mardi 1 septembre 2020

فكرةٌ قد تضخُّ الماءَ في رُكَبِ العَلمانيينَ العربْ، لا أستثنِي نفسِي؟ فكرة فيلسوفُ حمام الشط، تأثيث مواطن العالَم

 

 

مقدمة مواطن العالَم:

-         باختصار، تتمثلُ العَلمانية في فصلِ الدين عن الدولة أو عن السياسية، وليس فصلُ الدعَوِي عن السياسي كما فعل حزب النهضة في تونس.

-         يبدو لي أن عَلمانيةَ فرنسا (1905) هي عَلمانيةُ  وريثةُ الثورةِ الفرنسيةِ (1789)، عَلمانيةٌ معادِيةٌ للدين، اعتَنَقَها العلمانيون التونسيون الجُدد اقتداءً بالغالِب الفرنسي القديم-المتجدد. في المقابل، نجد مقاربة عَلمانية مغايرة، هي عَلمانية الدول الأنڤلوسكسونية التي تبدو لي أنها عَلمانيةً غيرَ معادِيةٍ للدينِ (ألمانيا، بريطانيا، أمريكا، الدول الأسكندنافية، إلخ). أما دولةُ ستالينْ الشيوعيةُ السابقةُ البائدةُ والمنقرضةُ، فلا يصحّ أن نقول عنها أنها كانت دولةً عَلمانيةً، لأنها كانت تُدرّسُ الإلحادَ في جامعاتها (الإلحادُ دينٌ جديدٌ)، وقامت باضطهادِ المواطنين السوفيات المسلمين والمسيحيين، وهدمت جوامعهم وكنائسهم: يُحكَى أن ستالين هَدَمَ كنيسةَ في موسكو وأقامَ مكانَها بيتَ راحةٍ عموميًّا، وجَمَع كل نواقيسَ الكنائسِ وصَهَرَها لصُنعِ مَدافعَ.

 

فكرة الفيلسوف:

واهمٌ مَن ينتظرُ قطيعةً إبستمولوجيةً (معرفية) مع الدينِ في فضاءِ الحضارةِ العربيةِ-الإسلاميةِ!

العقيدةُ المسيحية عقيدةٌ وافدةٌ على الغرب آتيةٌ من الشرقِ. تحولت إلى دينٍ ثم إلى حضارةٍ في بداية القرن الرابع بعد الميلاد على يد الإمبراطور قسطنطين. حضارةٌ ناشئةٌ جديدةٌ سبقتها في الغربِ حضارتان عريقتان أساسيتان، الإغريقية اليونانية واللاتينية الرومانية. الدولة الرومانية هي التي أسست الدين المسيحي وأسست معه الحضارة المسيحية، عكس ما وقع عندنا نحن العرب حيث الدين الإسلامي هو الذي أسس الدولة العربية-الإسلامية وأسس الحضارة العربية-الإسلامية.

لذلك سَهُلَ على الغربيين فصل الدين عن الدولة والرجوع إلى الأصل وإحياءِ تراثِ حضارتَيهما العقلاني، أما نحن فليس لنا حضارةٌ سابقةٌ للإسلام نرجع إليها إذا فكرنا في إحداثِ قطيعةٍ إبستمولوجية (معرفية) مع الدينِ الإسلاميِّ وأردنا إرساءَ دولةٍ عربيةٍ علمانيةٍ عقلانيةٍ. يبدو أن الدينَ الإسلاميَّ هو قَدَرُنا ولا قدَرَ لنا في الأفقِ القريبِ سِواه فلنرض بقدرنا بِـحلوه ومرّه كما قال الفيلسوف العظيم نيتشة.

 

خاتمة مواطن العالَم:

الحل العاجل حسب رأيي: استنادًا لمقولةِ جاكلين الشابي، الفرنسية عالِمة الأنتوبولوجيا، التي تقول أن الدينَ يصنعُ المجتمعَ والمجتمعُ يصنعُ دينَه، أطمحُ إلى يومٍ أرى فيه إسلامًا تنويريًّا مجرَّدًا من النعوتِ الإيديولوجيةِ المستوردةِ مثل إسلام سياسي، إسلام ديمقراطي، إسلام معتدل، إسلام لايت، إسلام يساري، إسلام ليبرالي، إسلام عقلاني، إسلام عَلماني، إلخ. كعلمانيٍّ عربيٍّ أريدُ إسلامًا تنويريًّا يتعايشُ مع كل العقائدِ والأديان وتسود في دولته حريةُ الضميرِ وحريةُ المعتقدِ،  إسلامًا نُخرجُه من رَحِمِ تُراثِنا، نَصقلُه بأنفسِنا بكل تفانٍ وصدقٍ وإخلاصٍ، نَصقلُه صقلاً جيدًاُ، نُعيدُ له بهاءَه وبريقَه وبكارتَه وثوريتَه، نُحْيِي فيه الاجتهادَ ونُجدّدُ التأويلَ. مهمّةٌ صعبةٌ، وذلك لن يتمَّ ويصحَّ ويصلُحَ إلا بتوظيفِ العلومِ الحديثةِ، الصحيحةِ منها (الرياضيات) والتجريبيةِ (الفيزياء وعلوم الحياة والأرض) وخاصة الفلسفة والعلوم الإنسانيةِ (الإبستمولوجيا، الأنتروبولوجيا، الأركيولوجيا، السيميولوجيا، الإتنلوجيا، السيكولوجيا، إلخ)، والله ولي التوفيق.

 

إمضائي

أنا مواطنُ العالَمِ، مُتصالحٌ/متصارعٌ مع حضارتي الأمازيغيّةِ-الإسلاميّةِ-العربيّةِ، مُتصالحٌ معها دومًا أنتروبولوجيًّا واجتماعيًّا وعاطفيًّا، وفي نفسِ الوقتِ متصارعٌ معها دومًا إبستمولوجيًّا وفلسفيًّا وجدليًّا، لا أتباهى بها على الغيرِ ولا أقبلُ فيها ثلبًا من الغيرِ.

 "المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو

"الأساتذةُ لا يَفهَمونَ أن تلامذتَهم لا يَفهَمونَ" باشلار

و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 10 ديسمبر 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire