mercredi 30 octobre 2013

فكرة قرأتها في كتاب: هل ظلت الحداثة الغربية الطريق؟ فأحيانا ندينها، و أحيانا نبدي إعجابنا بإنجازاتها، أحيانا نحبها و أحيانا نكرهها! نقل و تعليق د. محمد كشكار

فكرة قرأتها في كتاب: هل ظلت الحداثة الغربية الطريق؟ فأحيانا ندينها، و أحيانا نبدي إعجابنا بإنجازاتها، أحيانا نحبها و أحيانا نكرهها! نقل و تعليق د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 2 أفريل 2012.   

المصدر:
كتاب "مخاضات الحداثة التنويرية. القطيعة الإبستمولوجية في الفكر و الحياة."، هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2008، 391 صفحة. استعرته من المكتبة العمومية بحمام الشط. كتاب من أفضل الكتب التي قرأتها في السنوات الأخيرة و أعتبر كاتبه من أعلم و أصوب الفلاسفة العرب التنويريين، و أعُدّه من أهم رواد النهضة العربية المعاصرة.

تنبيه ضروري
ما أنشره في هذه السلسلة من نقل و تعليق، تحت العنوان المشترك "فكرة قرأتها في كتاب"، لا يمثل بالضرورة موقفي الفكري بل هو عبارة عن مذكّرة خاصة، أعتمدها شخصيا عند الرجوع إلى الكتاب الأصلي. لا تغني هذه المذكرة عن قراءة الكتاب كاملا. يجب إذن توخّي الحذر الشديد في التعامل مع ما ورد فيها لأن لا تصل إليكم فكرة الكاتب ناقصة أو مشوّهة. أنشر هذه السلسلة مساهمة مني في رد الاعتبار لفن ثامن في طريق الانقراض، اسمه "مطالعة الكتب" و فكرة الكتاب تلزم الكاتب و لا تلزم الناقل دون أن نتغافل عن كون الأفكار هي وقائع فكرية تستقل عن قائلها.

نص هاشم صالح
صفحة 192:
نعم، إن الغرب يضغط على بلدان الجنوب و يعرقل تنميتها، أكثر مما يساعدها على الخروج من حمأة الفقر و التخلف و الجهل. فهو القوي المسيطر على مقدرات العالم. و سياسته الخارجية في إفريقيا أو في منطقة الشرق الأوسط أو غيرهما من المناطق لم تكن دائما متوافقة مع مبادئ عصر التنوير و حقوق الإنسان و الديمقراطية. و إنما كان يهدف بالدرجة الأولى إلى تأمين مصالحه و عقد أكبر ما يمكن من الصفقات التجارية. و هنا تكمن إحدى نقائص الحداثة أو انحرافاتها الأكثر خطورة. أعترف بأني أجد صعوبة كبيرة في فهم هذا الموقف الأوروبي أو الغربي. و بما أني أحد المعجبين بالحداثة الأوروبية و بالمعارك الفكرية التي خاضتها على مدار أربعة قرون متواصلة، فإني لا أفهم كيف يمكن أن تنسى مبادئها إلى هذه الدرجة؟! كيف يمكن لحضارة قامت على أكتاف فلاسفة همّهم البحث عن الحقيقة أن تهمل الحقيقة و المبادئ خارج حدودها؟! هل ظلت الحداثة الغربية الطريق؟  هل انحرفت عن براءة عصر التنوير الأولى و مبادئه في الحرية و العدالة و المساواة؟ هل ينبغي التفريق بين العقل الأدواتي، البارد و العقل التنويري الحقيقي كما فعلت مدرسة فرانكفورت مثلا؟ ربما. (هامش 1 صفحة 193: نقدت مدرسة فرانكفورت الانحرافات العقلانية الغربية).

يبدو أن الحداثة الغربية ذات وجهين. فهي من جهة حررت الشرط البشري بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، و هي من جهة أخرى مارست الاستغلال و التوسع و الهيمنة على الآخرين بشكل لم يسبق له مثيل من قبل أيضا. من هنا صعوبة اتخاذ موقف متوازن منها. فأحيانا ندينها، و أحيانا نبدي إعجابنا بإنجازاتها، أحيانا نحبها و أحيانا نكرهها. و لكن أليست كل حضارة بشرية ذات وجهين؟ ألا تنطوي على صراع مستمر بين المعنى و القوة. فالحضارة في بدايتها تكون باحثة عن المعنى و المبادئ و المُثُل العليا و الحقيقة، ثم تتحول بمرور الزمن إلى قوة أنانية تبحث عن التوسع و النهب و السلب. هكذا تنحرف الحضارات في التاريخ فتتحول من جهة الحقيقة إلى جهة القوة أو من جهة المعنى إلى جهة التعسف و الأنانية.

نعم لقد انحرفت الحضارة الغربية عن مبادئ عصر التنوير و تحولت إلى أداة لخدمة مصالح طبقة قائدة تريد السيطرة على العالم كله. نعم إن التقدم الأخلاقي أو الروحي الذي حققته هذه الحضارة ليس على مستوى التقدم العلمي و التكنولوجي و هذا ما يقوله حكماء الغرب أنفسهم و ليس نحن. و هنا تكمن أزمة الحضارة الغربية في الواقع. و لكن هذا لا يبرر إدانة التنوير أو التخلي عن مبادئه و إنجازاته، فكما أن المبادئ الإنجيلية ليست مسئولة عن محاكم التفتيش و الأصولية المسيحية فإن مبادئ عصر التنوير ليست مسئولة عن انحرافات الحداثة الاستعمارية و الرأسمالية (إضافة م. ع. د. م. ك: ، و كما أن المبادئ الدينية الإسلامية ليست مسئولة عن ظلامية بعض الأصولية الإسلامية الرجعية التوتاليتارية).

كل ما ينبغي أن نفعله هو مراجعة تجربة الحداثة و نقد انحرافاتها و محاولة تصحيح مسارها. و هذا ما يفعله كبار المفكرين حاليا من أجل تجاوز الحداثة الكلاسيكية و الدخول في عصر "ما بعد الحداثة". فالحداثة مشروع لم يكتمل، كما يقول الفيلسوف الألماني يورغين هابرماس، بمعنى أنها لم تحقق كل وعود فلسفة التنوير من جهة، و لم تعمَّم على جميع شعوب الأرض حتى الآن من جهة أخرى. وحدها الشعوب الأوروبية و الأمريكية تنعم بثمار الحداثة: من رفاه مادي، و ديمقراطية، و حريات دينية، و حقوق إنسان، و دولة قانون و مؤسسات. أما بقية شعوب الأرض (أي أربعة أخماس المعمورة) فلا تزال تئن تحت وطأة الفقر و الجوع و شتى أنواع الدكتاتورية و الاستبداد السياسي و التعصب الديني الأصولي.

إمضائي المختصر:
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم غير العلمية و على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرمزي.
و إذا فهمت نفسك فكأنك فهمت الناس جميعا. هاشم صالح.
الفلسفة هي القبض على الواقع من خلال الفكر. هيغل.
الشك طريق إلى مزيد من الشك (في العلم بالطبع و ليس في الدين، فالدين بطبيعته لا يتحمل الشك و هو يقين من أوله إلى آخره). مواطن العالم د. م. ك.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire