة ومَن رشّحَكُما لهكذا دورٍ، الشعبُ أمْ الكُتُبُ، الواقعُ أم الوهمُ، الصدقُ أم الانتهازيةُ؟

لا ماركس رشّح الأول ولا الله وكّلَ الثاني! 

ماركس قال للمناضل الأول: "العمال يحرّرون أنفسَهم بأنفسِهم دون وصايةٍ من أحدٍ"، وقال عن هذا المثقف الذي يسمّي نفسَه مناضلاً ووصفه بأنه "بورجوازي صغير متسلّق متملّق انتهازي".

والله قال للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وما "أدراكْ": "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ"، وكلمة الله عالية رغم أنفي وأنفك وأنوف الجميع، أيها الغِرُّ الدَّعِيُّ! وأنتم مَن أنتم؟ وقال لك أنت أيها الداعيةُ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ"، وعن ادِّعائك الدفاعَ عن القرآن قال: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ".

أما أنا فأقول للأول: تناضلُ من أجل مَن؟ مِن أجل طبقةٍ بروليتاريةٍ، طبقةٍ غير موجودةٍ في تونس إلا في الكتبِ التي تقرؤها، لأن الطبقة تُحدَّدُ بوعيها الطبقي لا بوجودها المادي، ومجنونٌ مَن يحلمُ بدولةٍ شيوعيةٍ في مجتمعٍ مسلمٍ. حكام الاتحاد السوفياتي البائد كانوا "أشطرَ" منك مليون مرّة ولكنهم فشلوا فشلا ذريعًا ومُدَوّياً بعد 70 عامَا من المحاولات الديكتاتورية الدموية، والدليل القاطع على وجاهة طرحِي هو التالي: خَمْسُ دول إسلامية خرجت من رحم دولة الاتحاد السوفياتي الملحدة رسميًّا (كازخستان، تركمانستان، أوزباكستان، قرغيستان، وطاجيكستان ومجموع سكانها مجتمعة يبلغ حوالي 60 مليون مسلم).

وأقول للثاني: "على مَن تقرأ زابورك يا داعية، أتريدُ أن تُأسلِمَ مجتمعًا مسلمًا منذ 14 قرنًا، ça va la tête". ثم أنْهِي مخاطبًا الاثنين بغضبٍ وحَنَقٍ: قِيلونا لله، الله يهدينا ويهديكم!

 

إمضائي

كل صباحٍ، يوقُظني باكرًا وخزُ ألمِ الظهرِ، أسْرِعُ إلى المقهى والله فرِحٌ مسرورٌ بمواصلة قراءة كتابِ الأمسِ. أغلِقُ الكتابْ بمجرّد قدوم الأحبابْ. بعد ساعتين، أسرِعُ إلى حاسوبي المنزلي والله فرِحٌ مسرورٌ أيضاً، فرِحٌ مسرورٌ بكتابة ما أوحاهُ إليَّ المجلسُ أو الكتابُ. يتجدّدُ فَرَحِي وسرورِي كل يومٍ مرتين ومعه تتجدّدُ متعتي الفكرية.

و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 14 أوت 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire