الاثنين 5 نوفمبر 2012، سمعت اليوم
باكرا في قناة "دريم 2"، برنامج "الطبعة الأولى" للمذيع أحمد
التلمساني. سمعت ويا ليتني ما سمعت ! سمعتُه
وهو يشهّر بتصريحات جاهلة وعنصرية وعدوانية صدرت عن فرد من بين ممّن يُسمّون
أنفسهم بـ"علماء الدين المسلمين"، بعضهم متهمون بالتعصب الديني الإسلامي
ومشهورون بالإساءة اللفظية لغير المسلمين.
ملاحظة عابرة: بعد ما حدث الانقلاب
العسكري في مصر، لم يعد يعجبني أحمد التلمساني لمساندته الانقلاب وتعيينه ناطقا
رسميا باسم رئاسة الجمهورية الانقلابية.
المذيع يذيع الخبر:
لن أتكلم عن المسلمين المدوّنين أو
الفيسبوكيين العاديين المتعصبين وعن ما يكتبونه وما ينشرونه من سموم عنصرية
وعدوانية ضد غير المسلمين بمناسبة الكارثة الإنسانية التي حلت بمدينة نيويورك
الأمريكية بعد مرور إعصار "صاندي".
سأتكلم خصيصا عن أحد أعضاء رابطة
"العلماء المسلمين"، وأخص بالذكر "العالِم" الذي يحث المسلمين
على الدُّعاء على الأمريكيين بأن يهلك الله منهم أكبر عدد في الإعصار. إعصارٌ
سلّطه الله عليهم -حسب رأيه- عقابا لهم على إنتاج فيلم مسيء للرسول، صلى الله عليه
و سلّم.
ردّ علي هذا "العالِم"،
مفتي السعودية محتجا قائلا: "لا يجوز دعاءك عليهم كلهم بالهلاك لأنه قد يكون
فيهم مسلمين". أجابه "عالِمنا الجليل" قائلا: "المسلمون منهم،
ينجّيهم الله".
قال المذيع معلقا على الخبر المحزن
دينيا وفكريا وفلسفيا وإنسانيا، قال ما يلي (أنقل بتصرف وليس حرفيا):
-
أولا: مَن أنتج وأخرج ومثّل الفيلم المعني بالذكر ؟
أفراد معدودون موجودون أحياءٌ عند ربهم يُرزقون في ولاية أخرى غير ولاية نيويورك
فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
-
ثانيا: رغم إسلامهم القديم، لم ينجُ مسلمو أندونيسيا
وماليزيا وجنوب تايلاندا من "عقاب" إعصار "تسونامي". أكبرُ
إعصار مدمّر للمدن وقاتل للسكان حدث في التاريخ. ورغم إسلامهم القديم أيضا، لم
يسلم مسلمو بنڤلاداش الأبرياء الفقراء المساكين من "العقاب الإلهي" حسب
الأفق المعرفي الديني الضيق لبعض "علمائنا" وبعض "مسلمينا"
غير العالِمين بالمقاصد الإنسانية النبيلة لديننا الإسلامي العالمي الحنيف. لم يَسلمْ
مسلمو بنڤلاداش وماتوا وغرقوا هم وحرثهم ونسلهم وزرعهم وحيواناتهم ومساكنهم ومدّخراتهم
الحياتية القليلة نتيجة الفيضانات الطبيعية السنوية. قضوا قضاءً وقدرًا وليس عقابا لهم عن ذنب لم
يقترفوه أو جرم لم يرتكبوه ولله في خلقه شؤون.
تعليق
المؤلف محمد كشكار:
-
أبدأ يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات: "يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" صدق الله العظيم... ويقول الرحمان في آيات أخرى: "ولو شاء ربك لآمن من في
الأرض كلهم جميعا أفأنت تُكرِه الناس حتى يكونوا مؤمنين... وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا
يعقلون".
-
يبدو
لي أن غير المسلم (مثل الملحد والمسيحي واليهودي والبوذي واللاأدري والبهائي) هو
أخونا في الإنسانية، والله هو الذي خلقه، وهو وكيله الوحيد، وهو الرحمان الرحيم،
ولن يهمله، وسوف يحميه حسب ما أعتقد من إعصار "صاندي" ومن كل مكروه قد
يصيبه، أضفْ إلى ذلك أن غير المسلم قد يكون مسلما بالقوة بالمعنى الفلسفي لكلمة "قوة"
أو مسلما محتملا. إذنْ وفي الحالتين السابقتين، لا يجوز الدعاء عليه بل يُستحبّ
الدعاء له بالنجاة من الكوارث الطبيعية والدعاء له بالهداية إلى الطريق المستقيم
ولا ننسى أن الرسالة المحمدية هي رسالة موجّهة للعالمين دون تمييز ديني أو عرقي أو
جنسي أو جغرافي أو طائفي أو عنصري.
-
وأنهي
أيضا بقوله تعالى: "كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن
المنكر" (آل عمران: 110 ).
و أتوجه بالسؤال إلى
العنصريين المتسترين بالدين المذكورين سابقًا، قائلا: أيُّ معروف تأمرون به وأي
منكر تنهون عنه، عندما تتمنون الشرّ لغير المسلمين ؟ سأدلِي بدلوي في هذه المسألة من باب
الموعظة الحسنة مستعينا بما أوتِيتُ من علم غير ديني وأظن أن إيماني العميق لن
يقودني إلى الخطأ: أنا أرى أن الأمرَ بالمعروف والنهيَ عن المنكر ليسا واجبَين حَكرا
على المسلمين وليسا موجهَين إلى المسلمين فقط، بل يشملان المسلمين وغير المسلمين
لأن الرسالة المحمدية هي رسالة سماوية مفتوحة وموجهة دون إكراه للعالمين، مسلمين
وغير مسلمين.
-
أتمنى أن يكون الخبرُ كاذبًا والمذيع مروِّجًا للإشاعات ويذهب تعليقي
أدراج الرياح كما ذهب الآلاف من مقالاتي المنشورة على النت بين 2008 و2022 وأحمد
الله -الذي لا يُحمد على مكروه سواه- على أن العلماء المسلمين العنصريين والمحرضين
على العدوان على غير المسلمين أمثال عينتنا النادرة لا يمثلون إلا قلة قليلة من
علمائنا وفقهائنا الأجلاء المحترمين.
دعاء موجه إلى العالِم صاحب
الدعاء العنصري المسيء للإسلام والمسلمين: الله يهديك وأتمنى أن تكون رحمة
للعالمين -مسلمين وغير مسلمين- لا نقمة عليهم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire