مفارقات الإخوان المسلمين
العرب مع الديمقراطية. مواطن العالَم د. محمد كشكار
رغم أن الإخوان المسلمين
العرب و منذ نشأتهم في مصر سنة 1928 و انتشارهم في تونس و الجزائر في السبعينات و
الثمانينات من القرن العشرين، هم متهمون في كل الدول العربية المعنية - من قبل
اليسار و القوميين و الليبراليين غير الإسلاميين- بعدم إيمانهم بالديمقراطية، و
رغم أن خصومهم الثلاثة وصلوا إلى الحكم، إما عن طريق شرعية التحرير المسلح أو عن
طريق الانقلابات العسكرية النمطية و خلدوا أنفسهم في السلطة عن طريق تزوير
الانتخابات الصارخ، فأنا ألاحظ بكل تجرّد و بكل موضوعية و دون خلفيات إيديولوجية
معاكسة، و أقول أنه يبدو لي - و أهل الاختصاص أعلم مني بذلك - أن الإسلاميين في
الجزائر (عباسي مدني) و مصر (مرسي) و تونس (الغنوشي) وصلوا إلى السلطة عن طريق
صندوق الاقتراع عبر انتخابات نسبيا حرة نزيهة و شفافة مع الإشارة أن الانتخابات
كلها ديمقراطية نسبية حتى في أمريكا و أوروبا، مع العلم أنني لست إخوانيا و لن
أكون، لكنني - كمعارض يساري غير ماركسي و
غير منتم - أعارضهم فكريا و سياسيا و ثقافيا و لا أعاديهم عاطفيا و اجتماعيا و إيديولوجيا،
و لا أحبذ البتة إزاحتهم من الحكم عن طريق القوة العسكرية الغاشمة و الفاشية كما
وقع في الجزائر سنة 1991 (الجيش أزاح "الفيس" فورا بعد فوزها الساحق في
الانتخابات و قبل تسلمها السلطة) و مصر يوم 30 جوان 2013 (الجيش أزاح الإخوان بعد عام من تسلمهم
السلطة).
أتمنى أن لا تُعاد هذه
السيناريوهات الانقلابية المشؤومة و غير الديمقراطية في تونس بل أتمنى الفوز على
حزب حركة النهضة في الانتخابات القادمة بكل ديمقراطية. أما أخطاء الإخوان عند
ممارستهم للديمقراطية، و مهما كانت خطيرة أو كارثية، فلا تُعالج إلا بمزيد من
الديمقراطية، و أرجو من رفاقي اليساريين أن لا يكيلوا بمكيالين و أن لا يستعملوا
ديمقراطية حربائية تغير لونها حسب تغيّر الخصم المقابل.
فالديمقراطية - حسب رأيي
المتواضع جدا لأنني لست عالم اجتماع أو محلل سياسي محترف أو ناشطا سياسيا ربما
يعرف خبايا الأمور أحسن مني - مبدأ ثابت لا يتزحزح حسب الأهواء الإيديولوجية، و هي
هدف شعبي قديم قدم ديمقراطية أسبرتا و أثينا 500 سنة تقريبا قبل ميلاد المسيح عليه
السلام، و الوسائل الوحيدة لتحقيها هي الانتخابات الحرة النزيهة الشفافة السرية في
الخلوة الفردية و فرز الأصوات العلني المراقَب من قبل جميع التيارات السياسية المشاركة
في "اللعبة الديمقراطية البورجوازية".
و على حد علمي الضيق رغم أنفي،
و إلى اليوم 21 جويلية 2013، و رغم هنات "اللعبة الديمقراطية" و نواقصها
المتعددة، فليس للإنسانية أفضل منها وسيلة لتحقيق شيئا و لو يسيرا من حرية الرأي و
حرية المعتقد و تحقيق العدالة الاجتماعية في أدنى مستوياتها، و يوم تَبتكر العبقرية
البشرية وسيلة أنجع من ديمقراطية اليوم، و سوف تبتكر، فسأكون من أول المناصرين لها
حيا أو ميتا، حيا في شخصي و ميتا في إنسانيتي التي لا تموت أبدا إن شاء العلماء و
شاء الله.
تاريخ أول نشر على النت: حمام
الشط في 21 جويلية 2013.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire