mercredi 16 octobre 2013

دردشة مقاهي حول ثلاثة مواضيع سياسية تونسية آنية مهمة. نقل و تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

دردشة مقاهي حول ثلاثة مواضيع سياسية تونسية آنية مهمة. نقل و تعليق مواطن العالَم د. محمد كشكار

المكان: الطاولة الثقافية أو الفلسفية  بمقهى النت بحمام الشط الغربية.
الزمان: يوم الأربعاء، ثاني عيد الأضحى، بين الساعة الحادية عشرة صباحا و الواحدة بعد الزوال.
الحضور: 4كهول، ثلاثة منهم في التقاعد: أستاذ الفلسفة القدير المتقاعد حبيب بن حميدة (يساري غير منتم، أشترك معه في نقد الماركسية لكنه يتمسك بانتمائه الماركسي)،  رائد متقاعد من سلك الشرطة التونسية ومدير مدرسة شرطة سابق، معلم ماركسي و ناشط سياسي نزيه و متحمس و عضو بحزب العمال (أوجه له بالمناسبة تحية احترام و شكر لأنه الوحيد - من بين زملائه المنتمين الآخرين للأحزاب الشيوعية و القاطنين بحمام الشط - الذي يسمعنا باحترام رغم نقدنا اليومي و الجذري لحزبه و للحزبين الشيوعيين التونسيين الآخرين)، و عبدكم الفقير (يساري  غير منتم و متخلّ عن انتمائه الماركسي الشبابي بعد نقد ذاتي للماركسية علنا، نقد مكتوب  و منشور على صفحات الفيسبوك و النت مند زمان).
المواضيع الثلاثة: موقفي الشخصي من قانون تحصين الثورة و إقصاء التجمعيين، لماذا نجح حزب حركة نداء تونس بسرعة في تكوين حزب ليبرالي كبير قادر على استقطاب جل المعارضين لحزب حركة النهضة بما فيهم المعارضين اليساريين، و لماذا أخفقت الجبهة الشعبية اليسارية في تكوين حزب يساري كبير و فشلت في استقطاب المعارضين لحزب حركة النهضة من فنانين ومبدعين و مفكرين و أدباء و مؤرخين و أساتذة جامعيين و نسويين رجالا و نساءً (Féministes) و ماركسيين مستقلين و يساريين غير ماركسيين و مواطنين عاديين مثل العمال و صغار الفلاحين و صغار التجار و الطلبة.

1.     الموضوع الأول: موقفي الشخصي من قانون تحصين الثورة و إقصاء التجمعيين:
دار النقاش بيني و بين السيد الرائد، هو يرى أن الإقصاء لا يكون إلا عبر القضاء و بعد إدانة كل تجمعي على حده. أما أنا، فلي في المسألة رأي مخالف للسائد لدى الأوساط المعارضة، و مع الأسف فلقد فشلت في إقناع محاوري رغم تعدد الحجج و البراهين.
مَن هم التجمعيون المعنيون بالإقصاء لمدة خمس أو عشر سنوات من تحمل أي مسؤولية سياسية و حرمانهم من الترشح في الانتخابات و حرمانهم أيضا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البلدية و البرلمانية و الرئاسية و النقابية و الجمعياتية (الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و اتحاد الصناعة و التجارة و اتحاد المرأة و عمادة المحامين و جمعية القضاة و حتى الجمعيات الخيرية و غيرها من مؤسسات المجتمع المدني الحكومية و غير الحكومية الموالية و المعارضة)؟ يجب إقصاء كل الأمناء العامين للاتحادات النقابية (بما فيهم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل و أعضاء المكتب التنفيذي و أعضاء الهيئة الإدارية الذين ناشدوا بن علي للترشح للرئاسة في مناسبتين انتخابيتين)، و نواب البرلمان التجمعيين الذين نابوا الشعب زورا و بهتانا من 7 نوفمبر 1987 إلى غاية 14 جانفي 2011، و الوزراء، و رؤساء الوزراء، وكتّاب الدولة، و رؤساء الدواوين الوزارية، و المديرين العامين في كل الوزارات، و مستشاري الرئيس، ومستشاري الوزراء، و كل المناشدين الممضين أسفله المنادين للرئيس بالترشح، و المندوبين الجهويين بجميع اختصاصاتهم، و الولاة، و المعتمدين، و العُمَدْ، و كتّاب لجان التنسيق التجمعية الجهوية (نسبة إلى الحزب الحاكم في عهد بن علي و هو التجمع الدستوري الديمقراطي)، و رؤساء الجامعات الحزبية الجهوية و المحلية، و رؤساء الشعب الدستورية، و المديرين العامين في سلك الشرطة و الديوانة و حرس السجون، و رؤساء أركان الجيوش الثلاثة، و السفراء و القناصل و ملحقيهم، و الطرابلسية و كل مَن ساعدهم على النهب "القانوني" من قضاة و محامين و مهندسين و مسؤولين في دفتر خانة، باختصار كل الذين عملوا لإرساء سياسة العهد البائد من بعيد أو قريب إن كان كثيرا أو قليلا، و بعبارة أوضح كل من شارك بالتدبير أو بالتنفيذ لسياسة نظام بن علي  الظالمة و القامعة للشعب التونسي من 7 نوفمبر 1987 إلى غاية 14 جانفي 2011.

2.     الموضوع الثاني: لماذا نجح حزب حركة نداء تونس بسرعة في تكوين حزب ليبرالي كبير قادر على استقطاب جل المعارضين لحزب حركة النهضة بما فيهم المعارضين اليساريين؟
يبدو لي أنه نجح للأسباب الموضوعية التالية:
-         لم يتبن إيديولوجية محددة و لا برنامج سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو تربوي معيّن و ترك الشك يعمل لصالحه مما فسح المجال إلى أن ينضم إليه البورقيبي و التجمعي و الشيوعي و الاشتراكي الديمقراطي و الرأسمالي و العامل و الفلاح و الساحلي و غير الساحلي و المتدين و غير المتدين و الرجال و النساء و الفقراء و الأغنياء و الشمالي و الجنوبي.
-         اكتشف النقص في المشهد السياسي - نقص يتمثل في غياب حزب معارض قوي قادر على التداول على السلطة في صورة فشل حزب حركة النهضة في الانتخابات القادمة - و ملأ ه بتأسيس حزب جماهيري غير ديني و لكنه غير معادي للدين، غير اشتراكي لكنه غير معادي للاشتراكية، غير عميل لكنه غير معادي للغرب، غير قومي لكنه غير معادي للعروبة.
-         حاور كل أحزاب المعارضة الأخرى و دجّنها وجعلها تنشط لحسابه دون أن تشعر.
-         ورث كل التحالفات الخارجية للعهدين السابقين مع الجزائر و فرنسا و ألمانيا و شيئا من أمريكا وكسب ثقة المستثمرين المحليين و الأجانب.
-         ورث كل التحالفات الداخلية للعهدين السابقين مع الاتحاد العام التونسي للشغل و اتحاد الصناعة و التجارة و القضاة و المحامين و الفنانين و الأدباء و المفكرين غير المنتمين قديما.
-         حزب غني بالمال و العباد و الخبرة الحزبية و فالح في "التكنبين" (يلعب على تناقض الأحلام الزعماتية بين الأمناء العامين لأحزاب الجبهة الشعبية و على خلافاتهم  الإيديولوجية الضيقة جدا، و يوظفها لصالحه و قد استفاد منها عاجلا و ليس آجلا مما جعل عضوه البارز خميس كسيلة يخطب في اعتصام الرحيل و كأنه شي قيفارا في زمانه و هذا مما لا شك فيه آت من سخاء الجبهة الشعبية دون مقابل، هذه الجبهة "الشعبية" التي منحته صك الغفران و أضفت عليه شيئا من الشرعية الثورية التي تنقصه و التي لم يكن يحلم بها لولاها هي، هي التي  دجنت له الشارع، الشارع المستعصي عليه دونها).

3.     الموضوع الثالث: لماذا أخفقت الجبهة الشعبية اليسارية في تكوين حزب يساري كبير و فشلت في استقطاب المعارضين لحزب حركة النهضة من ماركسيين و يساريين غير ماركسيين و مواطنين عاديين مثل العمال و الفلاحين؟
-         وددت أنا و زميلي الفيلسوف أن تتخلى الأحزاب الماركسية اللينينية الستالينية التونسية الثلاثة (حزب العمال و حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد و الحزب الوطني الاشتراكي الثوري المتعارف عليه حسب المتداول باسم الوطد الثوري ) عن مرجعيتها الماركسية اللينينية الستالينية بعد القيام بنقد ذاتي و علني لجميع التجارب الماركسية من لينين إلى ستالين إلى ماو إلى تروتسكي إلى أنور خوجة إلى كاسترو إلى بول بوت إلى هوشمنه إلى شي قيفارا.
-         و وددنا أيضا أن تتبنى هذه الأحزاب الثلاثة نظرية الاشتراكية الديمقراطية على طريقة الأنظمة الأسكندنافية، أنظمة عرفت كيف تستفيد و توظف مكاسب الرأسمالية و مكاسب الاشتراكية أفضل توظيف، توظيف موفق تحسدهم عليه الدول الرأسمالية قبل الدول الاشتراكية و تغار منه الدول المتقدمة قبل الدول المتخلفة.
-         وددنا لو أسس ثلاثتهم حزبا اشتراكيا ديمقراطيا كبيرا و لو فعلوها لما كان لحزب نداء تونس شأن كبير و لاستقطب هذا الحزب الاشتراكي الديمقراطي كل شرائح المجتمع من طلبة و فنانين و مثقفين وعمال و صغار الفلاحين و صغار التجار و الحرفيين و لكان هو الحزب المعارض الأول كالأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأسكندنافية الفرنسية و الألمانية و الإيطالية و اليونانية.
-         وددنا لو أقاموا الندوات و الملتقيات حول نجاح الأنظمة الأسكندنافية على مستوى التعليم و البيئة و العدالة الاجتماعية و الصحية و التقشف الحكومي في صرف المال العام (وزير دون مسكن وظيفي و لا سيارة ولا وصولات بنزين مجانية، وزير يخاف عباد ربي فيصدق خوفه من ربي).
-         وددنا لو تبنى ثلاثتهم اللائكية الأنقليزية عوض اللائكية الفرنسية لأن الأولى عكس الثانية تعترف بالدين كعنصر مادي فعال في الحياة الاجتماعية و السياسية.
-         وددنا لو أدرجوا في تكوين منتميهم كتب جديدة غير الكلاسيكيات الماركسية كالكتب التي تنقد الماركسية التوتاليتارية أو الكتب التي تنقد الأصولية الإسلامية الرجعية.
-         وددنا لو اطلعوا أكثر على تراثهم العربي الإسلامي الغني بالتجارب المنيرة في العلم و العقل و العدل خاصة و أنهم يعترفون علنا بالهوية العربية الإسلامية للمجتمع التونسي.
-         وددنا لو يستضيفون في ملتقياتهم الثقافية مختصون في الإسلام أو مثقفون إسلاميون مستقلون و قد فعلها قبلهم منتدى ثقافي نهضاوي و استضاف يساريين، وهو "منتدى مقابسات" الذي استضاف في ثلاث مناسبات ثلاثة مثقفين يساريين، تكلم ثلاثتهم بصراحة و بحرية تامة دون قيد أو شرط و قد كنت حاضرا في المناسبات الثلاثة.
-         وددت أخيرا و ليس آخرا أن يسمعوني و يقرؤوني كما أسمعهم و أقرؤهم، لا لإقناعهم بالحجج و البراهين، بل لأعرض عليهم وجهة نظر مخالفة للسائد، و على كل مقال سيء أتمنى أن يردوا عليّ بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي و "النبزيات" كما عودوني في كل مناسبة و كل جلسة في المقهى. لا أتخيل ماذا كانوا فاعلين لو ظهر فيهم "سارتر" ثان و كتب عنهم مسرحية "الأيدي القذرة" التي كتبها سنة 1948 بعد انسلاخه من الحزب الشيوعي الفرنسي. و إن لم يصبروا علي نقدنا (سمّه هدّام أو بنّاء فسِيَاِن عندي لأن الهدم يسبق دائما البناء السليم)  نحن اليساريون المستقلون "جُلاّس المقاهي الفلسفية" فكيف بهم فاعلون بمعارضيهم لو وصلوا إلى السلطة، بصدق لا أفهم من أين لهم هذا التعالي على المستقلين و كأنهم ثوار الأوراس؟.
-         وددت لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن كما قال أكبر شاعر عربي أبو الطيب المتنبي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 16 أكتوير 2013.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire