samedi 6 juillet 2013

هل ما حدث في مصر هو انقلاب قام به الجيش ضد السلطة الحاكمة؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

هل ما حدث في مصر هو انقلاب قام به الجيش ضد السلطة الحاكمة؟ مواطن العالَم د. محمد كشكار

قبل أن أحاول الإجابة على هذا السؤال و رفعا لكل التباس و تجنبا لكل مزايدة مجانية، أود توضيح موقفي الشخصي من التيارات السياسية الأربعة المتنافسة في الوطن العربي منذ خمسينات القرن العشرين: أنا أعارض سلميا - فكريا و ثقافيا و سياسيا - و لا أعادي إيديولوجيا سلطة القوميين و لا سلطة الاشتراكيين و لا سلطة الليبراليين و لا سلطة الإسلاميين الحاليين، لكنني في الوقت نفسه لا أكره الماركسيين بل أحبهم لأقليتهم، و لا أكره القوميين بل أتعاطف معهم لحسن نواياهم الوحدوية، و لا أكره الإسلاميين بل أحترمهم لأغلبيتهم، و لا أكره الليبراليين لغناهم الفكري و الأدبي و الفني و الإبداعي.

أكره و أمقت فقط الرأسماليين الغربيين الاستعماريين الجشعين المتوحشين المحتلين المعتدين - بواسطة "وزارة البنتاغون الأمريكية" و "حلف الناتو الأوروبي" - على العرب و المسلمين و جميع المستضعفين في العالَم و خاصة في أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية و أكره أيضا حكم العسكر مهما كانت مرجعيته قومية أو اشتراكية أو إسلامية أو ليبرالية.

و لتوضيح انحيازي السياسي أكثر، أنا أعتبر أن الدول الأسكندنافية الحالية (كالنورفاج و فنلندا و السويد) تمثل أفضل الأنظمة السياسية في العالَم مع احترام الفوارق الثقافية و الدينية بين الشعوب، لأن هذه الأنظمة - حسب اطلاعي المحدود على تجربتها - قد استفادت من مكتسبات التجربة الاشتراكية و مكتسبات التجربة الرأسمالية و نجحت في توظيف أحسن ما في النموذجين  من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية الممكنة اليوم.

أرجع إلى السؤال الذي طرحته في العنوان و أقول أن ما حدث في مصر ليس انقلابا لأنني و بكل بساطة لم أقرأ في التاريخ أن حدث يوما و انقلبت سلطة على نفسها! الجيش المصري حكم مصر منذ انقلاب عبد الناصر ضد الملك فاروق و منذ ذلك التاريخ لم يتخل يوما عن حكمها حتى بعد ثورة 25 يناير 2011، و الإخوان المسلمون لم يحكموا مصر رغم فوزهم في الانتخابات التشريعية و الرئاسية لأن - من سوء حظهم و فشل سياستهم - استعْدُوا كل أجهزة الدولة من جيش و شرطة و قضاء و إعلام، و أضافوا - بمجانية كاملة - إلى خصومهم أنشط مكونات المجتمع المدني من أحزاب و جمعيات يسارية و قومية و ليبرالية و مثقفين و فنانين و عرب شيعة و مسيحيين.

أما وضع تونس فهو مماثل لوضع مصر و مختلف في نفس الوقت. مماثل: إخوان تونس - كإخوان مصر -  يملكون السلطة شكليا و لا يحكمون الدولة فعليا لأن جل أجهزة الدولة و جل مكونات المجتمع المدني معارضون و معادون لسياسة حزب النهضة. مختلف: جيش مصر ليس كجيش تونس و لا وجه للمقارنة بينهما:
-         الأول صنع تاريخ مصر الحديثة بهزائمها و انتصاراتها.
-         الثاني أقصاه النظام البورقيبي و أضعفه نظام بن علي، فلا تاريخ حربي أو سياسي يُنسب له.
-         الأول كثير العدة و العتاد. خاض حروبا عديدة ضد الأشقاء و الأعداء و تعلم من هزائمه و استفاد من انتصاراته. متهم بقمع و قتل العشرات أو المئات من المواطنين المصريين العزل و المسلحين في عديد الانتفاضات الشعبية و الحزبية.
-         الثاني قليل العدة و العتاد. لم يخض و لو جولة واحدة ضد شقيق أو عدو خارجي و لم يذق يوما طعم الهزيمة و لا حلاوة الانتصار. متهم بقمع و قتل العشرات أو المئات من المواطنين العزل في أحداث جانفي 1976 و أحداث الخبز في 1984.
-         الأول فاعل أساسي سياسي و اقتصادي و يسيطر على ما يقارب الثلاثين في المائة من الاقتصاد المصري الحالي.
-         الثاني مهمش سياسيا و فقير اقتصاديا.

خلاصة القول:
 لا أتمنى أن يُعاد سيناريو مصر حرفيا في تونس، لا تعاطفا مع النهضة بل كرها في حكم العسكر. كل ما أرجوه من حركة تمرد التونسية - إن نجحت في تحشيد الملايين ضد حكم النهضة - أن تفرض على الحكومة الحالية تكوين لجنة عليا للانتخابات، لجنة توافقية مستقلة عن كل الأحزاب، تحدد لنا موعدا قريبا للانتخابات الرئاسية و البرلمانية و البلدية. و أتمنى أن تغادر النهضة الحكم الشكلي - كما تسلمته - عن طريق الديمقراطية و السلمية و صناديق الاقتراع حتى و لو كانت ديمقراطية نسبية، فالديمقراطية دائما أخف من حكم العسكر.

إمضاء م. ع. د. م. ك:
على كل مقال سيء، نرد بمقال جيد، لا بالعنف الرمزي أو اللفظي أو المادي.


تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 7 جويلية 2013.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire