samedi 1 décembre 2018

حضرتُ أمس جِلسةً حواريةً ثنائيةً حول كتابِ " المراقبة السائلة" لــزيجمونت باومان. مواطن العالَم



المكان: مكتبة الشبكة العربية للأبحاث والنشر - تونس، 10 نهج تانيت شمال الهيلتون.
الحضور: 20 فردًا (3 نساء و17 رجلا).
الزمن: السبت 1 ديسمبر 2018 من الساعة 15 إلى الساعة 17.
المقدمان: الأستاذان عبد الحق الزموري والأمين البوعزيزي.
الاستقبال: طيّب بالابتسامة والبشاشة والبقليوة وكعك الورق.

تدخل عبد الحق الزموري (15د): قام بتقديم الكاتب الغربي عالِم الاجتماع زيجمونت باومان، وقارن بينه وبين الفيلسوف إدڤار موران، الإثنان من أصل يهودي، مرّا بالأحزاب الشيوعية، دخلا الجيش، هما منخرطان في الجبهة المضادة لإسرائيل ومع المقاومة، ولكنه تساءلَ كيف ينحازُ أبناء هؤلاء إلى إسرائيل، وكلاهما له إسهامات معتبرة في تفكيك الحداثة المبنية على المركزية الأوروبية..

تدخل الأمين البوعزيزي (45د): فاجأني بالكشفِ عن بابٍ واسعٍ في الفلسفة لم أكن أعرف أنه موجودٌ أصلاً، فخجلتُ من جهلي لأنني كنتُ أحشر نفسي في زمرة المثقفين
أعرض عليكم بعض العناوين الهامة جدًّا التي تناولها صديقي باقتضاب لضيق الوقت ولعدم إلمام الجمهور بفلسفة باومان الذي نشرَ سلسلةً من الكتب حول مفهوم "السيولة" الجديد نسبيًّا. أضيفُ أنا: سائل مثل الماء والهواء عكس صلب مثل الاستعمار بالقهر والسلاح، الثاني واضح وقاومناه أما الأول فقد اخترقنا برغبةٍ منا بل تهافتنا عليه كما تتهافتُ الحشرات على المصيدة العطرة:
- عَلمنة الإله: في الدين، يعتقد المؤمن أن الله يراه ويراقبه في حركاته وسكناته ويعاقبه متى شاء. المتحكّم في تكنولوجوجيا الاتصال (إله العلمنة)، يمكنه مراقبة أي فرد دون أن يتفطن هذا الفرد لذلك
(Les caméras de surveillance, GPS, drone, puce complice, transformer les soldats en machines de guerre contrôlées, etc) 
ويمكنه أيضًا معاقبته متى شاء. أضيفُ أنا: لكن الفرقَ بين الله و"إله العلمنة" يتمثل في أن الأول يمهل ولا يهمل والثاني لا يمهل ولا يهمل، مثلاً: الرئيس أوباما، الحائز على جائزة نوبل للسلام، أمضى خلال حكمه 2300 قرارًا بإعدام معارضين لأمريكا بواسطة طيارة دون طيار في أفغانستان واليمن (لوموند ديبلوماتيك).
- الفيسبوك جرّ جل مستعمليه للتعرّي أمامه بإرادتهم ونشر غسيلهم بأيديهم (السيولة)، فاستغلت شركات الاتصال هذا الكم المجاني الهائل والغني والمتنوع من المعلومات، سلعنته وباعته بمقابلٍ باهظٍ لشركات الدعاية الاستهلاكية والحزبية.
- جل الفلاسفة منتقدي الحداثة يهودٌ، فككوا مفهوم الدولة-الأمة (État-Nation) لكنهم استثنوا دولة اليهود في إسرائيل. جلهم وُلِدوا وترعرعوا على أطراف الأمم الكبرى والحضارات الكبرى لذلك استفادوا من الجميع. أضيفُ أنا: المثقفون التونسيون الأحرار لا ينتمون للإيديولوجيات السائدة كالماركسية والليبرالية والقومية والإسلام السياسي لكنهم لا يُعادون ولا يُقصون أي واحدة منها ونهلوا من معينها جميعًا.
- كيف تقبّل العرب الفكر النقدي التفكيكي للحداثة الغربية؟ ثلاثة أصناف: 1. الأصوليون (الدواعش المجاهدة والدواعش التي تنتظر دورها) قالوا: "لقد حذرناكم وتنبأنا بسقوط الحداثة، والإسلام السلفي هو الحل". لقد وقعوا في حبائل الحداثة دون أن يعوا أنهم وقعوا، استعملوا نفس وسائلها في الإقصاءِ والتقوقعِ وأخذتهم العزةُ بالنفسِ، عوّضوا المركزية الأوروبية (L`euro-centrisme) بالمركزية العربية-الإسلامية
(L`arabo-islamo-centrisme)،
 ونسوا أن الإسلامَ رسالةٌ للعالمين ليست حكرًا على المسلمين وأن الله هو إله المسلمين وفي الوقت نفسه هو رب العالمين. 2. صنفٌ يرتابُ من كل فلسفةٍ آتيةٍ من الغربِ حتى ولو كانت تقدميةً مثل فلسفةِ باومان. 3. الحداثيون الأورتدكسيون، ماركسيون وليبراليون،  الذين لا يزالون على عماهم من شدة انبهارهم بحضارة الغالب. عقدة نقصٍ تسكنهم، لم تفلح في إزالتها مطرقةُ الأنتروبولوجيا، العلم الذي أكّد أن "لا حضارة أفضل من حضارة".

ملاحظة: سُرِرتُ بالجديد الثقافي في الندوة، لكنني سُرِرتُ أكثر بدفئ لقاء الأصدقاء بالأحضان، الأمين البوعزيزي والصغير شماخ وعبد الحق الزموري وأنيس المناعي ونور الدين العلوي ووفاء. شريحة جديدة من المثقفين بدأتُ أتلمس انبثاقَها في تونس، شريحة عصية مثلي على التصنيف الكلاسيكي الأبتر (يساري، قومي، إسلامي)، هم في نفس الوقت 100% يساريين و100% قوميين و100% إسلاميين، لكنهم 0% ليبراليين و0% تجمعيين و 0% داعشيين و0% شبّيحة.

إمضائي
"
المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"الأساتذةُ لا يَفهَمونَ أن تلامذتَهم لا يَفهَمونَ" باشلار
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأحد 2 ديسمبر  2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire