samedi 18 février 2023

تطبيق أحكام الشريعة أو المساواة الحداثية في تقسيم الإرث بين المرأة والرجل ؟ مواطن العالَم

 

 

أمي، يامْنة بنت احْمِدْ، رحلت سنة 1993 ولم تترك لنا شيئًا، ما عدى ذكراها العطِرة. وما أبهاها من ذكرى، وما أعذبها ! وهل ملكت أمي شيئًا في حياتها حتى تورِّثه لنا بعد مماتها ؟ ملكت قلوبَنا، والقلوبُ عادةً لا تُورَّث (إلا في حالات التبرع بالأعضاء، قلبٌ سليمٌ مات صاحبه للتو، يرثه مريضٌ ينتظر الفرجَ). تركت لنا إرثًا من الحنان، حنانٌ لو قُسِّم على الخليقة بالتساوي لكفاها جميعًا، أما الإرث المادي فصِفرٌ، والصفرُ عددٌ لا يُقسَّم بالشرع ولا بالحداثة !

 

المعذرة... نسيتُ... ماذا نسيتُ ؟ أمي تركت كنزًا ! لا أسخرُ ! حاشا أن أسخرَ من أمي، تاجُ رأسي والمُضحِّيةُ من أجلي وإخوتي وأخواتي بعد فقدان أبي وأنا في الخامسة عشرة من عمري. قبل وفاتها، أوصت بتقسيم كنزِها بالتساوي بين جارتَيها. كنزُها يتمثل في أربعة أوتادٍ حديديةٍ، كل ما ورثت عن والدَيها، و"عَدِيلة" (قفة كبيرة من الحلفاء). بالأوتادٍ الأربع، كانت أمي تحضر لغزل لـ"مِنسِجْها" لصنع الحولِي (برنس الليبيين، أبيعه أنا في سوڤ الخميس بدوز). هذا النشاط كان مصدر رزقها ورزق الباقين في الدار (ثلاثة أولاد تلامذة وأخت ضريرة) على مدى عقدين من الزمن الصعب، كان عصرًا جميلاً بوجودِها. أما "العديلة" فكانت تجلبُ فيها العشبَ الأخضرَ لـ"شويهاتها" الخَمس. أوصت بالأوتادِ الأربعة لجارتها على اليمين، للت الزينة بنت غنوة، و"العديلة" لجارتها على اليسار، للت امْنِي بنت احْمِدْ.

 

أما أبي، بَايْ زمانه، فقد رحل سنة 1967 وترك لنا ذرّة من الإرث المادي (حوش عربي آيل للسقوط، وعشرون نخلة وبهيمة شارِف). فهل الذرّة كُتلةٌ قابلةٌ للقسمة ؟

 

خاتمة: علاما تتخاصمون أيها المشرِّعون ؟ الفقراء لا إرث لهم أما الأغنياءُ، فثروتهم عادةً ما يكون مصدرُها الاستغلال، والاستغلالُ حرامٌ شرعًا وممنوع قانونًا. وهل يجوز تقسيمُ الحرامِ بالحلالِ ؟

 

إمضائي

"المثقفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو

"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

"لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين، بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد" مواطن العالَم

"وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا" (قرآن)

 

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 16 مارس 2018.

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire