لماذا لا ندرّس الطب
الوقائي طيلة 16 سنة في الابتدائي والإعدادي
والثانوي والجامعي كمادة مستقلة يدرّسها أستاذ-طبيب حتى نعلّم جيل المستقبل حماية نفسه ونقلل
من النفقات الباهظة للعلاج سواء النفقات العمومية للدولة أو النفقات الخاصة
للعائلات.
هل يهدد مصالحكم إلى هذه
الدرجة حتى تحرّموه علينا يا تجّار الطب ومحتكِرو العلم ؟
عدم الاهتمام المكثّف
بالطب الوقائي في تونس (المفروض طبيب في كل مستوصف) سوف يكون له أثر سيء على صحة المواطنين
في المستقبل وسوف يزيد من عجز الصندوق الوطني للضمان الصحّي (CNAM).
كندا تخصص للوقاية
الصحية 6% من ميزانية الصحة،
إيطاليا 4%، فرنسا 1،8% (Le Monde diplomatique février 2020). كم تخصص تونس للوقاية الصحية ؟ الله أعلم ؟
يبدو لي أن دجاجَ شركةِ
"بولينا" الخاصة في تونس يتمتعُ برِعايةٍ صحيةٍ أفضلَ مما يتمتعُ به
العمالُ والموظفونَ التونسيونَ !
لذلك نرى أنّه من واجبنا تقديم مقاربة صحّية
مدرسيّة بديلة تتمثل في النقاط التالية:
-
تشجيع
التلميذ على ضمان استقلاليته تجاه السلوكات غير الصحّية وبعض المنتوجات الطبيّة
والابتعاد ما أمكن عن الغرائز والإنفعالات والأفكار المسبّقة وسلطة الإعلام
والقوالب الجاهزة في الموضة والرياضة.
-
تعزيز
الثقة بالنفس لدى التلميذ وتدريبه على التحكّم في التوتّر وإتّقاء الأخطار المحدقة
به وإنقاذ الآخرين إن لزم الأمر.
-
تنبيه
التلميذ للدور السلبي للمصانع غير المجهزة بوحدات تنقية الهواء المنبعث من المداخن
والتي تتسبب في تدهور المحيط الصحّي والنفسي للمواطن.
-
إبراز
دور القدرة الشرائيّة والحبّ والضحك والأصدقاء والنظام الغذائي في رفع المستوى
الصحّي للمواطن.
-
توفير
التجهيزات الصحيّة الكافية والنظيفة والفضاءات الترفيهيّة والتدفئة والتكييف داخل
المدرسة وداخل وسائل النقل.
-
حثّ
العاملين بالمدرسة على ملاءمة سلوكاتهم الصحيّة اليوميّة مع ما يتلقّاه التلميذ من
تربية صحّية.
-
دمج
التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصّة في المدرسة وتوفير تسهيلات لوجستيكيّة لتنقّلهم
وتعلّمهم.
-
تشريك
التلامذة والأساتذة والقيّمين والأولياء ومِهنييّ الصحّة والسلطات المحليّة ورجال
الأمن ورجال المطافئ في إعداد برنامج التربية الصحّية.
-
توفير
إطار متخصّص قار لمعالجة المشاكل النفسيّة والعاطفيّة للتلميذ لأّنّها قد تعوق
اكتسابه للمعرفة.
-
ربط
تدريس التربية الصحّية بالإختصاصات الأخرى باعتبارها تربية على المواطنة لا تقتصر
على الجانب الفيزيولوجي فقط.
خلاصة القول
لو أدخلنا
التربية الصحّية كما نراها نحن ويراها غيرنا من المحبين لهذا الوطن في برامج
الإبتدائي والإعداديي والثانوي والجامعي باعتبارها مادّة قارّة بضارب محترم ولو
خصّصنا لها عيادة وقائية في كل مستوصف لتحسّنت صحّتنا واستغنينا جزئيا عن خدمات
"الكنام" (الصندوق الوطني التونسي
للتغطية الصحية) الذي يوتّر أعصابنا كل يوم في فضاءاته الإدارية عند انتظار
ساعة أو ساعتين لتقديم ورقة أو ورقتين من أجل استرجاع دينار أو دينارين.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire