samedi 26 avril 2014

ما هي المعارف البيولوجية الضرورية لفهم عالم متحول؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

ما هي المعارف البيولوجية الضرورية لفهم عالم متحول؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 21 ماي 2010.

يعتبر هذا المقال ترجمة مختصرة مع إضافة متواضعة لمحاضرة ألقاها، صديق الملتقيات التعلمية، العالم الفرنسي في علوم التربية "أندري جيوردان" خلال مؤتمر الأيام الوطنية الثانية للجمعية التونسية لتعلّمية علوم الحياة و الأرض(أو فلسفة تعليم العلوم (La Didactique des Sciences) أو إبستمولوجيا التعليم كما كادت التعلمية أن تُسمّى و كما يحلو لي أنا تسميتها)، المنعقد  بالحمامات  من 28 إلى 31 مارس سنة 2007.
قَلَبَتْ البيولوجيا و تكنولوجيتها و ما زالتا تقلبان يوميا أوضاع واقعنا و مجتمعنا. هل نحن بصدد مراقبة  تأثيراتهما في المحيط و قيسهما ؟ ما مدى سيطرتنا عليهما؟
تبدو العلوم بما فيها البيولوجيا معقدة و مجردة و شكلية...جل التلامذة لا يفهمون منها شيئا !!! قال تلميذ و هو ينظر إلى صورة حيوان منوي: "هذه صورتي عندما كنت صغيرا". العلوم معقدة...أصبحت العلوم بما فيها البيولوجيا مملّة.
نلاحظ نقصا في التساؤل و الحيرة العلمية لدى التلاميذ خلال مدة الدراسة و هبوطا في عدد الطلبة المنتسبين للشعب العلمية.
من 1996 إلى 1999، نزل عدد الطلبة الفرنسيين المسجلين بكليات العلوم بنسبة 13 بالمائة و كانت شعبة الفيزياء المتضررة الكبرى (Nature vol. 401, 21/10/99).

في ألمانيا، تدنّى عدد طلبة السنة الأولى فيزياء إلى النصف بالمقارنة مع سنة 1991 و أصبح عدد المتخرجين لا يستجيب لاحتياجات الصناعة و البحث العلمي (Nature vol. 394 6/08/98).
في اليابان، رغم أن عدد الباحثين الشبان في الاختصاصات العلمية هبط من 11 في المائة سنة 1977 إلى 4 في المائة سنة 1995 فإنهم يواجهون اليوم صعوبات كبيرة في الانتداب (Nature vol. 391 1/01/98).

العلوم، هي شيء معقد...العلوم تزعج. تبدو ساعات درس العلوم منفّرة و متجهّمة و كريهة و غير سائغة...نفس الأخطاء تستمر من الروضة إلى الجامعة. لا نعرف موضعنا في هذا العالم. عالم العلوم هو عالم الاصطلاحات و الاعتباطي. الصرامة العلمية صرامة خانقة و غير إنسانية. لا تهتم العلوم إلا قليلا بالحياة اليومية و مسائل البيئة و المجتمع و علم الأخلاق (Éthique ).
لفظت المدرسة العديد من التلامذة الأذكياء بسبب العلوم. العلوم تخدم سياسة الانتقاء
لكن...ماذا نتعلّم؟ و لماذا؟
نتعلم علوم الحياة و الأرض  و العلوم المرجعية و تاريخ الطبيعة و علم النباتات و علم الحيوانات و علوم الحياة و علم كيمياء الأحياء و علم الوراثة و علم "ما بعد الوراثي المخي" (Épigenèse cérébrale ) الذي يقول أن الذكاء تصنعه مليون مليار وصلة عصبية بين الخلايا المخية في تفاعل مستمر بين الوراثي و المكتسب اليومي
يقول صاحب السيارة: "أخيرا نقص ثمن البنزين"، يعلّق المترجل: "و ارتفع ثمن علاج سرطان الرئتين".

نتعلم حتى نحافظ على البيئة من تبذير المياه و مبيدات الأعشاب و مبيدات الحشرات و المعادن الثقيلة و الملوثات العضوية الدائمة و الفضلات المنزلية و  الأجسام المعدلة وراثيا و النفايات النووية و الاحتباس الحراري و ثقب الأوزون و السيدا [ ليس لها علاج شاف و لا تلقيح حتى الآن ] و الأمينت أو الورق الحراري و الدم الملوث [منذ 10 سنوات تقريبا، أصاب دم ملوث بفيروس السيدا العديد من الكهول و خاصة الأطفال بالعدوى في منشئه بفرنسا و في بعض الدول التي استوردته كالعراق و تونس] و انفلونزا الطيور و الخنازير [ التي أصابت الملايين من المواطنين بالهلع الفارغ و أصابت بعض الدول بالعجز المالي من جرّاء شراء التلاقيح المضادة] و الأمراض الناتجة عن العدوى داخل المستشفيات و التلوث الجوي و البحري و البري و الصوتي

نتعلم البيولوجيا حتى نشارك في حل مشاكل البشر   بالطرق الطبية الحديثة التالية
العلاج الجيني (Thérapie génique):
العلاج الجيني هو إستراتيجية علاجية ترتكز على إدخال جينات في خلايا أنسجة الفرد لعلاج المرض. يهدف العلاج الجيني إلى استبدال أو تكملة لجينة أو مورثة متحولة معيبة بجينة سليمة وظيفية أو الإفراط في إنتاج بروتين قد يكون لنشاطه تأثير علاجي على الجسم



.
الاستنساخ العلاجي (Clonage thérapeutique ):
يمكن أن يؤدي  الاستنساخ البشري العلاجي إلى إنتاج أعضاء أو خلايا و يحتوي على التحدي الأساسي المتمثل في تعزيز زرع أعضاء لتحل محل أعضاء أو خلايا مدمرة أو متضررة  مع ضمان توافقها الجيني مع المريض. وبالتالي قد يكون للاستنساخ العلاجي فائدة مزدوجة لمعالجة الأزمة الناتجة عن النقص في الأعضاء الممنوحة و تجنيب المريض المستفيد مشقة أخذ العلاج مدى الحياة ضد الرفض من قبل الجسم للعضو المزروع

الإنجاب بمساعدة طبية (Procréation médicalement assistée):
تمثل التكنولوجيا الإنجابية مجموعة من الممارسات الطبية والبيولوجية حيث تسمح بشكل شبه مباشر  للأزواج العقم من إنجاب أطفال. على الرغم من الارتباك الشائع ، لا ينحصر الإنجاب بمساعدة طبية  في الإخصاب في الأنابيب أو التخصيب في المختبر ونقل الأجنة فقط و هي ليست سوى طريقة من بين طرق أخرى (تسمى هذه التقنية البيولوجية عادة بأطفال الأنابيب و هي تسمية قد تجر التلميذ إلى الخطأ فيذهب في ظنه أن الجنين يكبر و يتكون داخل أنبوب و الواقع أن تلقيح البويضة بواسطة الحيوان المنوي هو فقط الذي يتم داخل أنبوب في المختبر ثم ينقل "الجنين- المضغة" إلى رحم أمه حيث يكمل التسعة أشهر مثل أي جنين عادي

نحاول الآن إدماج تطلعات جديدة في التعليم مثل التربية البيئية و التنمية المستديمة أو المستدامة و التربية الصحية و الجنسية
نبحث في الميدان و نحتك بالمحترفين ليس فقط في المعارف المدرسية النظامية (  Savoirs disciplinaires) بل في المعارف الأفقية (Savoirs transversaux) و المواقف (Attitudes) و التمشيات (Démarches) و كيف أكون (Savoir-être) و ما هي مواقفي؟ أحاول اكتساب الحيرة العلمية و الثقة بالنفس و الحس النقدي و الرغبة في البحث و الفهم و التواصل و الانفتاح على المحيط و الخيال الإبداعي. ما هي مهاراتي؟ (Savoir-faire) و تمشياتي مثل المنهجية التجريبية (Méthode expérimentale) و المقاربة الشاملة (Approche systémique) و تملّك المعلومة (Maîtrise de l’information ) و توضيح "الوضعية-المشكل" (Clarification de la situation-problème)  و النمذجة و التطبيق الافتراضي (Modélisation et simulation)   و المحاججة (Argumentation)  
 و توظيف المعرفة في المكان و التوقيت المناسب (Mobilisation du savoir  ) و المشاهدة و الملاحظة (Observation) و طرح الفرضيات (Hypothèse) و التجريب (Expérience) و التفكير (Raisonnement ) و التأويل (Interprétation ) ثم نستنتج (Conclusion).

محطات منفصلة في البحث العلمي، لا تربطها إلا علاقات خطية متكلّسة، فاتها البحث العلمي و عوّضها بشبكة معقدة من العلاقات بين الفرضية و التجربة و الإشكالية و الاستنتاج. يراوح الباحث و يجسّر [ يبني جسورا ] بين الأربع محطات المذكورة أعلاه دون ترتيب و دون تمييز و دون تزمين.

علينا أخيرا ربط الاستهلاك بالمواطنة من خلال مقاربات محسوسة و ذات معنى لا أن نضيع جهدا و نلوث محيطات من أجل صنع دراجة بسيطة مثلا: تصنع قطع غيارها في 30 بلد مختلف، منها على سبيل الذكر لا الحصر، إيطاليا، البرتغال، بلجيكا، تايلندا، اليابان، ايرلندا، الصين، تايوان، ألخ... و تجمّع في سلوفاكيا. تنقل قطع غيارها من أقصى العالم إلى أدناه عبر الزوارق في الأنهار و فوق الشاحنات في السهول و الجبال و الطائرات و داخل البواخر في البحار و المحيطات.

خلاصة الموضوع:
نحاول إخضاع تدريس البيولوجيا و تكنولوجيتها إلى وقفة تأمل في الأهداف و الغايات و نضيف في البرنامج تدريس علم الأخلاق و الإبستومولوجيا و علم الاجتماع و تاريخ العلوم  و "إدراك عملية الإدراك" (La Métacognition)  حتى نفهم التعقّد أو التعقيد (La complexité) و الصُّدْفَوِي أو الصدفة (L’aléatoire)  و غير المحقق أو المشتبه فيه (L’incertain) في العلوم. لكن يبدو أن تغيير السلوك مهمة صعبة.

ملاحظة: العالم الفرنسي "أندري جيوردان" خَلَفَ العالم السويسري المشهور البيولوجي و الابستومولوجي "جان بياجي" و أسس مخبر تعلّمية و ابستومولوجيا العلوم بجنيف (Laboratoire de didactique et épistémologie des sciences (LDES) منذ وفاة الأخير في 1980.

إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم غير العلمية و على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
"و إذا فهمت نفسك فكأنك فهمت الناس جميعا". هاشم صالح.
"الفلسفة هي القبض على الواقع من خلال الفكر". هيغل.
"الذهن غير المتقلّب غير حر".ّ
قال الرسول محمد، صلى الله عليه و سلم: "مَن قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدَهُما" (يعني: إن اتهمته ظلما فقد تتحمل أنت عقاب الكفر.
قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا، عليكم أنفسكم لا يضرّكم مَن ظلّ إذا اهتديتم إلى الله.
الشك طريق إلى مزيد من الشك (في العلم بالطبع و ليس في الدين، فالدين بطبيعته لا يتحمل الشك و هو يقين من أوله إلى آخره). مواطن العالم د. م. ك.






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire