من أجل تزيين
برنامجه وإضافة نكهة عدالة اجتماعية، وَعَدَ فرنسوا هولاّند أثناء حملته الرئاسية باقتطاع
75% من الأرباح التي تزيد عن
مليون أورو في السنة (تقريبًا 3 مليون دينار). رُفِضً الوعدُ من قِبل المجلس
الدستوري. قلّده ماكرون في 2017، وحذف الأداء على المسكن وذلك بهدف إضفاء نوع من
الشعبية لتعديل صورته كمرشح النخبة والبنوك (روتشيلد). وقع فيما بعد تمطيطُ الإجراء على ثلاث سنوات.
من المفارقة الكبرى أن أبتاء الطبقات الشعبية هم أكثر مَن انتقد مستوى فرض
الضرائب رغم أنهم هم أكبر المستفيدين من نظام إعادة توزيع الثروات المبني على
الاقتطاع الضريبي. يبدو أن الانتماء الجهوي هو الذي أذكى هذا الشعور بالحيف: كلما
ابتعد المواطن الفرنسي عن المدن الكبرى، كلما زاد الشعور بعدم المساواة في
الانتفاع من نظام إعادة توزيع الثروات عكس سكان باريس. هؤلاء المواطنون "من
وراء البلايك" أحسوا بتردي خدمات
القطاع العمومي: أولا، مشقةُ التنقل زادها صعوبة قطعُ بعض الخطوط الحديدية مما
أجبرهؤلاء على استعمال سياراتهم الخاصة، وضعيةٌ جعلتهم يتذمّرون أكثر من قرار
الترفيع في ثمن المحروقات، ثانيًا، إغلاقُ بعض المكاتب البريدية وبعض المدارس
الابتدائية وبعض الصيدليات وبعد أقسام التوليد في الأرياف، مصالحٌ من المفروض
أن تستمر لأنها ممولة من الضرائب وهي عنوان التضامن العمومي والدليل المحسوس على
الفائدة التي تجنيها الطبقات الشعبية من
عدالة نظام توزيع الثروات.
على العكس، يبدو أن الدولة أصبحت في خدمة الأغنياء الأقوياء: في 2011،
اكتشفنا أن "ليليان بتنكور"، المرأة الأغنى في فرنسا، أخفت على مصلحة
الضرائب (Fisc)
ثروة بقيمة 100 مليون أورو (تقريبًا 300 مليون دينار) بينما تبرعت نقدًا لفائدة
الحملة الانتخابية الرئاسية لساركوزي، لم تُقدَّم ضدها أي شكوى إلى أن وافاها
الأجل سنة 2017 ."جيروم كاوزاك"، وزير مالية هولاند والمكلف بمقاومة
التهرب الضريبي، اعترف سنة 2013 بأنه يملك حسابًا سريًّا في سويسرا بقيمة 600 ألف
أورو (تقريبًا 1800 ألف دينار) بعدما أنكر وكذب في البرلمان، صدر في حقه حكم بأربع
سنوات سجن لكنه بقي حرًّا طليقًا.
في الفترة
الممتدة بين 2005 و2017، ألغت الدولة 350 ألف موطن شغل في مصالح الإدارة المالية
العمومية بما فيهم أعوان الاستقبال المكلفين بمعالجة مطالب المواطنين البسطاء
الراغبين في تسوية مناسِبة لنزاعاتهم الضريبية مع هذه المصلحة بالذات مما انجر عنه
حيفٌ جديدُ: 69% من المشتكين الأغنياء سُوِّيت نزاعاتهم بصفة ودية
ومرضية مقابل 51% فقط من المشتكين الفقراء. وفوق إحساس الفقراء بالعجز
عن تسديد ضرائبهم، يُضافُ اعتقادُهم بأن ما أخِذ منهم ذهب جله في جيوب الأغنياء
ولم يذهب لتحسين خدمات المؤسسات العمومية مثل المدارس والمستشفيات وشركة السكة
الحديد.
هدايا مجانية
تمنحها الدولة للمؤسسات الخاصة: سَنُّ قانون يجنّب الأغنياء أداء مجمل الضريبة
المفروضة على نقل الميراث أو جزء كبير منها إذا نقلوا ملكيتَهم إلى ورثتهم قبل
موتهم، قانون يَحرِم الخزينة العامة من دخلٍ سنوي يُقدَّرُ بـ500 مليون أورو (تقريبًا 1500 مليون
دينار).
خاتمة لوموند:
إذا كان من المبكّر تقييم مستقبل حركة "السترات الصفراء"، فإنها أثبتت
جدارتها وأماطت اللثام عن شعورٍ بالضيم الضريبي، شعورٍ كان يختمر ببطءٍ في صفوف
الطبقات الشعبية على مدى عقود خلتْ.
Référence: Le Monde diplomatique, décembre 2018, Extrait de
l`article «Les classes populaires et l`injustice fiscale. Aux sources de la
colère contre l`impôt», par Alexis Spire, sociologue, pp. 1 & 22
إمضاء المترجم مواطن العالَم
"المثقّفُ هو هدّامُ
القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
و"إذا كانت
كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 22 ديسمبر
2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire