samedi 24 décembre 2022

هل عدالتُنا ما زالت معلقةً في السماء ؟

 

قال الفيلسوف الألماني العظيم هيـﭬل: "كانت الثورة الفرنسية، الحدث الذي اتخذ الرؤية المسيحية للمجتمع الحر القائم على المساواة، ونقلها من السماء إلى الأرض".

وعلى خطاه أقول: "لم تقع الثورة العقلانية العربية  بعدُ، الثورة التي سوف تتخذ الرؤية الإسلامية للمجتمع الحر القائم على المساواة، وتنقلها من السماء إلى الأرض".

بقيتْ قِيَمُ قرآننا مؤجّلة  التطبيق، وحديث محمد صلى الله عليه وسلم معلقًا، وبقيت أقوال صحابته ومجتهدينا ومفكرينا ومصلحينا حبرًا على ورقٍ:

-         يقول تعالى: "لا إكراه في الدين". ومسلمو اليوم  يعدمون المجتهدين (مثل المجتهد السوداني محمود محمد طه في عهد حسن الترابي)، أو يغتالونهم (مثل المجتهد المصري فرج فودة وللأسف لقد وقع تبريرُ اغتياله بعد وقوعه من قِبل الشيخ المصري محمد الغزالي). وقديمًا أعدموا مفكرينا الأحرار (مثل شهيد حرية التعبير الحلاج-644هـ/808م وابن المقفع -720ـ 756م)، أو اغتالوهم (مثل المفكرَين اللبنانيين حسين مروه ومهدي عامل)،  أو حاولوا (مثل ما حدث مع المبدع المصري والعربي الوحيد الحاصل على جائزة نوبل للآداب الروائي الرائع نجيب محفوظ)، أو كفِّروهم (مثل   المفكرين: (مثل المصريين الأربعة علي عبد الرازق ونصر حامد أبو زيد وجمال البنا ونوال السعداوي والفرنسي-الجزائري  محمد أركون والتونسيين الخمسة الطاهر الحداد وألفة يوسف وعبد المجيد الشرفي ومحمد الشرفي ومحمد الطالبي).

-         قرآن: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ". وهل نحن اليوم كذلك ؟ يبدو لي أننا لسنا كذلك !

-         حديث: "الناس سواسية كأسنان المشط الواحد لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى". و هل كنا يومًا كذلك ؟ يبدو لي أننا ومنذ 14 قرنا لم نكن يومًا كذلك !

-         حديث: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وهل يحب السلفيون الجهاديون  لإخوانهم المسلمين العَلمانيين في سوريا وليبيا والعراق ما يحبون لأنفسهم ؟ وزبانية السيسي والمالكي والبشير وبشار وبوتفليقة والسادس: هل يحبون لإخوانهم الإسلاميين ما يحبون لأنفسهم ؟

-         وقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: "لو عثرت بغلة في العراق فأنا المسؤول عنها لأنني لم أمهّد لها الطريق". أنبِئك يا فاروق أن الدول العربية تتمتع اليوم بأكبر نسبة في العالم في حوادث الطرقات لأن مسؤولينا لم يمهدوا الطريق لبغالنا، عفوًا لسياراتنا الحاملة لفلذات أكبادِنا.

-         "النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان". يكفي أن تتجول في العواصم العربية لتعرف هل نحن مؤمنون أم شياطين !
-         "أمة اقرأ" هي اليوم أقل أمة تقرأ !
-         رمضان: الشهر الفضيل، الشهر  الكريم، الشهر العظيم، شهر التقوى، شهر الصبر، شهر التكافل الاجتماعي، شهر الإحساس بالفقر والتعاطف مع الفقير، كلها شعارات إنسانية جميلة لكنها شعارات وهمية محفوظة في القلوب أو في الكتب السماوية على رفوف المكتبات وللأسف لم ننقلها بعدُ إلى الأرض وبقيت معلقة في السماء. أما الواقع المر السائد اليوم داخل الدول العربية الإسلامية، فهو مغاير تماما لما دعا له الإسلام ونبي الإسلام، فشهر رمضان اليوم، هو شهر يزداد فيه التبذير وتكثر فيه الأنانية وتطغى فيه الفوارق الاجتماعية وتُحتكَر فيه السلع الأساسية الضرورية وتَرتفع الأسعار وتتفشّى فيه كل أنواع الرذيلة الاجتماعية مثل الغش والكسل والكذب واالنميمة والنفاق والغضب لأتفه الأسباب.

 

ملخص الحديث وخاتمته:

أنتظر عهدًا يجيء يومًا نصبح فيه قادرين على وصفِ أنفسنا بما هو فينا، وليس بما هو موجود في القرآن وكُتُبِ الفقه، يومها فقط نستطيع القول أننا وضعنا إصبعنا على الداء وشرعنا في وصف الدواء.

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، آية رائعة قالها الله تعالى مخاطبا الناس. آية طبقها نسبيا بعض المسلمين المقيمين في الدول غير العربية، وطبقتْها حرفيا مخلوقات الله من غير المسلمين المقيمين في الدول الغربية وبعض الدول الآسيوية غير المسيحية، وأهملها جل المسلمين المقيمين في الدول العربية. لله في خلقه شؤون ! 

يبدو لي أننا لم نفقه كل الفقه معانى قِيم الإسلام حتى اليوم فبقينا متقاعسين عن تفعيلها في الأرض منذ حوالي عشرة قرون (منذ حرق كتب ابن رشد نهية القرن 12م) وبقينا قاعدين منتظرين رزقًا وعدلاً ونصرًا من السماء.

والله أكاد أجزم أن الرزقَ والعدلَ والنصرَ لن يأتوا إلا بالعلمِ والعملِ والصدقِ والإخلاصِ وبرهاني قول الله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

 

 


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire