jeudi 24 octobre 2013

شكرا للحركات الإسلامية (أو الإسلاموية) التي أجبرتنا على العودة إلى الذات! نقل و تعليق مواطن العالم د. محمد كشكار

شكرا للحركات الإسلامية (أو الإسلاموية) التي أجبرتنا على العودة إلى الذات! نقل و تعليق مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 7 أفريل  2012.

كتاب "مخاضات الحداثة التنويرية. القطيعة الإبستمولوجية في الفكر و الحياة."، هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2008، 391 صفحة. استعرته من المكتبة العمومية بحمام الشط. كتاب من أفضل الكتب التي قرأتها في السنوات الأخيرة و أعتبر كاتبه من أعلم و أنضج الفلاسفة التنويريين العرب، و أعُدّه من أهم رواد النهضة العربية الإسلامية المعاصرة.

تنبيه ضروري:
ما أنشره في هذه السلسلة من نقل و تعليق، تحت العنوان المشترك "فكرة قرأتها في كتاب"، لا يمثل بالضرورة موقفي الفكري بل هو عبارة عن مذكّرة خاصة، أعتمدها شخصيا عند الرجوع إلى الكتاب الأصلي. لا تغني هذه المذكرة عن قراءة الكتاب كاملا. يجب إذن توخّي الحذر الشديد في التعامل مع ما ورد فيها لأن لا تصل إليكم فكرة الكاتب ناقصة أو مشوّهة. أنشر هذه السلسلة مساهمة مني في رد الاعتبار لفن ثامن في طريق الانقراض، اسمه "مطالعة الكتب" و فكرة الكتاب تلزم الكاتب و لا تلزم الناقل دون أن نتغافل عن كون الأفكار هي وقائع فكرية تستقل عن قائلها

نص هاشم صالح:
صفحة 251:
شكرا للحركات الإسلامية (أو الإسلاموية) التي أجبرتنا على العودة إلى الذات، على طرح المشكلة الحقيقية بدلا من التهرب منها. ثم أجبرت هؤلاء المثقفين المتحررين جدا، و التقدميين جدا، و الحداثيون جدا جدا على أن يتنبهوا إلى أنهم في واد و الواقع في واد آخر، و أنهم غير ما يدّعون. فالتاريخ يعلمنا و المنهجية التاريخية تعلمنا أنه لا يمكن لأي مفكر مهما علا شأنه و كبرت عبقريته أن يتجاوز ما لا يمكن تجاوزه، أي الذات الجماعية (d’après moi, c’est la conscience générale ) التي تحيط به، و اللحظة التاريخية التي هو مشروط بها، شاء ذلك أم أبى.

إضافة م. ع. د. م. ك:
لو طبقنا هذه المنهجية على واقعنا التونسي الراهن، و تمعنا في نتيجة انتخابات 23 أكتوبر 2012 الأخيرة رغم أنني أراها لعبة شبه مزيفة بالمال السياسي و الماكينة الانتخابية حتى لو لم تكن شكليا مزيفة مثلها مثل الانتخابات في الدول الديمقراطية الغربية، و أرى أن نسبة صفر فاصل لا تعكس الواقع الموضوعي لليسار النقابي القاعدي التونسي المناضل، قائد ثورة 14 جانفي  2011 و مهندسها و منفذها   و المتخلي و العاجز عن جني ثمارها في الوقت المناسب (التآمر على جبهة 14 جانفي اليسارية و حلها بسرعة البرق من قبل أطراف يمينية داخلية و خارجية و تعويضها بالهيئة العليا لبن عاشور)، لكن حتى لو كانت ديمقراطية و نزيهة و شفافة مائة بالمائة (و هذا لم  يحصل حتى في أمريكا و أوروبا، لأن الديمقراطية الغربية لعبة بالمعنى الحرفي و ليس المجازي للكلمة و "الشاطر" الخبيث المتلون و ليس الوطني المخلص الصادق هو الذي يربح، يربح بماله السياسي و بتحالفاته المشبوهة و بوعوده السخية الكاذبة) فلن تزيد نسبة اليسار - حسب تكهناتي غير العلمية - على 10 في المائة في أقصى تقدير. و مهما كان تقييمنا للانتخابات، مزيفة أو نزيهة، فهي كانت بمثابة الصدمة الكهربائية لليسار حتى يعي حجمه السياسي الحقيقي و ليس الوهمي في تونس و في العالم العربي و على ضوء هذه النتيجة بدأ اليسار العربي يراجع مواقفه و يعدّل سياسته و يغيّر خطابه و يتماهى مع مجتمعه العربي المسلم و يتصالح مع هويته العربية الإسلامية.
انتهت إضافة م. ع. د.م. ك.

نرجع إلى نص هاشم صالح
بهذا المعنى، فإن المفكر العربي أو المسلم الحقيقي هو ذلك الذي يعيش اللحظة التاريخية للعرب و المسلمين و ينتمي إليها قلبا و قالبا، لا ذاك الذي يعيش اللحظة التاريخية للغرب و الغربيين. هذا يعني أنه يمكن للفكر أن يكون مرتبطا بهموم مجتمعه العربي - الإسلامي حتى و هو في الخارج. فالمفكر الذي يعيش في باريس كل حياته مثلا يكون مشغولا بمشاكل الإسلام و المسلمين أكثر من مفكرين عديدين يعيشون في بغداد أو دمشق أو القاهرة...المسألة تخص في نهاية المطاف مدى الارتباط الوثيق بالقدر التاريخي للعرب و المسلمين أو عدمه، مدى الحرص على تخليصهم من وهدة التخلف و الانحطاط أو اللامبالاة كليا بهذه المسألة. و الواقع أن الشيء المؤلم الآن هو أن المفكر مضطر للعيش خارج مجتمعه لكي يفكر فيه! فالتفكير في الداخل أصبح مغامرة غير محمودة العواقب. بل إن المضايقات و التهديدات أصبحت تصل حتى إلى المفكرين في الخارج...

هنا يكمن المقياس الحقيقي للإخلاص و الخيانة أو إذا شئتم كلمة أخرى أقل حدة للارتباط و القطيعة مع القدر التاريخي للعرب. و هذا هو الشرط المسبق و الضروري لكي يفعل المفكر في المشكلة، أو يزحزحها عن مواضعها التقليدية. ذلك أن التحرير لن يكون إلا عن طريق الجهد البطيء و المخيب غالبا - هذا الجهد الذي تقوم به الذات على ذاتها و ضد ذاتها من أجل أن تنبثق من داخل ذاتها ذاتُ أخرى أكثر شبابا و قدرة على مواجهة التحديات.

 إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم غير العلمية و على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.
نحن العربَ، مسلمي و مسيحيي القرن الحادي و العشرين، نتموضع حضاريا في الوقت الراهن في المنعطف التاريخي الفاصل بين القرن الثامن عشر و العصور الوسطى الذي تموضع فيه الأوروبيون قديما. هذه حقيقة أصبحت شبه متأكد منها الآن بعد حوالي ثلاثين سنة من التيه و الدوران و الضياع الأيديولوجي، قضيتها في شك دائم و يقين مؤقت، قضيتها في قراءات متعددة و متنوعة باللغة الفرنسية، جلها ماركسي و بعضها علمي بيولوجي و وجودي و قومي و إسلامي. لذلك احتطت اليوم لنفسي و ارتبطت منذ سنوات بمشروع النهضة العربية الإسلامية كتابة و نشرا، ثم نقلا و تعليقا على رواد النهضة الفكرية العربية الإسلامية من أمثال المفكرين العرب المسلمين النهضويين التنويريين المعاصرين: الطاهر الحداد و طه حسين و محمد الغزالي (يتحفظ لأنه قد يكون أجاز قتل فرج فودة) و جمال البنّا و نصر حامد أبو زيد و علي عبد الرازق و  صادق جلال العظم و هاشم صالح و عبد الله العروي و محمد أركون و حسين مروة و علي حرب و محمد الشريف الفرجاني و عبد المجيد الشرفي و هشام جعيط و محمد الطالبي و غيرهم كثيرون. و كان ذلك لي عزاء من غربتين أو عدة غروبات دفعة واحدة: غربة عن اللغة العربية، غربة عن الأرض و التاريخ، غربة عن التراث العربي الإسلامي، غربة عن المجتمع التونسي البربري الإسلامي العربي الأممي، غربة عن الأصالة و الذات - غربة الغربات.
"و إذا فهمت نفسك فكأنك فهمت الناس جميعا". هاشم صالح.
"الفلسفة هي القبض على الواقع من خلال الفكر". هيغل.
"الذهن غير المتقلّب غير حرّ".
قال الرسول محمد، صلى الله عليه و سلم: "مَن قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدَهُما"
قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا، عليكم أنفسكم لا يضرّكم مَن ظلّ إذا اهتديتم إلى الله.
الشك طريق إلى مزيد من الشك (في العلم بالطبع و ليس في الدين، فالدين بطبيعته لا يتحمل الشك و هو يقين من أوله إلى آخره). مواطن العالم د. م. ك.
و كما قال هاشم صالح: "ليس بالماديات وحدها يحيا الإنسان، على عكس ما علّمتنا تلك الوضعية الاختزالية (Le positivisme réducteur)، أو الماركسوية الفجّة و الكسيحة".





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire