mercredi 16 septembre 2020

سلوكٌ حضاريٌّ مثاليٌّ بغض النظر عن دِينِ مَن قام به، في الآخر هو إنسانٌ! مواطن العالَم

 

 

حكايةٌ جميلةٌ، راقيةٌ ورقيقةٌ، سمعتها للتوِّ صباحًا في مقهى الشيحي. رواها جليسٌ، أستاذ تعليم عالٍ، وهو في نفس الوقت شاهد حَضَرَ المشهدَ، حضرَه وهو ما يزال جنينًا في رحمِ أمه. نقلَه عن لسانِ أمه، الشاهدة الراوية الأصلية.

في أوائل الاستقلال، كان يوجد محل "كسكروتات وبريك" في العاصمة وفي ساحة "الباسّاج" تحديدًا، صاحب المحلِّ كان يهوديًّا تونسيًّا، وكانت هذه المرأة الحامل مارّةً صحبةَ زوجها فوق الرصيف المحاذي. لمح اليهودي حَمْلَها وكان حينذاك "يقلي في البريك"، لفّ "بريكتَين" في ورقة ثم خرج من الحانوت، مسرعاً الخطى، لحق المرأة الحامل وسلّمها الهدية وقال لها  "ربي إوَصِّلْ بالسالِم وربي إخلّصْ وحْلِكْ يا مدام" وقفلَ راجعًا بنفس السرعة إلى عمله.

قَصْدُهُ كان طيّباً -حسب الاعتقادات الشعبية السائدة حتى اليوم- ويتمثل في تجنيبِ الجنينِ ظهور "شهوة" على شكل "بريكة" على خدّه أو ظهره (من البديهي أن العلمَ ينفي هذه الخرافات نفيًا قاطعًا لا جدالَ فيه، لأن الصفات لا تنتقل إلى الجنين إلا في جينات أمه وأبيه، ولا تقفز في الهواء من حانوت "بريكاجي"، يهوديًّا كان أو مسلمًا).

 

وللرفع من معنوياتِنا، نحن المسلمون، رويتُ له حكايةً أجملَ، ولو أن الأفضليةَ في التحضُّرِ لا تجوزُ أنتروبولوجيًّا: سافرتْ زوجتي مرّةً إلى كندا لمؤانسة ابنتها أثناء وضعِ مولودِها الأولِ. غابت شهرًا ونصف وخلال غيابها خَدَمتْنا جارتُنا تطوّعًا ودون طلبٍ أو احتياجٍ منّا ووفّرت لنا (أنا وأولادي الاثنان) يوميّاً وطيلة الشهر ونصف وجبة ساخنةً طازجةً لذيذةً، صنيعٌ جميلٌ خالصٌ لوجه الله.

 

إمضائي

و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 31 أوت 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire