ملاحظة ودية: أول مرة أنصحُ بقراءة ما أنشرُ، أنصحُ أولاً مَن تربطني
بهم علاقةٌ عاطفيةٌ وروحيةٌ، أهلي الغوالي بمسقطِ رأسي جمنة، وأعمّمُ النصيحةَ على
الفلاحينَ في العالَمِ أجمعَ.
1.
فوائدُها:
سنة
1909، اكتشف الكيميائي الألماني فريتز هابر كيفية دمج أزوت الهواء بالهيدروجان وصنع
الأمونياك (NH3)، تفاعُل كيميائي فريد من نوعه:
خلق ثورة في الزراعة (الثورة الخضراء الأولى)، ضاعف الإنتاج الفلاحي العالمي وساهم
في تغذية سكان العالم الذين زاد عددهم من مليار ونصف نسمة إلى ستة مليارات خلال
قرن واحد فقط (XXe).
سنة
1918، حصل هذا العالِم اليهودي على جائزة نوبل للكيمياء، جائزة قد لا يستحقها بسبب
مشاركته في صنع الغازات السامة التي استعملها هتلر بعد عشرين سنة لإبادة اليهود في
معسكرات الاعتقال.
يمثل
الأزوت
78 % من
الهواء (21% أوكسجين)،
لكن النبتة لا تملك القدرة على امتصاصه مباشرة من الهواء رغم أنه غذاء ضروري لنموها.
تأخذه من التربة في شكل أملاح معدنية (NH3 ou NO3) ناتجة عن تحويل المواد العضوية بفضل البكتيريا (الدبال،
فضلات الحيوانات، أوراق وأغصان الشجر الساقطة). وفرة الاسمدة الأزوتية المصنعة
أغنت الفلاح عن جلب الأسمدة الطبيعية.
2.
مضارُّها:
بدأت
تظهر في البلدان المصنعة قبل النامية: سوء استعمال هذه الأسمدة الأزوتية المصنعة من قِبل الفلاحين وتمركز تربية الماشية (مزرعة بألف
بقرة أو عشرة آلاف خنزير أو مئة ألف دجاجة) تسببا في ظهور مشاكل بيئية وصحية.
التركيز على زراعة نوع واحد من الحبوب المغذاة بالأسمدة الأزوتية المصنعة أضعفَ التنوع البيولوجي
(Biodiversité)،
وزاد في نسبة الحموضة في التربة.
استعمال الأسمدة الأزوتية المصنعة ساهم في تلوث المياه الجوفية، وصل ضرره إلى ماء الحنفية
وغذائنا النباتي مما قد يتسبب في انتشار أمراض خطيرة (السرطان، أمراض القلب والشرايين،
أمراض التنفس، الموت المبكّر، إلخ.)، وخفّض من نسبة الأكسجين في البحر مما قد ينتج
عنه انقراض بعض أنواع السمك. نلاحظ أن ما خسره الإنسان في صحته أكثر مما ربحه من استعمال الأسمدة الأزوتية المصنعة وأصبحت هذه الأخيرة
تسبب لنا مشاكل كبيرة لا تقل خطورتها عن مشاكل الاحتباس الحراري.
3.
بعضُ الحلولِ المقترحةِ:
-
الكف أو التخفيض من استعمال الأسمدة الأزوتية المصنعة والرجوع إلى الطرق
التقليدية: زراعة البقوليات (Légumineuses) مثل اللوبيا والجلبانة والفصّة، إلخ، لأنها نبتات غنية بالأزوت.
-
تغيير جذري للمنوال الفلاحي السائد وذلك بالاعتماد
تدريجيًّا على الفلاحة البيولوجية الخالية من جميع المواد الكيميائية المصنعة (Engrais chimiques,
herbicides, pesticides). أكيد سوف ينجر عن
هذا التغيير بعض الركود في الزراعة العالمية، لكن لن ينقص الإنتاج إلا بنسبة 10%، لا أكثر.
-
تغيير جذري للنظام الغذائي: مثلا عندنا في
تونس نرجع إلى نظامنا الغذائي التقليدي (Régime méditerranéen) حيث كنا نستهلك البروتينات النباتية أكثر من
البروتينات الحيوانية وقليل من الحليب، وهو نظام اقتصادي وصحي وحامي للبيئة.
-
الرجوع للمَزارع المختلطة، أي زراعة مع تربية
مواشي، حيوانات ترعى بحرية في الهواء الطلق.
خاتمة
لوموند: أدعو إلى ثورة
خضراء ثانية (دون أسمدة مصنعة) تُصلِح ما أفسدته الأولى (ثورة الأسمدة المصنعة)،
ثورة تتطلب إرادة سياسية وتشرّك المواطن في صنع غدٍ أفضلَ.
Référence: Le Monde diplomatique, décembre 2018, «Imaginer une
nouvelle révolution verte. Les engrais azotés, providence devenue poison », par
Claude Aubert, Ingénieur agronome, pp. 18-19
إمضاء مواطن
العالَم
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية"
فوكو
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الجمعة 21 ديسمبر 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire