المصدر:
كتاب "مخاضات الحداثة التنويرية. القطيعة الإبستمولوجية
في الفكر والحياة."، هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان،
الطبعة الأولى 2008، 391 صفحة.
نص هاشم صالح:
صفحة 321: كان اليابانيون يعتقدون
أن الصين هي مركز العالم وأهم شيء في العالم، فإذا بهم يكتشفون أنها هامشية
بالقياس إلى الغرب. وبالتالي فقد أصبحوا هم على هامش الهامش وهذا وضع لا يُحتمل
بالنسبة للإنسان الياباني. عندئذ قرروا الانفتاح على العلم الغربي وامتلاكه بأي
وسيلة ممكنة. فقبْل سلالة الميجي (بدأت معها الإصلاحات الحقيقية من ثقافية،
واقتصادية، وسياسية حوالي سنة 1854) مثلا، لم يكن عدد اليابانيين الذين سافروا إلى
الخارج يتجاوز الثلاثمائة شخص.
إضافة 1 المؤلّف محمد كشكار:
أما
نحن عرب اليوم فعلى هامش أمريكا واليابان أولا وأوروبا ثانيا والصين والروسيا
والبرازيل ثالثا وماليزيا وتركيا وإيران رابعا ونحن آخرا وأخيرا، ما وراءنا إلا
الصومال وأفغانستان.
نرجع إلى نص هاشم صالح:
الهامش 1 على نفس الصفحة: ربما كان
من المفيد أن يقوم أحد الباحثين بكتابة دراسة مقارنة بين البعثات التي أرسلها محمد
علي مصر إلى الخارج في النصف الأول من القرن التاسع عشر والبعثات التي أرسلتها
سلالة الميجي أو إمبراطورية اليابان في النصف الثاني من ذات القرن لمعرفة سبب نجاح
النهضة اليابانية وفشل النهضة المصرية أو العربية. لماذا كان هناك تفاعل إيجابي
ناجح مع الحضارة الغربية في الحالة الأولى وتفاعل سلبي فاشل مع نفس الحضارة في
الحالة الثانية ؟ وقد فعل ذلك مؤخرا الباحث اللبناني مسعود ضاهر من خلال كتابه:
النهضة العربية والنهضة اليابانية: تشابه المقدمات واختلاف النتائج، سلسلة
المعرفة، رقم 252، الكويت، 1999.
على
أية حال يرى البعض أن اعتقادنا بامتلاك الحقيقة الإلهية المطلقة أو الوحي الوحيد
الصحيح هو السبب في الانسداد التاريخي الذي نعاني منه وفي عدم تمكننا من هضم روح
الحداثة ومكتسباتها الأساسية. بمعنى آخر فإن نقطة قوتنا هي نقطة ضعفنا أيضا. وهذه
أطروحة ينبغي الاهتمام بها أو الحفر فيها أو أخذها مأخذ الجد.
فالتراث
الياباني على ما يبدو لا يُشعِر اليابانيين بأنهم هم وحدهم الذين يمتلكون الحقيقة
المطلقة في العالم. ولذلك سَهُلَ عليهم أن يتفاعلوا مع الآخرين بكل حرية ودون أي
عُقد ذاتية أو تاريخية تراثية ضخمة، (انتهى الهامش).
ولكنهم
بعد هذا العهد أصبحوا بالألاف وعشرات الألاف. إذ قال أحد أباطرة هذه السلالة عام
1890: أريدكم أن تذهبوا إلى إنـﭬلترا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وتأتوني بالعلم الغربي كله !
لا أريد بعد اليوم أن تظل اليابان متخلفة بالقياس إلى العالم المتحضر. وأريد نتائج
سريعة بقدر الإمكان.
بعدئذ
أصبح الانفتاح على الغرب طوعيا لا إجباريا كما حصل سابقا. ويمكن القول بأن المثقف
الياباني فوكوزاوا (1835 - 1901) كان أول من دعا إلى "غربنة" اليابان
بالكامل. وقال إن البلاد بحاجة إلى تغييرات وإصلاحات جذرية وإلا فسوف ننقرض ونموت.
وبعد عودته من أوروبا عام 1869 نشر كتابا عمّا رآه. وكان أول كتاب يصدر باللغة
اليابانية عن الحضارة الغربية. ثم أصبح الغرب "على الموضة" في اليابان
كما يقال. فقد ابتدأت الترجمات تظهر، أي ترجمات كتب روسو، ومونتسكيو، ومعظم فلاسفة
التنوير. أما قصة "روبنسون كروزو" فقد تُرجمت مرتين ! وذلك لأن
اليابانيين وجدوا أنفسهم فيها. فهي تحكي قصة شخص وجد نفسه في جزيرة معزولة فاضطر
إلى تدبير نفسه وصنع الحضارة بمفرده، تماما كما يفعل اليابانيون... وشهدت اليابان
في نهاية القرن التاسع عشر نفس الصراع الذي شهده العالم العربي، أو الصين، أو
الهند بين أتباع التغريب من جهة و أتباع التقليد والهوية والأصالة من جهة أخرى...
في الواقع إن وصايا أباطرة الميجي كانت واضحة: نعم لتغيير الأوضاع وتحديث البلاد
ولكن مع المحافظة على تراثنا وتقاليدنا. فالجوهر القومي أو الثقافي لليابان مقدس
ولا ينبغي المس به. ولذلك تراجع بعض المثقفين عن هوسهم بالغرب وأصبحوا تقليديين أو
تراثيين.
إضافة 2 المؤلّف محمد كشكار:
وهذا
ما حدث لي أنا شخصيا منذ الثمانينات من القرن الماضي: فبعد هوسي بالغرب وحضارته
وثقافته، تراجعتُ عن إهمالي واحتقاري -عن جهل- لتراثنا الأمازيغي التونسي العربي
الإسلامي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire