إكرامًا لمن
كرّمني بِذكرِي، إلى صديقي المثقف العصامي majid BelhejAbdel، أجِيبُ سائلَه بالتفصيلِ
المُمِلِّ في 20 نقطةٍ:
1. أتمرد على احتكار اليسار من قِبل الماركسيين بجميع مذاهبهم، اللينينية،
الستالينية، التروتسكية، والماوية. اليسار خُلِقَ قبل الماركسية وسيبقى بعدها.
أعشقُ يسارَ ما قبل ماركس، يسارَ التضامنيّين الفدراليّين (Les mutualistes fédéralistes). يسارٌ يتعلّمُ من تجربة جمنة النوعية الناجحة
الرائدة. "تجربةٌ-يساريةٌ-اجتماعيةٌ-اقتصاديةٌ-غيرُ ماركسيةٍ"، تجربةٌ من
إبداع أهلي بجمنة، أهلي بكل حساسياتهم السياسية والإيديولوجية. تجربةٌ لا غربية
ولا شرقية. تجربةٌ جمنيةٌ حرّةٌ ابتكرها أهلي اليساريون اجتماعيًّا وغير اليساريين
إيديولوجيًّا. تجربةٌ، يرعاها عشرة آلاف جمني بجمنة ومثلهم مقيمون خارجها،
ويباركها أئمة الجوامع، ويحضنها كل التونسيين، ويشجعها ممثلون عن أربع قارات
(زارونا كلهم، ما زال الأستراليين... قالوا في الثنيّة). يسارِي أنا، يسارٌ يبحث
على الأفضلِ في الممكنِ والمتاحِ والمشتركِ، ولا يتعلّق بأوهامِ أفضلِ الأفضلِ أو
جنةِ ماركس على الأرضِ (“Le
mieux est l`ennemi du bien” Aristote).
2. أنقد التجربة الشيوعية في القرن العشرين، ومن فشلها أتعلّم وأتعظ.
3. أعادي رأسمالية الليبرالية (أمريكا) ورأسمالية الدولة (الصين)، ولا أعترفُ
بما يُسَمّى "بورجوازية وطنية"، لأن البورجوازية تعني عندي الاستغلال
والاستغلال لا يمكن أن يكون وطنيًّا (أي يحب وطنه)، ولا فرقَ عندي بين بورجوازية
إمبريالية أو كمبرادورية أو وطنية.
4. أطالب كل صاحب شهادة تخرّج من المدرسة العمومية أن يعمل عشرة سنوات في
القطاع العمومي لو احتاجه، ولو فضّل عليه القطاع الخاص "الوطني" أو الأجنبي، فيجب عليه إذن أن
يدفع للدولة ثمن تكوينه أو يدفعه مكانه مُشَغِّلُه الرأسمالي.
5. أقف ضد الديكتاتورية حتى ولو كانت شيوعية باسم البروليتاريا العُمّالية أو الفلاحية،
مثل التي سادت في الدول شرق-أوروبية الشيوعية السابقة (الاتحاد السوفياتي، ألمانيا
الشرقية، بولونيا، إلخ.).
6. أطالب بإلغاء عقوبة الإعدام نهائيًّا. الفرد قد يفقد صوابه ويرتكب جريمة
قتل، أما العدالة فليست فردًا بل مؤسسة عاقلة لا يجب أن تفقد صوابها أبدًا.
7. أؤمن بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة في الحقوق وأمام القانون حتى ولو
لم يتساويا الاثنان في الواجبات، فالرجال أنفسهم غير متساوين فيما بينهم في
الواجبات والنساء أيضًا.
8. أناضل من أجل حرية التعبير الكاملة للجميع ولا أتجرأ على ثلب الأشخاص أو
هتكِ أعراضهم.
9. لا أرى سقفًا لحرية كل أنواع الفنون (موسيقى، غناء، مسرح، سينما، رسم، رقص،
نحت، إلخ) ما لم تسخر من المقدسات المتفق عليها من جماعة الدين المهيمن في القُطرِ
وهي ليست كثيرة، أذكر بعضها دون ترتيب: حرية الضمير والمعتقد، حرية التعبير دون
ثلبٍ، الذات الإلهية، الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء، القرآن
الكريم، الذات البشرية، حُرمتُها وكرامتُها، العدل، المساواة، إلخ. وإذا اختلفنا
حولها، يحلها استفتاءٌ قد يتكرر بدايةَ كل عقدٍ جديدٍ أو أكثرَ، استفتاءٌ لا يشملُ
طبعًا ثوابتَ الأمة الثلاثة (الله ورسوله وقرآنه).
10.
أنبذ العنف كوسيلة نضالية في دولة ديمقراطية،
وأنبذه أيضًا كوسيلة تحريرية إرهابية ضد الأعداء المدنيين، كل المدنيين بما فيهم
الغربيين وحتى الإسرائيليين المحتلين. يحق للفلسطينيين المقاومة المسلحة ضد الجيش
الإسرائيلي المحتل وضد المستوطنين اليهود المسلحين، ولو كنت مكانهم لربما تغير
رأيي كمتفرج وحملت البندقية مثلهم، رغم أنني أحبّذ المقاومة السلمية التي لا تقل
شجاعة وتضحية عن المسلّحة ولي ثقة في نجاعة وفعالية وسائلها ولي أسوة في غاندي
ومانديلا، الاثنان حرّرا بلدَيهما، الأول من الاستعمار البريطاني والثاني من الميز
العنصري.
11.
لا أبارك التعذيب مهما كان
الذنب حتى ولو كان الموقوف داعشيًّا.
12.
أرى للدين دورًا اجتماعيًّا على المدى القريب
والبعيد.
13.
لا أرى للعَلمانية مستقبلا في البلدان العربية
على المدى القريب، أراه في الأفق البعيد البعيد.
14.
أؤمن إيمانًا راسخًا بحرية
الضمير والمعتقد.
15.
أرى الوطنية الضيقة والقومية الشوفينية شجرة جفّت
عروقُها وأرى الأممية أرحب منها بكثير كثير. الأممية: قلبي وعقلي مع أي ضحية فلسطينية مدنية
كانت أو عسكرية، وعقلي فقط مع أي ضحية مدنية إسرائيلية أصِيبت في عملية إرهابية
وقعت في حافلة مدرسية أو مقهى أو مطعم أو شاطئ أو ملهى ليلي، لو وقعت في ثكنة أو
كمين لسيارة عسكرية لا أعدّها إرهابًا بل هي مقاومة مشروعة مثل عمليات حزب الله سنة
1981-1982 في لبنان الأبيّ ضد الجنود المحتلين الأمريكان والفرنسيين والإسرائيليين.
16.
أتصالحُ وأختلفُ مع حضارتي الأمازيغيّةِ-الإسلاميّةِ-العربيّةِ، أتصالحُ
معها أنتروبولوجيًّا واجتماعيًّا وعاطفيًّا، وفي نفسِ الوقتِ أختلف معها
إبستمولوجيًّا وفلسفيًّا وجدليًّا، لا أتباهى بها على الغيرِ ولا أقبلُ فيها ثلبًا
من الغيرِ.
17.
لا
يمكن أن أنتمي إلى السلطة الحاكمة، لا لأني ضد الحكم، بل لأنها لم تعد في بلدنا حاكمة.
أعتذر من "حاكمنا الحالي غير الحاكم" الذي لا يقدر على عصيان أوامر
أسياده (FMI, BM, BCE) وعملائهم "الوطنيين"، وفي
مقدمتهم المكتبان التنفيذيان للاتحادَين المشهورَين، المكتبُ التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة، وأخوه
في الرضاعة المكتبُ التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل.
18.
أرى أن العبثية بدأت تتفشى فينا مذ أصبح لكل فردٍ منا حقيقته وغابت عندنا القيم
المشتركة والمقدسة وهذا ما تسعى له الفردانية الليبرالية وتريد فرضه علينا بالقوة
السائلة. ربي يُستر!
19.
أطالبُ بدسترةِ مَنعِ الإضرابِ عن العملِ في
جميع مؤسسات القطاع العمومي. أؤكد، منعُ الإضراب عن العمل وليس منعَ النضال
والمطالبة بالحقوق عن طريق الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات خارج أوقات العمل.
القطاع العمومي ملكي وملك كل دافعي الضرائب، فهل هنالك عاقلٌ يضرّ بملكه؟
20.
أطالبُ بدسترةِ الحق في النقل العمومي المجاني
في كامل تراب الجمهورية. قرارٌ سوف يجلب لتونسَ اقتصادًا في الطاقة وتخفيضًا في
عدد مرضى التلوث خاصة في ڤفصة وڤابس وصفاقس. مجاني في لوكسامبورغ
و"مَنْدْراكْ".
خلاصة
القولِ: اليساريُّ غير الماركسيِّ، هو كائنٌ انبثقَ من سيرورةِ التفاعلِ بين ذاتِه
ومحيطِ واقعِه الاجتماعِي الإشكالِي المعقّد، هو كائنٌ واعدٌ متحوِّلٌ غير ثابتٍ.
إمضاء مواطن
العالَم
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية"
فوكو
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 19 ديسمبر 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire