samedi 12 avril 2014

الإشكاليات العامة في التعليم ؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

الإشكاليات العامة في التعليم ؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النات: حمام الشط في 16 ماي 2010.

يعتبر هذا المقال ترجمة مختصرة مع إضافة متواضعة لمحاضرة ألقاها صديقي في المنتديات التعلمية، العالم الفرنسي في علوم التربية "أندري جيوردان" خلال مؤتمر الأيام الوطنية الثالثة للجمعية التونسية لتعلّمية علوم الحياة و الأرض [ فلسفة تعليم العلومLa Didactique des Sciences ]  المنعقد  بسوسة من 22 إلى 23 نوفمبر سنة 2007.

نبدأ بطرح الأوهام الثلاثة المقترحة لحل إشكاليات التعليم:
يتمثل الوهم الأول في الاعتقاد أن الحل يكمن في الرجوع إلى الماضي و يتوهم الدعاة إلى هذا الحل، و هم عادة من المتقدمين أو المتوسطين في السن، أن تعليمهم القديم أفضل و أجدى من التعليم الحالي و أن جيلهم أذكى من هذا الجيل. يعتقد أصحاب الوهم الثاني أن وسائل التكنولوجيا الحديثة ستجيب على كل الإشكاليات المطروحة و أن الحاسوب سيأخذ مكان المدرس. أما دعاة الوهم الثالث فيقولون أنه يكفي أن تقوم بالدرس حتى يتعلّم التلاميذ و لا فائدة من التفلسف في الموضوع.

لنعرض بعجالة إشكاليات التعليم:
لماذا نقصت الرغبة في التعلم عند تلامذتنا؟ لماذا لا نأخذ في الاعتبار بما فيه الكفاية أسئلة التلاميذ و تصوراتهم العلمية و غير العلمية؟ لماذا يتعرّض بعض صغارنا إلى صعوبات في التعلم؟ ما هي الطرق البيداغوجية المجدية؟ كيف نعلّم؟ أين؟ متى؟ مع من؟ بأي تواتر؟ من خلال أي استراتيجيات؟ ...لكن ما معنى "تعلّم"؟ يبدو بسيطا... يكفي أن نستمع و نحفظ و نعيد. لا، قد يكون معقدا. لا، بسيطا، يكفي أن تكون مغرما و تباشر و تعمل داخل فريق. لا، قد يكون معقدا.

أ‌.             نذكّر ببعض النماذج التعلّمية المستعملة:

1.    التعلّم التقليدي عن طريق التلقين:
يتمثل هذا النموذج في نقل خطّي و مباشر للمعلومات من باثّ إلى متلق. يتصرف المتعلم كآلة يقبل و يسجل في مخه. مخ دائم الاستعداد مثل الصفحة البيضاء أو الإناء الفارغ و المعلم يخطّ في الصفحة  ما يشاء و يملأ الإناء بما يريد

2.    التعلّم عن طريق العقوبة و الجزاء:
برز هذا النموذج في الستينات في أمريكا على أيد العالمين، مؤسسي المدرسة السلوكية، واتسون و سكينر. يتعامل المدرس مع التلميذ بأسلوب الإثارة و رد الفعل مثل ما يدرّب "بافلوف" كلبه، يجازيه عند الإجابة الصحيحة و يعاقبه إن أخطأ.

3.    التعلّم عن طريق البناء المعرفي الذاتي:
أسس هذه المدرسة البنائية العالم السويسري بياجي. يبني المتعلّم معرفته بالتفاعل مع محيطه و بالتعبير عنه. يصوغ المدرس درسه انطلاقا من حاجيات التلميذ و اهتماماته. نترك التلميذ يكتشف وحده معرفته بعد بحث متردد و تعبير حر و إبداع. عندما ينضج مخ المتلقي، نضعه في "وضعية-مشكل" حتى نثير داخله صراعا معرفيا. لا يحتفظ المتعلم إلا بالمعلومات التي ينتظرها و التي تنضوي تحت قناعاته الشخصية و التي تجلب له اللذة و تمسه و تستدرجه و تريحه في موقفه. لا يهتم المتعلم بكل المعلومات الأخرى أو يرفضها حتى و لو كانت عملية وتملك احتمالا هائلا من اليقين. لا يرى التلميذ إلا ما يريد مخه أن يرى فهو إذا لا يرى الحقيقة مباشرة بل يراها من خلال مصفاة مركبة في مخه. لا يتم اكتساب المعرفة إلا في ظروف معينة، ففي أكثر الأوقات يرفض التلميذ المعلومات الملقنة أو التي يعاد اكتشافها أمامه بطريقة غبية. يتعلم التلميذ بإفراغ المعلومات غير الملائمة بمثل ما يتملّك الملائمة. ينتج التعلّم عن سياق من التغييرات المتعددة، تغييرات في الأسئلة و في الفكرة الأولية و في طريقة التفكير الاعتيادية، ألخ

4.    التعلّم عن طريق البناء المعرفي الاجتماعي:
أسس هذه المدرسة البنائية الاجتماعية العالم السوفياتي فيقوتسكي في الثلاثينات. اكتشف هذا العالم منطقة في النموّ الذهني و سمّاها "المنطقة الأقرب للنمو الذهني (ZPD: Zone proximale de Développement).
يعرّفها في النقاط التالية:
-         ما يقدر الطفل على إنجازه، بالتفاعل مع محيطه و بمساعدة المدرسين و بحضور أقرانه، و هو الذي يحدّد مستوى "منطقته الأقرب لنموه".
-         ما يقدر الطفل على إنجازه اليوم بمساعدة المدرّسين و بحضور أقرانه، قد يستطيع تحقيقه بمفرده غدا.
-         يختلف مستوى حل المشاكل الذهنيّة الذي يصل اليه الطفل بمفرده عن مستوى حل المشاكل الذي يصل إليه مع أقرانه و تحت إشراف مدرّسيه ومساعدتهم.

5.    التعلّم عن طريق التفكيك و البناء في آن:
أضاف هذا النموذج أخيرا العالم الفرنسي المذكور في المقدمة و المدعو جيوردان. تعتمد هذه المقاربة الحديثة على تغيير نمط التفكير بالتأثير في محيط المتعلّم الذي يتفاعل مع تصوراته. ينتج التعلّم عن سيرورة من الصراع المعرفي لدى  المتعلم حيث يفكك تصوراته غير العلمية القديمة و يبني مكانها تصورات علمية جديدة. يتعلم المتلقي وحده لكن ليس وحده تماما، يتعلّم مع و ضد تصوراته غير العلمية، يتعلّم بالتفاعل مع محيط وثيق الصلة بتصوراته، يتعلّم عندما يكون التعليم المطروح عليه يعني شيئا بالنسبة له و يرى فيه قيمة، يتعلّم عندما تستوقفه المعطيات و تربكه و تعينه على الإبداع. ينطلق المدرس من التصورات غير العلمية للتلميذ ليبدلها بمعية التلميذ نفسه إلى تصورات علمية. تحتاج العملية التربوية إلى محيط معقد و مفارق و ظاهري التناقض. يحاول المعلّم نقل شغفه بالعلم للتلميذ حتى يحضى بحبه و تقديره.

6.    التعلّم عن طريق نقل مهمة التعليم من المدرس إلى التلميذ:
يستقيل المدرس مجازيا من مهمة التدريس و يسلّم إلى التلميذ مهمة التعلّم. من المفروض أن يجلس مدرب فريق كرة على خط التماس و لا يلعب مكان لاعبيه.  يحضّر المدرس جيدا الوضعية التعلّمية في المنزل ثم يعرضها عل تلامذته مع توفير المحيط الملائم و يتركهم أحرارا يبحثون عن الحل دون شرح و توجيه هم في غنى عنه

7.    التعلّم عن طريق التقليد:
يتعلّم الولد من أمه أشياء كثيرة دون برنامج مسبق، يتعلم اللغة و الأخلاق و السلوكيات. يتعلّم صبي النجار أو الحداد أو الميكانيكي المهنة من صاحبها دون تنظير أو منهجية محددة. يتعلّم الابن من والده الفلاحة أو صيد السمك بالتقليد المباشر و الممارسة اليومية دون كتابة و لا قراءة.


ب‌.                 نمر إلى وسائل التعلّم:
1.    معرفة تصورات التلميذ:
سبق أن كتبت و نشرت مقالين على النات في هذا الموضوع: "التصوّرات غير العلمية لا تزول بسهولة" و "هل يستطيع التلميذ بناء معرفة علميّة جديدة فوق معرفته غير العلميّة القديمة.

2.    بعض صفات التلميذ:
يقول التلميذ: أنا معني بعملية التعلّم, إذن أنا مسؤول عنها. أجد فيها متعة و فائدة و معنى. أثق في نفسي و في أقراني و في معلّمي، أكوّن علاقات معهم. أرسّخ معطيات و أبحث عن وسائل تساعدني على التفكير مثل الرموز و الرسوم البيانية و الاستعارات و المجازات و النماذج. أعطي قيمة للمعرفة و فائدتها. أوظف معارفي في المكان المناسب و التوقيت المناسب. أواجه نفسي بمعلومات مغايرة و مختلفة. أتراجع ثم أتكئ وقتيا على تصوراتي القديمة. أنهض و أستوعب ثم أكتسب التصورات العلمية الجديدة و أنطلق.
  
3.    بعض صفات المدرس:
على المدرس أن يكون و في الوقت نفسه ناقلا للمعلومات و مخرجا للوضعيات التعلّمية و مرافقا و سندا للتلميذ. عليه خلق رغبة التعلّم عند التلميذ و توفير المحيط المناسب لها. عليه تمرير دوافعه و محفّزاته و رغباته المعرفية للتلميذ. عليه إضفاء معنى لمحتوى درسه.

4.    بعض استراتيجيات المدرس
يخلق المدرس الاحتياج للمعرفة عند التلميذ. يشجع التلميذ بتشريكه في مشروع يحتوي على ألعاب و مواجهات فكرية و أعمال مجموعات و تحدّيات و أشياء جديدة فيها بعض المجازفة و هامش من الاستقلالية. يوفّر المدرس للتلميذ نشاطا يشدهه و يرغب فيه. يحتوي هذا النشاط على مشروع للوجود و الفعل لدى التلميذ.

ج. خلاصة القول:
التعلّم هو سيرورة معقدة لا تمرّر بوصفات جاهزة. قد يكون التلقين صالحا في وضعية تعلّمية لا يقدّم فيها الحوار و لا يؤخر. إذا أردنا التغلب على العقبات بسهولة فعلينا تداول استعمال النماذج التعلّمية بيسر حسب الجمهور المستهدف و الوضعية التعلّمية.

إمضائي المتكرّر و المحيّن و المتطور و المتغيّر دائما حسب قراءاتي الجديدة و المتنوّعة في كل المجالات المعرفية الحديثة غربيا و عربيا. مواطن العالم د. محمد كشكار

ينبغي التوضيح بداية أن النقد يعني عندي الكشف عن الاستخدامات المتعددة و المتباينة للمفهوم في السياقات الاجتماعية و التاريخية المختلفة. مما يعني أيضا كسر صنمية المفهوم أو عدم تحويل المفهوم إلى صنم جامد، له دائما المعنى نفسه و الاستخدام نفسه و الوظيفة ذاتها (إضافة د. م. ك: كالمفاهيم القاموسية المتداولة غير الدقيقة مثل مفهوم اليسارية و العَلمانية و الديمقراطية و الإسلام و الاشتراكية و حقوق الإنسان و حرية التعبير و المساواة بين المرأة و الرجل و حرية المعتقد و غيرها. و هذا هو النقد الذي وجهته و لا زلت أوجهه لمفاهيم العلم و المعرفة و التعليم و التربية و التكوين و اليسارية و العَلمانية و  القومية و التراث الإسلامي و الإسلاميين و الستالينيين و القوميين و المنبتين ثقافيا و المنحازين للغرب دون غربلة أو نقد و حاولت من خلال هذا النقد الهدام و البنّاء في الوقت نفسه أن أبين الاستخدامات غير العلمية التي تعرضوا لها في السياق الغربي و العربي الحديث). برهان غليون
أنا أعتبر نفسي سليل الفكر الإسلامي و القومي و الماركسي و الليبرالي و الإنساني معا (إضافة د. م. ك: أعيد الترتيب و أقول: أنا أعتبر نفسي سليل الفكر الماركسي و اليساري الليبرالي الإنساني النقدي و الإسلامي في العقد الأخير معا). فليس هناك تمثل من دون نقد. فأنا أعتبر نفسي ثمرة النقد المثلث للإرث الإنساني الليبرالي و الماركسي و القومي (إضافة د. م. ك: و الإسلامي منذ عام 2000) و لا أعتبر نفسي غريبا عنه في مكوناته المختلفة. و أنا سليل هذه المكونات الفكرية بمعنى أنني ثمرة لها و في الوقت نفسه ثمرة التأمل النقدي فيها. برهان غليون

Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites. Sartre
جميع الأديان و النظريات الفكرية تتحول بعد فترة معينة من أنظمة منفتحة إلى أنظمة منغلقة و دغمائية. هاشم صالح
فأي دين يستخدم سياسيا بدون أي تأطير علمي أو نقدي يتحول بسرعة إلى إيديولوجيا ظلامية. محمد أركون
العقل الفلسفي هو نقدي تساؤلي استفزازي بالضرورة. و بالتالي فيشكل السلاح الفعال ضد جميع الانغلاقات الدغمائية و الأيديولوجية. هاشم صالح
الذهن غير المتقلّب غير حرّ
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي
الكاتب منعزل إذا لم يكن له قارئ ناقد
عزيزي القارئ, عزيزتي القارئة، أنا لست داعية، لا فكري و لا سياسي, أنا مواطن عادي مثلك، أعرض عليك  وجهة نظري المتواضعة و المختلفة عن السائد, إن تبنيتها, أكون سعيدا جدا, و إن نقدتها, أكون أسعد لأنك ستثريها بإضافة ما عجزت أنا عن إدراكه, و إن عارضتها  فيشرّفني أن يصبح لفكرتي معارضين
البديل يُصنع بيني و بينك، لا يُهدى و لا يُستورد و لا ينزل من السماء (قال تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) و واهم أو غير ديمقراطي من يتصور أنه يملك البديل جاهزا
L’intellectuel est une création du XIXè siècle qui disparaîtra à la fin du XXè ou du XXXè parce qu’il est fait pour disparaître. L’homme qui pense pour les autres, cela n’a pas de sens. Tout homme qui est libre ne doit être commandé par personne que par lui-même. Jean-Paul Sartre
Faire avec les conceptions non scientifiques pour aller contre ces conceptions et construire en même temps des conceptions scientifiques. Citoyen du monde Dr Mohamed Kochkar
الحوار (د. م. ك: الحوار بين اليساريين التونسيين و الإسلاميين التونسيين) لا يمكن أن يتم بالعقليات التقليدية، لا بد له من عقلانية مركبة ذات رؤية منفتحة لا مغلقة وصيغة مرنة لا جامدة وبنية مركبة لا بسيطة ومنهج تعددي لا أحادي ونظام متحرك لا ثابت، خصوصاً ونحن نلج في عصر تبدو فيه المعطيات في حركة متواصلة وسيلان دائم. علي حرب
في النهاية أنا مواطن فقير بسيط عادي و أقرب المثقفين اليساريين ماديا إلى طبقة البروليتاريا، مواطن  منعزل و معزول قصدا من اليسار و اليمين بسبب نقدي للاثنين معا. لا أنتمي لأي حزب و لا أومن بأية إيديولوجية يسارية كانت أو يمينية لكن أومن بالمُثل العليا سماوية المصدر أو إنسانية الإبداع
لا حول لي و لا قوة إلا بالله و الشعب و الفكر و الثقافة الإنسانية و العلم و التكنولوجيا و المعرفة و نقد المعرفة و ليس لي أي وزن أو تأثير مباشر على الأحداث و أمارس النقد الفكري و السياسي و الاجتماعي و العلمي و الثقافي كهواية أدبية دون اختصاص في هذا المجال الواسع و لا أملك بدائل جاهزة لِما أنقد لأن النقد مؤسسة قائمة بذاتها و غنية بما تقدّمه للمبدعين و الناس العاديين، كل في مجاله، و أرى أن البديل ينبثق انبثاقا من صنع و تفاعل أصحاب المشكلة فيما بينهم و أهل مكة أدرى بشعابها
يبدو لي أن المثقف العربي توغّل في نقد الإنتاج الثقافي العربي و نسي نقد آلة الإنتاج نفسها المتمثلة في المثقف العربي نفسه
محمد كشكار, أستاذ تعليم ثانوي أول فوق الرتية في علوم الحياة و الأرض منذ 37 سنة و دكتور في تعلّميّة البيولوجيا متخرج سنة 2007 تحت إشراف مشترك من جامعة تونس وجامعة كلود برنار بليون 1 بفرنسا
         أعرّف نفسي كديمقراطي مُعجب بالنمط الأسكندنافي لكن متماهي مع مجتمعي التونسي الإسلامي العربي الأممي (تونس تبربرت و ترومنت و تقرطجت و تأسلمت و تعرّبت و تعولمت فتتونست و هي انبثاق من تفاعل كل هذه الحضارات جميعا)، و هذا تعريف لوحده مُبِين، أتبناه حيطة و حذرا علميا، لا هروبا و تقية من التعريفات السائدة كاليسارية و العَلمانية و الحداثة، هذه المفاهيم الثلاثة الأخيرة التي شُوهت عن قصد سياسي و غير علمي من قبل أعدائها و غير المطلعين على تراثها العالمي الرحب و الغني، هم اليمينيون المثقفون و غير المثقفين الذين حمّلوها ما لا تتحمل و نسبوا لها جهلا و ظلما و بهتانا مفاهيم غريبة عنها كالميوعة و "قلة الرجولية" و  الكفر و الإنبتات و الخيانة الوطنية. لكن في المقابل - و للأسف الشديد - لم يطورها محتكروها الشيوعيون و القوميون و الاشتراكيون و لم يخلّصوها من بعض المفاهيم الشوائب التي لصقت بها منذ ثلاثة قرون تقريبا  و لم يسلّطوا نقدهم الذاتي العلني على بعض مفاهيمها المتكلّسة كشيطنة الإسلام السياسي (أفهمه فقط كرد فعل شرعي للدفاع عن النفس ضد تهديدات المتطرفين منهم، الداعون لقتلهم و نفيهم و صلبهم و تقطيع أيديهم و أرجلهم من خلاف، لا لشيء سوى معارضتهم لهم سياسيا و سلميا بالمظاهرات و الاعتصامات التي لا تعطل مرفقا عاما) و دكتاتورية البروليتاريا  و الحزب الطلائعي الأوحد  و عبادة و تقديس الشخصيات التاريخية السياسية مثل الحكام الدكتاتوريين كلينين و ستالين و ماو و كاسترو و عبد الناصر و صدام و الأسد مع احتفاظي باحترامي التام للتابعين لهؤلاء من الرفاق المعاصرين المناضلين التونسيين النقابيين القاعديين اليساريين الصادقين النزهاء الذين تربيت وسطهم و ناضلت معهم و أعترف و أشهد لهم بالوطنية و الشجاعة أيام معارضتهم لبورقيبة و بن علي و الحكومة الحالية
أنهي إمضائي بمقولتين توفيقيتين جميلتين من مصدرين ظاهريا مختلفين بل متناقضين لكنهما ينتميان إلى التراث الإنساني العالمي المتسامح و لا يستطيع أن ينكرهما أي من الخصمين الفكريين، اليساريون و الإسلاميون: حديث للرسول صلى الله عليه و سلم: "لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" و مقولة ماركسية، نهاية في نكران الذات: "مِن كل حسب جهده و لكل حسب حاجته" و السلام على اليسار و اليمين المطبوعين تونسيين رغم أنفهما

ملاحظة:

 أندري جيوردان هو خلف العالم السويسري المشهور بياجي. أسس مخبر تعلّمية و ابستومولوجيا العلوم بجنيف منذ وفاة بياجي في 1980 ( Laboratoire de didactique et épistémologie des science - LDES ).

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire