samedi 27 juillet 2013

دردشة طاولة ثقافية في مقهى عادي: هل حكومة النهضة تحكم أو لا تحكم الآن في الدولة التونسية؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

دردشة طاولة ثقافية في مقهى عادي: هل حكومة النهضة تحكم أو لا تحكم الآن في الدولة التونسية؟ مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط في 12 جانفي 2012.

عندما أُعلِن أنها دردشة مقهى فهي بالفعل دردشتها. جلسة مقهى مسائية تضم رجال تعليم متعاطفين مع النهضة  أو يساريين معارضين لها. سوف أصوغ مقالي هذا على شكل أسئلة إنكارية مع بعض الأجوبة السطحية البسيطة، و هذا التمشي الجديد في الكتابة ليس تقية مني بل هو اعتراف شخصي مني بأن الحقل السياسي التونسي الحالي، حقل ملغّم و أنا لا أملك خريطة توزع و انتشار ألغامه، و لست مختصا في التحليل السياسي. هي خواطر سمعتها و أحاول نقلها بكل أمانة صحفية علّها تساعدكم على طرح المزيد من الأسئلة، أو تشجع البعض منكم على مدّنا بأجوبة مقنعة و شافية إن كنتم من النهضاويين الصادقين المؤمنين بمشروعكم السياسي، الخائفين على فشله في أول تجربة ديمقراطية تونسية، العارفين بخبايا الأمور و الذين يؤمنون بتبادل الحوار البنّاء مع الفرقاء السياسيين و الأيديولوجيين و المثقفين و الفنانين، المثقفون المنادون بإضافة بند في الدستور الجديد، بند بجرّم الإقصاء، إقصاء التونسي المعارض أو المخالف.

قال المتعاطف الأول: لماذا لم تستشر النهضة حلفاءها قبل الإعلان عن التسميات التجمعية في قطاع الإعلام؟

قال المتعاطف الثاني: و لماذا تعين كوادر عُلْيَا من الموالين قديما للتجمع؟

قال اليساري الأول: أعضاء التجمع، يُعدّون بالملايين و كل حزب سياسي يسعى لاستقطابهم لتقوية شوكته الانتخابية المقبلة بتوظيف قوتهم و تنظيمهم المحكم و تواجدهم القديم في كل مفاصل النظام البائد و تجربتهم في ممارسة الحكم بحلاله و حرامه، و حزب النهضة سيد العارفين بالماكيافيلية السياسية، و الدليل تحالفه مع أمريكا و قطر، قطر أكبر حليف لأمريكا و توجد على أرضها الصغيرة أكبر قاعدة أمريكية انطلقت منها الطائرات الأمريكية لضرب العراق في حرب الخليج 2003.

قال المتعاطف الثالث: لماذا جنّدت حكومة النهضة مناضليها لاستقبال المقاوم المناضل الفلسطيني الغزاوي اسماعيل هنية استقبالا رسميا يليق برؤساء الدول، و هي تعي جيدا أن أكبر المساعدات الغربية يسيطر عليها اليهود الأمريكيون و الأوروبيون؟

قلت أنا: يبدو أن جل قطاعات السلطة غير خاضعة تمام الخضوع لسلطة حكومة النهضة: جل أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل المنتخبين الجدد بما فيهم الأمين العام يساريين و يبدو لي أننا قادمون على سجال عظيم مع حكومة الـ"ترويكا" و رب يستر من المواجهات العنيفة أو المعطلة للوظيفة العمومية و للاستثمار المحلي و الأجنبي، قطاع الصحافة يقوم بوقفات احتجاجية ضد قرارات التعيين الارتجالية المستعجلة في قطاعهم المستقل عن الحاكم و الحزب الحاكم، نقابة التعليم العالي استقبلت بـ"كل حزم" أمام وزارة التعليم العالي، الكوادر العليا للإدارة التونسية و معهم 12 ألف من الفنانين يتوجسون خيفة من وزراء النهضة و لم يطمئنهم أحد حتى الآن. هل استنفذ السبسي ميزانية الحكومة و عيّن المئات من السفراء و الديبلوماسيين و المديرين العامين قصدا لإفشال حكومة النهضة؟

قال اليساري الثاني: لماذا يتنازل التكتل و المؤتمر عن حقهم في ممارسة السلطة داخل الحكومة الثلاثية الائتلافية و هما مكونان من مكوناتها الأساسية؟

قال اليساري الثالث: لماذا أدان الغنوشي في تلفزة باعث القناة كل الاعتصامات الهمجية التي تعطّل سير المرافق العامة و لم يدن اعتصام كلية منوبة و لم يتحدث عنه تماما؟

قال اليساري الرابع: لماذا يصرّح المرزوقي في تونس تصريحا ديبلوماسيا يدعو فيه الحكومة الجزائرية للتعاون من أجل تنمية الشريط الحدودي المشترك، و عندما يذهب إلى ليبيا يصرّح تصريحا معاديا للنظام العسكري الجزائري الحاكم الذي قال عنه أن جيشه "الوطني الباسل" خطف عنوة و ظلما الحكم من أفواه الإسلاميين الذين فازوا بأغلبية الأصوات في الانتخابات الديمقراطية سنة 1988؟

قلت أنا: كيف يستقبل بوتفليقة ضيفه الغنوشي استقبال الرؤساء و نحن نعرف ماذا فعل جيش الأول بحلفاء  الثاني من سنة  إلى  1988 إلى 2012؟

قال المتعاطف الرابع شاهرا رأيه و ليس سيفه: اتركوا النهضة تعمل و امنحوها ثقتكم و هي ستوصلكم إن شاء الله إلى بر الأمان.

أضاف اليساري الأول: و كيف ستوصلنا إلى بر الأمان و الدولة فالسة و الاستثمار المحلي و الأجنبي خائف؟ اللهم تمطرنا قطر و أمريكا و أوروبا بسيل من القروض و المعونات و الهبات كما فعلوا مع الاقتصاد التركي في بداية حكم أردوقان التركي الإسلامي.

قلت أنا و كررها بعدي جل الجالسين: كان الأجدر بالنهضة أن لا تشارك في الحكومة المؤقتة و تتركها لحكومة توافقية واسعة مكونة من وزراء "تقنوقراط" مستقلين حتى يحين موعد الانتخابات البرلمانية و الرئاسية، لأن حكم تونس الآن يشبه عش الدبابير و كل من يدخله ملسوع ملدوغ مهما كانت مرجعيته و غطاءه و شعبيته و شطارته.

خلاصة القول: أنا كيساري غير ماركسي من نوع خاص و نادر جدا و منبوذ و مقصي من رفاق الدرب النضالي النقابي اليساري القاعدي على مدى 35 سنة تعليم ثانوي، غير منبت عن ثقافته التونسية العربية الإسلامية و متفتح على كل الأيديولوجيات و الأديان، أتماهى ببساطة و تبعية فكرية مع ما قاله برهان غليون في الفقرة الموالية: "أنا لست ضد تيارات الفكر الإسلامي أبدا. فهي تشكل في نظري رافدا أصيلا و أساسيا في الثقافة العربية الحديثة، و من دونها ستفقد هذه الثقافة الكثير من حيويتها و عمقها و توترها الذي يدفعها للتجديد و الإبداع. لكنني لا أعتقد أن تجسيداتها السياسية أو الحركات السياسية الناشئة في حضنها و التي تستلهم طروحاتها، تملك، على الأقل حتى الآن، حلا للأزمة المجتمعية العميقة التي تعيشها المجتمعات العربية بسبب انهيار مشاريع تحديثها في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية. لكن ليس هناك ما يمنع هذه الحركات أن تتطور و تطور فكرها السياسي في المستقبل و تتبنى القاعدة الديمقراطية (هذه ما حصل إلى حد ما في تركيا). و عندئذ سوف تلعب من دون شك دورا أساسيا في إعادة البناء الاجتماعي و السياسي و الأخلاقي العربي، و في إخراج مجتمعاتنا المنهارة من أزمة ضياع الوجهة و الهوية و انعدام الآفاق و نقص القدرات و العجز عن مواجهة التحديات الخارجية و الداخلية، و بالتالي من التمزق و القلق و انعدام الاستقرار و انفلات النزاع و الصراع في كل اتجاه".

إضافة م. ع. د. م. ك: أما تشاؤمي أنا، فيبدو لي أكثر عمقا من تشاؤم برهان غليون لأنني أؤمن مثل ميشيل فوكو أن السلطة موزعة بين أفراد المجتمع و ليست مجمعة كما قد يتراءى للبعض في يد الثلاثي الائتلافي الحاكم المسمى بالـ"ترويكا" المتمثلة في  رئيس الحكومة النهضوي و رئيس المجلس التأسيسي التكتلي و رئيس الجمهورية المؤتمري أو السلط المركزية السيادية الثلاث. خلافا لما سبق، أنا أرى أن السلطة مبثوثة في المجتمع كالعهن المنفوش فالشرطي سلطة و الأستاذ سلطة و الجزار سلطة و البنّاء سلطة و العامل سلطة و النقابي سلطة و الأم في البيت سلطة أما الدولة و مهما كانت صِدْقِيتها و نزاهتها و حرفيتها فهي لن تستطيع وحدها تغيير كل هذه السلط إلى الأفضل في فترة وجيزة.

أنا منذ زمان تخليت عن إيماني بالثورة المفاجئة و الراديكالية و أصبحت أؤمن بالتغيير المفاهيمي البطئ الذي يحوّل تصورات المواطنين غير العلمية إلى تصورات علمية ناجحة و ناجعة و ذلك عن طريق مشوار فردي طويل و شاق بالتربية و التعليم و التكوين عبر جيل أو جيلين مثل ما فعلت كوريا الجنوبية في بداية نهضتها في السبعينات و لن تحدث هذه النهضة إلا بالتركيز على التعليم كقاعدة علمية للنهوض بالمجتمع دون تجاهل العوامل المهمة الأخرى كالصحة و الثقافة و التشغيل و إدماج القيم العلمية في تدريس المواد العلمية و لا نترك تربية أبنائنا لُقمة سائغة ينهشها الدعاة الدجالون المشعوذون السياسيون أو المفكرون أو المتدينون المتعصبون محدودي الثقافة حتى الإسلامية منها أو الأيديولوجيون أو المثقفون المنبتون أو الأجانب الانتهازيون الطامعون. كلهم محتكري منابر في الجوامع و المساجد أو قاعات السينما أو الصحف و الفيسبوك و التويتر و الأنترنات و الإذاعات و التلفزات الوطنية و الأجنبية.

إمضاء م. ع. د. م. ك. المتكرّر و المحيّن و المتطور و المتغيّر دائما حسب قراءاتي الجديدة و المتنوّعة في كل المجالات المعرفية الحديثة غربيا و عربيا

ينبغي التوضيح بداية أن النقد يعني عندي الكشف عن الاستخدامات المتعددة و المتباينة للمفهوم في السياقات الاجتماعية و التاريخية المختلفة. مما يعني أيضا كسر صنمية المفهوم أو عدم تحويل المفهوم إلى صنم جامد، له دائما المعنى نفسه و الاستخدام نفسه و الوظيفة ذاتها. برهان غليون.

إضافة م. ع. د. م. ك: كما وجهت نقدي للمفاهيم القاموسية المتداولة غير الدقيقة مثل مفهوم اليسارية و العَلمانية و الديمقراطية و الإسلام و الاشتراكية و حقوق الإنسان و حرية التعبير و المساواة بين المرأة و الرجل و حرية المعتقد و غيرها. و هو نفس النقد الذي وجهته و لا زلت أوجهه لمفاهيم العلم و المعرفة و التعليم و التربية و التكوين و اليسارية و العَلمانية و  القومية و التراث الإسلامي و الإسلاميين و الستالينيين و القوميين و المنبتين ثقافيا و المنحازين للغرب دون غربلة أو نقد، و قد حاولت من خلال هذا النقد الهدام و البنّاء في الوقت نفسه أن أبين الاستخدامات غير العلمية التي تعرضت لها كل هذه المفاهيم في السياق الغربي و العربي الحديث.

أنا أعتبر نفسي سليل الفكر الإسلامي و القومي و الماركسي و الليبرالي و الإنساني معا (إضافة م. ع. د. م. ك: أعيد الترتيب و أقول: أنا أعتبر نفسي سليل الفكر الماركسي و اليساري الليبرالي الإنساني النقدي معا و الإسلامي في العقد الأخير فقط). فليس هناك تمثل من دون نقد. فأنا أعتبر نفسي ثمرة النقد المثلث للإرث الإنساني الليبرالي و الماركسي و القومي (إضافة م. ع. د. م. ك: و الإسلامي منذ عام 2000) و لا أعتبر نفسي غريبا عنه في مكوناته المختلفة. و أنا سليل هذه المكونات الفكرية بمعنى أنني ثمرة لها و في الوقت نفسه ثمرة التأمل النقدي فيها. برهان غليون.

Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites. Sartre

جميع الأديان و النظريات الفكرية تتحول بعد فترة معينة من أنظمة منفتحة إلى أنظمة منغلقة و دغمائية. هاشم صالح.

فأي دين يستخدم سياسيا بدون أي تأطير علمي أو نقدي يتحول بسرعة إلى إيديولوجيا ظلامية. محمد أركون.

العقل الفلسفي هو نقدي تساؤلي استفزازي بالضرورة. و بالتالي فيشكل السلاح الفعال ضد جميع الانغلاقات الدغمائية و الأيديولوجية. هاشم صالح.

"الذهن غير المتقلّب غير حرّ".

لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسانه (المجتمع)، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه. عبد الله العروي.

يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد، بناءً كان أو هدّاما.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى و على كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي أو الرمزي.

"الكاتب منعزل إذا لم يكن له قارئ ناقد".

عزيزي القارئ, عزيزتي القارئة، أنا لست داعية، لا فكري و لا سياسي, أنا مواطن عادي مثلك، أعرض عليك  وجهة نظري المتواضعة و المختلفة عن السائد, إن تبنيتها, أكون سعيدا جدا, و إن نقدتها, أكون أسعد لأنك ستثريها بإضافة ما عجزت أنا عن إدراكه, و إن عارضتها  فيشرّفني أن يصبح لفكرتي معارضين.
البديل يُصنع بيني و بينك، لا يُهدى و لا يُستورد و لا ينزل من السماء (قال تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) و واهم أو غير ديمقراطي من يتصور أنه يملك البديل جاهزا.

L’intellectuel est une création du XIXè siècle qui disparaîtra à la fin du XXè ou du XXXè parce qu’il est fait pour disparaître. L’homme qui pense pour les autres, cela n’a pas de sens. Tout homme qui est libre ne doit être commandé par personne que par lui-même. Jean-Paul Sartre

Faire avec les conceptions non scientifiques pour aller contre ces conceptions et construire en même temps des conceptions scientifiques. Citoyen du monde Dr Mohamed Kochkar




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire