samedi 20 juillet 2013

رأي ضد السائد حول مفهوم اليسار. مواطن العالم د. محمد كشكار

رأي ضد السائد حول مفهوم اليسار. مواطن العالم د. محمد كشكار

تاريخ أول نشر على النت: 27 أكتوبر 2012.

فقرة 5 من مقال: هل أفقدتنا الثورة وضوح المفاهيم و معاني المفردات؟ مواطن العالم د. محمد كشكار
1.     اليسار
البروفيسور جيلبير أشقر، المفكّر الماركسيّ والأستاذ في معهد الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن يعرّف اليساريين: " جميعُ الذين يَحملون برنامجَ تغييرٍ اجتماعيّ في اتجاه قيَمٍ تُصنّف بأنها قيَمٌ يساريّة، ومنها العَلمانيّة [...] و العدالة الاجتماعيّة والمساواة والتحرّر من كافّة أشكال الاضطهاد: الوطنيّ والعرقيّ والجنسيّ والطبقيّ، الخ. [...] أما القواسم المشتركة فأهمُّها معاداةُ الرأسماليّة ومعاداةُ الإمبرياليّة.

أما مواطن العالم د. محمد كشكار فهو يعرّف اليساريين: " جميع الذين ينحازون لقضايا العمال و الفلاحين الصغار و الأجراء و تجار التفصيل و العاطلين عن العمل و المهمّشين و المثقفين الفقراء و التلامذة و الطلبة و المستضعفين عموما و يتكلمون بلسانهم و ينطقون بمنطقهم. اليساريون الثوريون يعارضون السلطة مهما كانت مرجعية هذه السلطة يمينية أو يسارية، رأسمالية أو اشتراكية. هم إذن المعارضون الدائمون، لا من أجل الوصول يوما إلى السلطة بل من أجل الدفاع الدائم عن حقوق المستضعفين مهما كانت مرجعية هؤلاء الأخيرين دينية أو عَلمانية.

فقدت كلمة يسار اليوم مدلولها و حادت عن أصلها و احتكر استعمالها الشيوعيون على مدى قرنين من الزمن. جاءت كلمة يسار من حادثة وقوف النواب الفرنسيين المعارضين لحق النقض الملكي، على يسار رئيس الجلسة في قبة البرلمان في اجتماع أول مجلس تأسيسي بعد الثورة الفرنسية سنة 1789.

انحاز بعض اليسار التونسي المتحزب إلى بعض قضايا طبقته الاجتماعية، طبقة البرجوازية الصغيرة، التي قال عنها ماركس أنها طبقة انتهازية متذبذبة تسعى دائما للمحافظة على مصالحها الضيقة و تطمح للصعود إلى طبقة البرجوازية و لو على أكتاف البروليتاريا التي تناضل شكليا من أجلها لذلك أكد ماركس أن تحرير العمال لا يمكن أن يأتي إلا من نضال العمال أنفسهم فقط لا من خارجهم و لا من غيرهم و لا من أعدائهم الطبقيين، سواء كانوا برجوازيين كبارا أو صغارا.

يحق لطبقة البرجوازية الصغيرة، التي  تتركب أصلا من الفنانين و المخرجين السنمائيين و المسرحيين و المبدعين و الكتّاب و المؤلفين و الأدباء و الأساتذة الجامعيين و الأطباء و القضاة و المحامين و الخبراء و المنشطين التلفزيّين و الصحافيين، يحق لها  أن تطالب بحرية الرأي و التعبير و الإبداع لأنها تُعتبر بحق مشاكل حياتية بالنسبة لها لكن هذه المشاكل تُعتبر في نفس الوقت مشاكل غير حياتية (غيابها لا يهدد الإنسان في قوته و قوت عياله) بالنسبة لطبقة البروليتاريا و العاطلين و المهمّشين و المثقفين الفقراء (خاصة المعلمين و أساتذة الثانوي).

نسي هذا اليسار المثقف البورجوازي الصغير الذي لا يريد و لم يقدر عن الانسلاخ عن طبقته أن اليسارَ سُمّيَ يسارا لأنه ينحاز بطبيعته للمستضعفين. تتمثل قضايا المستضعفين في تحقيق العيش الكريم و الإحساس بالكرامة و ضمان التشغيل و تحقيق الأمن الغذائي و الصحّي. حرية التعبير، مطلب لم يحققه المستضعفون حتى في أفضل الديمقراطيات في العالم و بقيت وسائل الإعلام محتكرة من بعض الرأسماليين الذين لا يشغّلون فيها إلا المُوالين لهم و المنفذين لسياساتهم الطبقية الظالمة، لا همَّ لهم من وراء الاستثمار في هذا المجال الثقافي إلا الكسب غير المشروع و تمييع و تعويم المشاكل الحقيقية للبروليتاريا الرثة اقتصاديا و ذهنيا.

من حسن حظ التونسيين و حظي أنا، أن جل رفاقي اليساريين النقابيين القاعديين الثوريين قبل و أثناء و بعد 14 جانفي 2011، مهّدوا و شاركوا و أطّروا و قادوا فعليا المظاهرات الألفية في الشوارع و الساحات في كل مدن و قرى تونس من بنزرت إلى بنقردان و أطاحوا برأس النظام لكنهم لم يكملوا المشوار و لم يقتلعوا دعائم النظام من جذورها و ها هي قد أينعت من جديد في ثوب ثورة مضادة و كما قال شي قيفارا "الثورة ينجزها الأبطال و يرثها الأوغاد". الأبطال هم المناضلون اليساريون غير الانتهازيين و المناضلون الإسلاميون غير المتعصبين المتطرفين و المناضلون القوميون غير الشوفينيين و المناضلون الليبراليون غير الرأسماليين الجشعين المتوحشين. الأوغاد هم المتنفذون في المؤسسات الفاسدة الموروثة من العهد البائد مثل قيادات الداخلية و الجيش و الديوانة و الإعلام و الاتحادات العمالية و الفلاحية و النسائية و الإدارة و القضاء و المحاماة.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire