mardi 15 octobre 2013

فكرة قرأتها في كتاب: هل أصبح تراثنا العربي الإسلامي كالبيت الآيل للسقوط؟ نقل و تعليق د. محمد كشكار

فكرة قرأتها في كتاب: هل أصبح تراثنا العربي الإسلامي كالبيت الآيل للسقوط؟ نقل و تعليق د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 24 مارس 2012.

كتاب "مخاضات الحداثة التنويرية. القطيعة الإبستمولوجية في الفكر و الحياة."، هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة و النشر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2008، 391 صفحة. استعرته من المكتبة العمومية بحمام الشط.

تنبيه ضروري
ما أنشره في هذه السلسلة من نقل و تعليق، تحت العنوان المشترك "فكرة قرأتها في كتاب"، لا يمثل بالضرورة موقفي الفكري بل هو عبارة عن مذكّرة خاصة، أعتمدها شخصيا عند الرجوع إلى الكتاب الأصلي. لا تغني هذه المذكرة عن قراءة الكتاب كاملا. يجب إذن توخّي الحذر الشديد في التعامل مع ما ورد فيها لأن لا تصل إليكم فكرة الكاتب ناقصة أو مشوّهة. أنشر هذه السلسلة مساهمة مني في رد الاعتبار لفن ثامن في طريق الانقراض، اسمه "مطالعة الكتب" و فكرة الكتاب تلزم الكاتب و لا تلزم الناقل دون أن نتغافل عن كون الأفكار هي وقائع فكرية تستقل عن قائلها

نص هاشم صالح:
صفحة 204: في كتابه "مقال في المنهج"، يتحدث ديكارت عن التراث الذي تلقاه في طفولته و يشبّهه بالبيت العتيق. فعندما يكون لك بيت قديم ورثته عن آبائك و أجدادك و أصبح شائخا فإنك مضطرّ إلى أحد احتمالين: إما أن تتركه ينهار عليك، و إما أن تهدمه و تجدّده من أساسه. هذا لا يعني بالطبع أنه لا يوجد شيء صالح في هذا البيت القديم. فالواقع أن الكثير من حجارته قد لا تزال متينة و يكفي أن ننفض عنها الغبار و ننحتها لكي نستخدمها في البناء الجديد.

إضافة 1 للـد. م. ك:
و ما أكثر هذا النوع المتين الأخير من الحجارة في تراثنا العربي الإسلامي، مثل:
-         العلاقة العمودية دون وساطة بين الخالق و المخلوق، آدمية الأنبياء و الرسل بما فيهم محمد صلى الله عليه و سلم (قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًاالرسول"، و "هل كنت إلا بشرا رسولا"، و " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا"، و "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ").
-         حرية المعتقد و احترام الأديان الأخرى ( قال تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغيّ"، و  "لا نفرّق بين أحد من رسله، ونصدّقهم كلهم على ما جاؤوا به").
-         إباحة الجنس الحلال (انظر كتاب "الجنسانية في الإسلام" للفيلسوف التونسي المسلم عبد الوهاب بوحديبة).
-         تحليل الشهوات الحسية من مأكل و مشرب و طِيب و زينة و عدم تحميل الذنب لمتعاطيّيها.
-         تقديم حفظ النفس على حفظ الدين.
-         يُرجأ الحساب و الجزاء و العقاب و التكفير ليوم القيامة و هو اختصاص من صفات الله وحده.
-         هداية البشر هي أيضا من صفات الله فقط ("إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء").
-         "إلعن المعصية و لا تلعن العاصي"، قول مأثور لأن المعصية ضارّة باتفاق جميع المسلمين أما العاصي فهو بشر قد يهديه يوما ربه و يغفر له سيئاته كلها.
-         كل إنسان غير مسلم هو مسلم بالقوة أو مشروع مسلم فلا تيئسوا من رحمة ربكم و لا تضيّقوها بعد أن وسّع الله فيها - سبحانه و تعالى لحكمة لا يعلمها إلا هو الحي القيوم - لتشمل  عباده الضالّين فجادلوهم بالتي هي أحسن إن كنتم حقا من المسلمين (قال تعالى: "فذكّر إنما أنت مذكّر لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله").
-         التسامح الديني في العهد العربي الإسلامي الذهبي الذي عاش تحت ظله مفكرون و أدباء و شعراء و مغنون مختلفون عن السائد من أمثال المعري و أبو نواس و التوحيدي و مسكويه و أبو الفرج الأصفهاني و الجاحظ و عمر ابن أبي ربيعة و غيرهم كثيرون.
-         دون أن ننسى أو نتناسى من قضى نحبه من عظماء المفكرين و الكتاب جرّاء تحررهم و خروجهم عن خط السلطة السائد و الظالم أمثال ابن المقفع و بشار و الحلاج مع التذكير المهم أن القمع الذي وقع في تاريخ الحضارة الإسلامية لا يساوي واحدا في الألف مما عاناه و قاساه روّاد النهضة الأوروبية في القرون الوسطى من مجازر اقترفتها في حقهم الكنيسة المسيحية و محاكم تفتيشها سيئة و مرعبة الذكر.
-         احترام الوالدين و إكرامهما و تبجيلهما، قيما تجلت في أروع و أرق آية في القرآن حسب رأيي المتواضع و غير المختص طبعا (قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ( 23 ) واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربّياني صغيرا" و غيرها من الحجارة الكريمة التي تزين تراثنا، لكننا من عَمانا لا نراها أو لا نريد أن نراها بعد أن رآها و أخذها و طبّقها الغرب أفضل تطبيق). انتهت إضافة 1 للـد. م. ك.

نرجع إلى نص هاشم صالح:
و لكن يصعب على المرء أحيانا أن يفكّك جدران البيت القديم و أساساته لأنه تعوّد عليه و آلفه، و لأنه إرث الآباء و الأجداد. إنه يهابه و يحترمه و تصل مرتبته عنده إلى درجة المقدسات. فالتعلق العاطفي به قوي، و مع ذلك فلا حيلة لنا في الأمر لأنه قد ينهار من تلقاء نفسه.

إضافة 2 للـد. م. ك:
ينهارالبيت من تلقائ نفسه أو تهدم البلدية البيت لمخالفته المواصفات الصحية و البيئية و الجمالية الحديثة و أرمز للبلدية هنا بالغرب الإمبريالي الاستعماري الغاصب الناهب و الطمّاع، لم يطمع في البيت العتيق (تراثنا العربي الإسلامي الذي نَقَل و نَهَلَ منه الغرب في القرن الثالث عشر و بني على أسسه العلمية نهضته الأوروبية) و إنما طمع في الأرض التي شُيّدَ عليها البيت و ما تحتها و ما فوقها من ثروات طبيعية كبيرة كالنفط و الغاز و الذهب و الحديد و الفسفاط. أوحى لنا هذا العدو الغربي التاريخي الخبيث بأن بيتنا شاخ و لم يعد صالحا للسكن و أقنعنا بعلمه المنحاز أن حجارة تراثنا العربي الإسلامي أيضا لم تعد صالحة للبناء لقِدَمِها و هشاشتها و أوهمنا أنها غير قابلة للصقل و إعادة الاستعمال في البناء من جديد ثم باعنا حجارة من صنعه، حجارة غير متأقلمة مع بيئتنا و مناخنا و تراثنا و حضارتنا و ثقافتنا و ديننا و عاداتنا و تقاليدنا و عُرفنا و ذوقنا. و النتيجة الحتمية لسياسته الماكيافيلية و غزوه الحضاري و الثقافي و الاقتصادي هي التالية: هَدَمْنا بيتنا العتيق الوحيد بأيدينا و رمينا حجارته، غثها و سمينها،  هشها و متينها. و "بارك الله فيه"، ترك لنا احتمالين لا ثالث لهما: إما نبيت في العراء و نصبح - بعد ما كنا صناع حضارة - دون بيت قارّ متشردين أو على أبواب سفاراته لتأشيرة متسولين و بهجرة وطننا فرحانين بعد ما حررناه بالدم و الأنين، أو نشتري حجارة الغرب المغشوشة و المسمومة ذات الاستعمال الواحد و نبقى له أبد الدهر تابعين و لإملاءاته التربوية و الاقتصادية و الثقافية و الحضارية سامعين منصتين طيّعين مطيعين منفّذين و عن تراثنا العربي الإسلامي منبتّين و لديننا الإسلامي مُعادين و لرموزنا مُحتقرين و مصغّرين و لعُمّالنا و كفاءاتنا العلمية مصدّرين و لبذورنا الزراعية المحلية مستوردين و لعزائمنا مُحبِطين و لأنفسنا مزدَرِين و لطموحنا قاتلين و لذمتنا بائعين و لوطننا خائنين و في الأمانة مفرّطين و لمستقبلنا وائدين و من قبل العالم منبوذين و في نظره إرهابيين غير محترمين و غير مهابين و هو لأرضنا في العراق و فلسطين لَمِنَ الغاصبين!

إمضائي المختصر
لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه من أجل بناء أفراده الذاتي لتصورات علمية مكان تصوراتهم غير العلمية و على كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف المادي أو اللفظي أو الرزي.
"و إذا فهمت نفسك فكأنك فهمت الناس جميعا".




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire