lundi 24 décembre 2018

قال لي أحدُ القراءِ الأصدقاءِ: بعضُ كتاباتِك تصلُ إلى حدِّ السخافةِ! مواطن العالم



أقتبسُ من عبد الله العروي، الفيلسوف اليساري المغربي المعاصر، وأردّ عليه قائلاً:
لم يقل لي أحدٌ بعدُ: "أنتَ ساذجٌ"، لكن يبدو لي أنني هكذا أبدو لهم دون أدنى شك لأنني أتكلّم وأكتب دون كلل أو ملل عن الضمير، عن الواجب، عن دسترةِ منعِ الإضرابِ عن العمل في القطاع العمومي ("قُمْ بالفرضْ -العمل-، وانقُبْ الأرضْ -النضال- تظاهرْ، اعتصِمْ، انشِطْ سياسيًّا"، مَثلٌ لا يصحُّ إلا على القطاع العمومي).
أكتبُ عن الاستقامة في زمن الانحراف، عن الأخلاق العلمية وعدم تعارضها مع الأخلاق الإسلامية، عن الصدق في القول والإخلاص في العمل، عن الحلم بمستقبل أفضل على غرار ما يقع في البلدان الأسكندنافية، عن المحبة بين كل المختلفين فكريا وإيديولوجيا، عن الصداقة الخالية من المصلحة الذاتية المادية، عن التسامح بين البشر مهما اختلفت أعراقهم وأديانهم وألوانهم وطبقاتهم وأجناسهم وجنسياتهم ومذاهبهم ومراتبهم الذهنية والاجتماعية.
أكتبُ عن التداول على السلطة في كل المسؤوليات السياسية والإدارية والحزبية (سلطة ومعارضة)، عن رحابة المواطنة العالمية، عن الأممية الإنسانية، عن العدالة الاجتماعية (هذا المبدأ المنشود والمشترك بين كل التشريعات السماوية والأرضية)، عن تساقط  مفهومَي الوطنية والقومية وبطلانهما، عن النقل المجاني والصحي المربح للدولة والمجتمع.
أكتبُ عن مفهوم النقد، نقدٌ مستقل، نقدٌ يستقيم بذاته ولا يحتاج إلى بديل يسنده وهو "هدّام أو لا يكون"، عن البديل الذي يُصنع ولا يُهدى ولا ينزل جاهزا من السماء، عن قرب زوال الأحزاب والنقابات وسجون الأيديولوجيات، عن سقوط الشيوعية ممارسة ونظرية، عن دور الدين الإسلامي الفاعل ماديًّا في التغيير الاجتماعي، عن فشل الليبرالية الرأسمالية الأليفة والمتوحشة، عن إحياء التقاليد التونسية النافعة للفقراء، عن إعادة زرع البذور التونسية الأصيلة وتطويرها محليا.
أكتبُ عن نبذ العنف بجميع أنواعه مهما تنوعت قضاياه وأهدافه، عن إلغاء مؤسسة التفقد البيداغوجي برمتها، عن إلغاء مؤسسة المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل بصيغتها غير الديمقراطية الحالية، عن المجانية الفعلية في التعليم والصحة والنقل، عن حذف وزارة الدفاع (منذ متى دافع جيش عربي عن بلاده ضد الغرب أو هجم على إسرائيل في أرض فلسطين المحتلّة؟) وحذف وزارات الإعلام والثقافة والعدل (تبقى مؤسسة القضاء مستقلة إداريًّا وماليًّا عن السلطة التنفيذية).
أكتبُ عن تشجيع الاجتهاد في تأويل القرآن بتوظيف العلوم الحديثة (الإبستمولوجيا، الأنتروبولوجيا، علم اجتماع الأديان، إلخ.)، عن غربلة النقل والعنعنة لدى المحافظين النصيين اليساريين والإسلاميين، عن ظاهرة استفحال المراقبة الليبرالية السائلة (زيجمونت باومان).

ملاحظة: النص الأصلي تجدونه في كتاب عبد الله العروي "أوراق"، صفحة 79.

خاتمة: كنتُ سأوافقك يا صديقي لو قلتَ لي: "مقالاتُك لا تصلحُ لشيءٍ"، والدليل أنها لم تعلِّمْك التمييزَ بين الثقافةِ والسخافةِ، لم تعلِّمْك التفريقَ بين الصراحةِ والوقاحةِ.


إمضاء مواطن العالم
وعن الثقافةِ أبحثُ في كل دربٍ علّني أجدُ لها آذانًا صاغيةً.

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الثلاثاء 25 ديسمبر 2018.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire