ملاحظة منهجية: أوحَى إليّ بهذا المقال، سؤال وجهته مريم المجدلية إلى ضيفها، قيادي نهضاوي،
على قناة "البَـوار التونسي": قُلْ.. قُلْ بوضوح.. أنتم مرجعيتُكم
إسلامية؟
تعريف ومعنى مرجعية (في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي): "مصدر
صناعيّ من مَرجِع:
خلفيّة تاريخيّة سابقة".
بـاستثناء غير المسلمين من إخواننا، المحترَمين
المبجّلين المُعزَّزين المكرَّمين، اليهود والمسيحيين والبهائيين، الذين لا يتجاوز عددهم الجملي نسبة مئوية ضعيفة
جدًّا، حوالي جزءٍ من
ألف (لا أملك النسبة الدقيقة، لكن أظن أنهم أقل بكثير من 10.000 نسمة):
-
مَن مِن المواطنين التونسيين (ملتزمون بأركان الإسلام الخمسة أو لبعضها أو جلها تاركون)، مَن منهم
لم ينطقْ، ولو مرة واحدة في حياته، وعَلَى الْمَلَإِ، "شهادة لا إله إلا الله، محمد رسول الله"؟ في
المقابل، لا أحد من التونسيين أعلن إلحادَه عَلَى الْمَلَإِ، فكلنا إذن مسلمون، ملتزمون وتاركون، إلى أن يعلن المعلنون
ما يخالف ذلك.
-
مَن مِن المواطنين التونسيين لم يُختَن على الطريقة الإسلامية، يتزوّج
على الطريقة الإسلامية، يُدفَن على الطريقة الإسلامية، يُرَمضِن على الطريقة
الإسلامية (صائم أو فاطر)، يذبح على الطريقة الإسلامية، يعيّد على الطريقة
الإسلامية، يقرأ بالعربية مادة التربية الإسلامية.
-
مَن مِن المواطنين التونسيين لا يحفظ سورة الحمد لله وما تيسّر من الذكر الحكيم.
-
مَن مِن المواطنين التونسيين لا يعرف الخلفاء الراشدين (أبوبكر وعمر
وعثمان وعلي) والدولة الأموية ومعوية والدولة العباسية هارون الرشيد والأئمّة
الأربعة (مالك والشافعي وأبو حنيفة وابن حنبل) وأسماء بعض الأولياء الصالحين وأركان
الإسلام الخمسة (الشهادتان والصلاة والصوم والزكاة والحج)؟
-
مَن مِن المواطنين التونسيين، إن لم يكن هو، فله عزيزٌ أو حبيبٌ يتمنى
يزور مكة وقبر الرسول، جد أو جدة، خال أو عمة، زميل أو قريب أو صديق؟
-
مَن مِن المواطنين التونسيين لم يأتِ من والدَين مسلمَين أو على الأقل
من أربعة جذورٍ مسلمةٍ؟ أيوجدُ بَعد هذا التجذّرِ تجذّرٌ أكبرَ؟ أتوجدُ بَعد هذه
الأصالةِ أصالةٌ أكثرَ؟
-
مَن مِن المواطنين التونسيين لا يطربُ لتِلاوة عبد الباسط؟
- بيئتُنا، محيطُنا، ترابُنا، تضاريسُنا، جغرافيتُنا، تاريخُنا، حضارتُنا،
تراثُنا، رموزُنا، أبطالُنا، حكاياتُنا، أساطيرُنا، حليبُ أمهاتنا وتربيجُهن،
جدرانُنا، هواؤُنا، أحلامُنا، لغتُنا، تصوّراتِنا، أنتروبولوجيتِنا، ثقافتُنا،
تقاليدُنا، عاداتُنا، طقوسِنا، أفراحُنا، أتراحُنا، نظرتُنا، مِشيتُنا، لفتتُنا، غَمزتُنا،
فصيلةُ دمِنا، الجزءُ المكتسبُ في جيناتِنا، تَشكّلُ أمخاخِنا وبِناءُ وصلاتِ
خلايانا العصبية، عواطفُنا، غَيرتُنا على أخواتِنا نسائِنا بناتِنا وبناتِ أقاربِنا
وبناتِ جيرانِنا، كلها أو جُلها
ذات مرجعية إسلامية. شئتِ أم
أبيتِ أيتها المثقفة الحداثية الليبرالية المرتزقة، التي لِمرجعيتِها الإسلامية
ناكرةٌ وعن جذورِها منبتة. أنتِ أيضًا يا مَدامْ مَرْيمْ، مرجعيتُكِ إسلامية،
غصبًا عنكِ و"مُوشْ على كِيفِكْ" يا مَدامْ مَرْيمْ، لكِ مني يا مَدامْ
مَرْيمْ ألف تحية إسلامية!
خاتمة: مَن كان
منكم، أيها التونسيون، ليست له مرجعية إسلامية، أكادُ أجزمُ أنه ليسَ تونسيًّا! لكن.. لكن لنا حِذوَ مرجعيتِنا الأصلية، والحمد لله، لنا
مرجعيات أخريات مكتسبات، ومع الإسلامية في الإنسانية أخوات شقيقات.
إمضائي (مواطن العالَم، أصيل جمنة ولادةً وتربيةً، يساري
غير ماركسي، عِلمِي، عَلماني، غاندي الهوى ومؤمن بمبدأ "الاستقامة الأخلاقية على المستوى
الفردي"، فرنكفوني بالصدفة، أجمل صدفة في هذا الزمن العصيب على لغتنا العربية، جنى
عليها قومُها ولم تجن الجميلةُ على أحدٍ): "وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك، فدعها إذن إلى فجر آخر" (جبران)
À un
mauvais discours, on répond par un bon discours et non par la violence. Le
Monde diplomatique
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 20 سبتمبر 2019.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire