jeudi 6 décembre 2018

طالبتُ وما زلتُ أطالبُ بِمجانيةِ التنقلِ في جميعِ وسائلِ النقلِ العموميِّ بِالعاصمةِ وأحوازِها أوّلاً! مواطن العالَم



1.     أبدأ بتجاربِ الآخرين أي أبدأ بِنقلِ ما قرأتُ أخيرًا أو شاهدتُ أو سمعتُ:
-         من الصدفِ الغريبةِ وأنا أحرِّرُ هذا المقال والتلفزة مقطوعة الصوت قصدًا، شاهدتُ أمس صباحًا (11h 30) في قناة "نسمة" التونسية خبرًا مكتوبًا يقول: دولة أوروبية (أظنها لوكسامبورڤ) تُقِرُّ بمجانية التنقل في جميع وسائل النقل العمومي.
-         أمس صباحًا في مقهى الشيحي، جالستُ عاملا متقاعدًا كان مهاجرًا، رَوَى لي الآتي: في ألمانيا، تركب سيارتكَ الخاصة أنتَ وعائلتك قادمًا من بعيدٍ، تصل إلى أطراف المدينة، تتركَ سيارتك في مربضٍ، تأخذ المترو مجانًا أنت والعائلة، يكفي أن تستظهر ببطاقة عمل في شركة "فولسفاڤن".
-         أمس صباحًا وفي مقهى الشيحي أيضًا، قرأتُ كتابًا 
(Ce que l`argent ne saurait acheter, Michael J. Sandel, Éd. du Seuil, 2014, 332 pages, p. 122)
 فوجدتُ فيه الآتي: مجموعة من المواطنين  الفرنسيين  الواعين، "رَسْكايا" محترفين في مترو باريس العمومي (Les resquilleurs)، أنشئوا جمعيةً. تتكفّلُ هذه الجمعية بِدفع غرامة تُقدَّرُ بـ40 أورو مكان كل عضوٍ يُضبط "مرسكي" في المترو. مع العلم أن ثمن التذكرة الواحدة 1،70 أورو، وثمن أقل اشتراك شهري 67  أورو، في حين أن الاشتراك الشهري في الجمعية يساوي 7 أورو فقط. تعليقي: غايتهم نبيلة ووسيلتهم تُعتبَرُ عُرفيًّا لا أخلاقية، والغاية لا تبرّرُ في نظري الوسيلةَ. لا أوافقهم فيما أتوْهُ، لكنني لا أدينُهم على فِعلتِهم تلك حتى ولو كانت مخالفة للقانون، فالقانونُ جائرٌ وهم مناضلون.

2.     ما هي حُجَجِي التي تؤيد مطلبي (مجانية التنقل في جميع وسائل النقل العمومي):
-         جميع وسائل النقل العمومي شُرِيَتْ بأموال دافِعِي الضرائب أمثالي وأمثالك، وجميع عمال النقل يأخذون أجورًا من أموالي وأموالك أيضًا، فلماذا تطلب إذن من دافع الضرائب أن يدفعَ ثَمَنَ تذكرة النقل في وسيلة اشتراها من حر ماله، ويدفعُ أجرَيْ سائقها ومرافقه من حر ماله، ويدفعُ ثَمَنَ وَقودِها من حر ماله أيضًا؟ وهل عندما أشترِي سيارة خاصة بي أنا، أدفعُ مقابلاً عندما أستعملها؟ وهذا دليلي على وجاهة طرحي: تلميذ معهد عمومي لا يدفع مقابلاً عكس تلميذ معهد خاص، ومريض مستشفى عمومي لا يدفع أيضًا عكس مريض مستشفى خاص!
-         النقل الخاص يكلف المجموعة الوطنية سنويًّا خسارةً إستراتيجيةً فادحةً (ليس على المستوى الفردي)، خسارةً تتمثل في: تلوّثٌ جوي متزايدٌ مما ينجرُّ عنه أمراضًا مستعصية كُلفةُ علاجِها المجانية في المستشفيات العمومية باهظةٌ جدًّا على الدولة، اكتظاظٌ في الطرقات يُكلِّفُ المجموعةَ الوطنيةَ ملايين الساعات الضائعة المقتطَعَة من الوقت المخصص للعمل أو الراحة ويسبّب أمراضًا عضوية في الظهر وأمراضًا نفسية (نرفزة، ستراس، قلة تربية، عنف رمزي أو لفظي أو في بعض الأحيان مادي، إلخ.)، حوادث طرقات تحصد العشرات من الأرواح سنويًّا، تبذيرٌ للطاقة المستوردة وغير المتجددة (موظف واحد يتنقل من حمام الشط إلى تونس تجرّه 7 أحصنة أي سيارة).

حصيلة افتراضية محتملة (الوحدة المستعملة مليون دينار):
- كُلفة النقل العمومي غير المجاني: زائد 1000 م. د. (الدولة تربح ثمن جملة التذاكر سنويًّا) + إلا 5000 م. د. (الدولة تصرف ثمن علاج عدد كثير من ضحايا حوادث الطرقات) = إلا 4000 م. د.، أي الدولة تصرف 4000 م. د. سنويًّا على النقل وتبعاته.
- كُلفة النقل العمومي المجاني: زائد 0 م. د. (الدولة لا تقبض ثمن جملة التذاكر سنويًّا) + إلا 3000 م. د. (الدولة تصرف ثمن علاج أقل لأن عدد ضحايا حوادث الطرقات نَقَصَ نتيجة انخفاضِ عدد السيارات الخاصة السائرة في الطريق) = إلا 3000 م. د.، أي الدولة تصرف 3000 م. د. فقط سنويًّا على النقل وتبعاته، أي أقل بـ1000 م. د. مما كانت تصرفه في حالة النقل العمومي غير المجاني (أي 4000 م. د. سنويًّا).

خاتمة: ثانيًا وبعد تطبيقه في العاصمة وأحوازها، أطالبُ بتوفيرِ وتعميمِ مجانيةِ التنقلِ في جميعِ وسائلِ النقلِ العموميِّ في كاملِ ترابِ الجمهوريةِ التونسيةِ، ولن تندموا يا أولِي الألبابِ والألقابِ!
كلمةٌ قاسيةٌ، لكنها في محلِّها: ازديادُ عددِ ضحايا حوادثِ الطرقاتِ لا يربَحُ من ورائه إلا المِصحّات الخاصة (Les charognards). "مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدٌ".

شهادة على العصر من أحد مستعمِلِي مترو النقل العمومي وأحد المنتفِعِين بخدماته الجليلة: خلال كل سفرةٍ من حمّامِ الشطِّ إلى تونسَ العاصمةِ، أقرأ أربعينَ صفحةٍ من كتابٍ، عشرين في الذهابِ ومثلَها في الإيابِ. ربي "إخلِّينّا" النقلَ العموميَّ غير المجانيِّ في انتظارِ المجانيِّ.

إمضائي
أنا مواطنُ العالَمِ، مُتصالحٌ-مُختلفٌ مع حضارتي الأمازيغيّةِ-الإسلاميّةِ-العربيّةِ، مُتصالحٌ معها دومًا أنتروبولوجيًّا واجتماعيًّا وعاطفيًّا، وفي نفسِ الوقتِ مُختلفٌ معها دومًا إبستمولوجيًّا وفلسفيًّا وجدليًّا، لا أتباهى بها على الغيرِ ولا أقبلُ فيها ثلبًا من الغيرِ.
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
"الأساتذةُ لا يَفهَمونَ أن تلامذتَهم لا يَفهَمونَ" باشلار
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 7 ديسمبر 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire