هل التلميذ يتحمل
وحده مسؤولية الغش في الامتحانات؟ مواطن
العالَم د. محمد كشكار
تاريخ أول
نشر على النت: حمام الشط في 27 نوفمبر 2008.
نذكّّر أولا بالحلول التأديبية المطبقة الآن سنة 2010 في تونس: يحال التلميذ المتهم بالغش
على مجلس التربية في معهده و إذا تبين بالحجة و الدليل أنه قام بالغش في الامتحان
يرفت لمدة تتراوح بين 4 و 15 يوم و في صورة إعادة الكّرة يمكن أن يرفت نهائيا من
المعهد مع العلم أن للتلميذ حق الدفاع عن نفسه أمام المجلس لكن دون محام رغم فداحة
العقوبة التي قد يتعرض إليها.
نطرح الآن بعض الإشكاليات
الموضوعية وبعض الحلول العلمية لظاهرة الغش.
1. الاكتظاظ في القسم: هل يعقل أن نضع 40 تلميذا في قاعة تسع 20 و نطلب من كل تلميذ أن
لا يسرق النظر إلى ورقة زميله ؟ هل التلميذ هو المسؤول عن الاكتظاظ في القسم ؟
ربما يكون من الأفضل
توفير قاعات واسعة لعدد قليل من التلاميذ قبل محاسبتهم علي الغش.
2. طريقة إلقاء الأسئلة: أنا أتساءل: ما ضّر لو أدخل التلميذ معه ورقة مكتوب عليها
أبياتا شعرية في امتحان الإنشاء أو ورقة مكتوب عليها بعض القواعد في امتحان
الرياضيات أو الفيزياء؟
ربما يكون من الأفضل عدم
محاسبة التلميذ علي الحفظ في امتحان توظيف المعلومات.
3. مضمون البرنامج أصبح قديما: لماذا نفرض على التلميذ
برامج قديمة لا تراعي اهتماماته الحالية و من بعد نحاسبه على حفظها و فهمها؟
ربما يكون من الأفضل استشارة التلميذ عبر
استفتاء لمعرفة تصوراته و آماله و طموحاته قبل إعداد البرامج المدرسية.
4. المدرسة السلوكية المنسوبة إلي واتسون و سكينر (Le béhaviorisme de Watson et Skinner):
نعّلم التلميذ بالتلقين
والسؤال و الجواب و الجزاء و العقاب طوال حياته الدراسية و نرسم له مستقبله دون أن
يشارك هو في بنائه. نعامل التلميذ مثل ما يعامل الباحث السيكولوجي الفأر داخل
المتاهة حتى أصبح التلميذ يردد العبارة المشهورة "بضاعتكم ردّت إليكم" و
له ألف حق فهي بضاعتنا نفرضها عليه و لم يخترها بنفسه. نجحنا في خلق أجيال تقلّد
جيّدا و لا تبادر أبدا.
ربما يكون من الأفضل تطبيق
ما جاءت به المدرسة البنائية المنسوبة إلي
بياجي و فيقوتسكي (Le
constructivisme de Piaget et Vigotsky) الّتي تعلّم التلميذ كيف يتعلم بنفسه خاصّة في
عالم الانترنيت اليوم و عالم الموسوعات حيث يستطيع التلميذ أن يتفوّق على أستاذه
في بعض المجالات. تعلم "المدرسة البنائية المنسوبة إلي بياجي و
فيقوتسكي" التلميذ المبادرة والاستقلالية عن الأستاذ وتفرض على المربين بجميع أصنافهم اعتبار
التلميذ عقل مستقل يفكّر و ينتج و له وجهة نظر محترمة و ليس إناء فارغا نملؤه بما
نريد أو صفحة بيضاء نخط عليها ما نشاء.
5. بيداغوجيا الأهداف (PPO : Pédagogie Par Objectif):
ترسم
الوزارة أهدافها و يحضّر الأستاذ درسه و أهداف برنامجه دون معرفة مسبقة لتصوّرات
التلميذ و يقو م بإنجاز درسه على أحسن ما يرام رغم أنف التلميذ و يكمل برنامجه. أنا
أتساءل: هل أهداف الدرس هيّ أهداف التلميذ أم أهداف الأستاذ أم أهداف الوزارة ؟
ربما يكون من الأفضل
اعتماد طريقة بيداغوجيا المشروع (Pédagogie
de projet ) مشروع التلميذ لا مشروع الأستاذ
و لا مشروع الوزارة. أقصد مشروع البحث العلمي المشترك بين مادّتين أو أكثر
كالفيزياء و علوم الحياة و الأرض.مشروع يختار موضوعه التلميذ و ينجزه التلميذ داخل
فريق بإعانة الأستاذ و يقدمه التلميذ أمام زملائه فلا حاجة إلي حراسة و لا عقاب
فنقضي على الغش وعلى الأنانية من جذورهما فينشأ التلميذ واثقا بنفسه و بالآخرين.
أروي لكم ما شاهدت بأم عيني في معهد في نانسي بفرنسا: رأيت فريقا من تلاميذ السنة
ثالثة ثانوي يعني عام قبل الباكلوريا يقدّمون مشروعهم في نهاية السنة مستعملين
الوسائل الحديثة و هم يتداولون على أخذ الكلمة على المنصة، يشرحون تجاربهم، فخلتهم
طلبة المرحلة الثالثة يدافعون عن أطروحتهم! اشتغل التلامذة على المشروع عاما كاملا
مع بعضهم, تبادلوا المعلومات واستشاروا أهل العلم و قاموا بالتجارب وحدهم في
المخبر و وظفوا المعلومات في حلّ مشكل واقعي كـ"تأثير الأمطار الحامضة على
النباتات" مثلا. "بيداغوجيا المشروع" جعلتهم يعدّون أنفسهم بأنفسهم
للبحث العلمي و العمل مع الآخرين.
خلاصة القول:
للغش حلول علمية يتغافل
عنها المسئولون و المربون و لا يطبقون إلا الحلول التأديبية على التلميذ و هو الذي
يمثل أضعف حلقة في سلسلة المسؤولين على
الغش في الامتحانات. أقرّ أن التلميذ مسؤول نسبيا على عملية الغش و يجب تأديبه لأن
غياب التأديب فيه سوء تهذيب (L’absence
d’autorité est une forme de maltraitance).
لكن عندما لا تطبق
الوزارة الحلول العلمية و تكتفي بالعقاب يصبح التلميذ ضحية بعد ما كان مسؤولا.
إمضائي
المتكرّر و المحيّن و المتطور و المتغيّر دائما حسب قراءاتي الجديدة و المتنوّعة
في كل المجالات المعرفية الحديثة غربيا و عربيا. مواطن العالم د. محمد كشكار:
ينبغي التوضيح
بداية أن النقد يعني عندي الكشف عن الاستخدامات المتعددة و المتباينة للمفهوم في
السياقات الاجتماعية و التاريخية المختلفة. مما يعني أيضا كسر صنمية المفهوم أو
عدم تحويل المفهوم إلى صنم جامد، له دائما المعنى نفسه و الاستخدام نفسه و الوظيفة
ذاتها (إضافة د. م. ك: كالمفاهيم القاموسية المتداولة غير الدقيقة مثل مفهوم
اليسارية و العَلمانية و الديمقراطية و الإسلام و الاشتراكية و حقوق الإنسان و
حرية التعبير و المساواة بين المرأة و الرجل و حرية المعتقد و غيرها. و هذا هو
النقد الذي وجهته و لا زلت أوجهه لمفاهيم العلم و المعرفة و التعليم و التربية و
التكوين و اليسارية و العَلمانية و
القومية و التراث الإسلامي و الإسلاميين و الستالينيين و القوميين و
المنبتين ثقافيا و المنحازين للغرب دون غربلة أو نقد و حاولت من خلال هذا النقد
الهدام و البنّاء في الوقت نفسه أن أبين الاستخدامات غير العلمية التي تعرضوا لها
في السياق الغربي و العربي الحديث). برهان غليون.
أنا أعتبر نفسي
سليل الفكر الإسلامي و القومي و الماركسي و الليبرالي و الإنساني معا (إضافة
د. م. ك: أعيد الترتيب
و أقول: أنا أعتبر نفسي سليل الفكر الماركسي و اليساري الليبرالي الإنساني النقدي
و الإسلامي في العقد الأخير معا). فليس هناك تمثل من دون نقد. فأنا أعتبر نفسي
ثمرة النقد المثلث للإرث الإنساني الليبرالي و الماركسي و القومي (إضافة د. م. ك:
و الإسلامي منذ عام 2000) و لا أعتبر نفسي غريبا عنه في مكوناته المختلفة. و أنا
سليل هذه المكونات الفكرية بمعنى أنني ثمرة لها و في الوقت نفسه ثمرة التأمل
النقدي فيها. برهان غليون.
Les idéologies sont liberté quand elles
se font, oppression quand elles sont faites. Sartre
جميع الأديان و النظريات الفكرية تتحول بعد فترة معينة من أنظمة منفتحة
إلى أنظمة منغلقة و دغمائية. هاشم صالح.
فأي دين يستخدم سياسيا بدون أي تأطير علمي أو نقدي يتحول بسرعة إلى
إيديولوجيا ظلامية. محمد أركون
العقل الفلسفي هو نقدي تساؤلي استفزازي بالضرورة. و بالتالي فيشكل السلاح
الفعال ضد جميع الانغلاقات الدغمائية و الأيديولوجية.
هاشم صالح.
"الذهن غير المتقلّب غير حرّ"
لا
أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه
إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي.
يطلب
الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء
بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم
النقد المفيد.
لا
أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر
أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
الكاتب منعزل إذا لم يكن له قارئ ناقد.
عزيزي القارئ, عزيزتي القارئة، أنا لست داعية، لا فكري و لا سياسي, أنا
مواطن عادي مثلك، أعرض عليك وجهة نظري
المتواضعة و المختلفة عن السائد, إن تبنيتها, أكون سعيدا جدا, و إن نقدتها, أكون
أسعد لأنك ستثريها بإضافة ما عجزت أنا عن إدراكه, و إن عارضتها فيشرّفني أن يصبح لفكرتي معارضين.
البديل يُصنع بيني و بينك، لا يُهدى و لا يُستورد و لا ينزل من
السماء (قال تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) و واهم أو غير
ديمقراطي من يتصور أنه يملك البديل جاهزا.
L’intellectuel
est une création du XIXè siècle qui disparaîtra à la fin du XXè ou du XXXè
parce qu’il est fait pour disparaître. L’homme qui pense pour les autres, cela
n’a pas de sens. Tout homme qui est libre ne doit être commandé par personne
que par lui-même. Jean-Paul Sartre
Faire
avec les conceptions non scientifiques pour aller contre ces conceptions et
construire en même temps des conceptions scientifiques. Citoyen du monde Dr
Mohamed Kochkar
الحوار (إضافة د. م. ك: الحوار بين اليساريين التونسيين و الإسلاميين
التونسيين) لا يمكن أن يتم بالعقليات التقليدية، لا بد له من عقلانية مركبة ذات
رؤية منفتحة لا مغلقة وصيغة مرنة لا جامدة وبنية مركبة لا بسيطة ومنهج تعددي لا
أحادي ونظام متحرك لا ثابت، خصوصاً ونحن نلج في عصر تبدو فيه المعطيات في حركة
متواصلة وسيلان دائم. علي حرب.
في النهاية أنا مواطن
فقير بسيط عادي و أقرب المثقفين اليساريين ماديا إلى طبقة البروليتاريا،
مواطن منعزل و معزول قصدا من اليسار و
اليمين بسبب نقدي للاثنين معا. لا أنتمي لأي حزب و لا أومن بأية إيديولوجية يسارية
كانت أو يمينية لكن أومن بالمُثل العليا سماوية المصدر أو إنسانية الإبداع.
لا حول لي و لا قوة إلا
بالله و الشعب و الفكر و الثقافة الإنسانية و العلم و التكنولوجيا و المعرفة و نقد
المعرفة و ليس لي أي وزن أو تأثير مباشر على الأحداث و أمارس النقد الفكري و
السياسي و الاجتماعي و العلمي و الثقافي كهواية أدبية دون اختصاص في هذا المجال
الواسع و لا أملك بدائل جاهزة لِما أنقد لأن النقد مؤسسة قائمة بذاتها و غنية بما
تقدّمه للمبدعين و الناس العاديين، كل في مجاله، و أرى أن البديل ينبثق انبثاقا من
صنع و تفاعل أصحاب المشكلة فيما بينهم و أهل مكة أدرى بشعابها.
يبدو لي أن المثقف العربي توغّل في نقد الإنتاج الثقافي العربي و نسي نقد
آلة الإنتاج نفسها المتمثلة في المثقف العربي نفسه.
محمد كشكار, أستاذ تعليم ثانوي أول فوق الرتية
في علوم الحياة و الأرض منذ 37 سنة و دكتور في تعلّميّة البيولوجيا متخرج سنة 2007
تحت إشراف مشترك من جامعة تونس وجامعة كلود برنار بليون 1 بفرنسا.
أعرّف نفسي كديمقراطي مُعجب بالنمط الأسكندنافي لكن متماهي مع مجتمعي التونسي العربي الإسلامي ، و هذا
تعريف لوحده مُبِين، أتبناه حيطة و حذرا علميا، لا هروبا و تقية من التعريفات
السائدة كاليسارية و العَلمانية و الحداثة، هذه المفاهيم الثلاثة الأخيرة التي
شُوهت عن قصد سياسي و غير علمي من قبل أعدائها و غير المطلعين على تراثها العالمي
الرحب و الغني، هم اليمينيون المثقفون و غير المثقفين الذين حمّلوها ما لا تتحمل و
نسبوا لها جهلا و ظلما و بهتانا مفاهيم غريبة عنها كالميوعة و "قلة
الرجولية" و الكفر و الإنبتات و
الخيانة الوطنية. لكن في المقابل - و للأسف الشديد - لم يطورها محتكروها الشيوعيون
و القوميون و الاشتراكيون و لم يخلّصوها من بعض المفاهيم الشوائب التي لصقت بها
منذ ثلاثة قرون تقريبا و لم يسلّطوا نقدهم
الذاتي العلني على بعض مفاهيمها المتكلّسة كشيطنة الإسلام السياسي (أفهمه فقط كرد
فعل شرعي للدفاع عن النفس ضد تهديدات المتطرفين منهم، الداعون لقتلهم و نفيهم و
صلبهم و تقطيع أيديهم و أرجلهم من خلاف، لا لشيء سوى معارضتهم لهم سياسيا و سلميا
بالمظاهرات و الاعتصامات التي لا تعطل مرفقا عاما) و دكتاتورية البروليتاريا و الحزب الطلائعي الأوحد و عبادة و تقديس الشخصيات التاريخية السياسية
مثل الحكام الدكتاتوريين كلينين و ستالين و ماو و كاسترو و عبد الناصر و صدام و
الأسد مع احتفاظي باحترامي التام للتابعين لهؤلاء من الرفاق المعاصرين المناضلين
التونسيين النقابيين القاعديين اليساريين الصادقين النزهاء الذين تربيت وسطهم و
ناضلت معهم و أعترف و أشهد لهم بالوطنية و الشجاعة أيام معارضتهم لبورقيبة و بن
علي و الحكومة الحالية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire