استوردنا من فرنسا أسوأ ما فيها،
وأهملنا أهم ما فيها ؟
استوردنا عَلمانية الثورة الفرنسية
المعاديةُ للدين والمتدينين (Les hommes ne seront pas libres tant que le dernier roi ne sera
pas étranglé avec les
tripes du dernier prêtre, écrivait Diderot, 1713-1784 )،
أسوأ أنواع العَلمانية في حين أن العَلمانيةُ في الدول
الأنڤلوسكسونية (بريطانيا، أمريكا وألمانيا) على عكس العَلمانية الفرنسية،
عَلمانيةٌ لا تعادي المعتقدات الدينية.
استوردنا تحريرا للمرأة، تحريرا انتهازيّا
في جزءٍ منه، تحريرا يهدف إلى استغلالها واختزالِ دورِها وحصرِ قدراتها في المتعةِ
الجنسية (تِجارةُ البِغاء العلني والسري) واستغلالِ صورتِها في الدعاية الرأسمالية
(La chosification et la marchandisation de la Femme).
أيها العلمانيون التونسيون
المتصالحون مع تاريخكم وهويتكم العربية-الإسلامية وغير التابعين للعلمانية
الفرنسية، لماذا أنتم صامتون ولا تعبرون إلا لمامًا عن وجهة نظركم
؟
أما العلمانيون التونسيون غير المتصالحين مع
هويتهم الإسلامية فيبدو أنهم لم يطّلعوا على العَلمانية الأنـﭬلوسكسونية المتصالحة
مع الأديان.
في التاريخ،
العلمانية وَهمٌ. الرأسمالية لم تفصل بين اليهو-مسيحية
والدولة بل أوهمتنا بذلك وتاجرت بالعلمانية واغتنت بها (نوال السعداوي Tv. F24).
يبدو لي أن العلمانية
الأنـﭬلوسكسونية كانت أفضل من الفرنسية في تفاعلها مع الأديان.
لماذا لا نبتكر علمانية من رحم ثقافتنا
العربية-الإسلامية، علمانية متصالحة مع الأديان
الأخرى (أقصد الحضارة لا الوحيَ، كما قال مالك بن نبي "ليس الإسلام هو الحضارة، الإسلام وَحْيٌ نزل من السماء بينما
الحضارة يصنعها البشر"). علمانية تتعامل مع الحضارة
ولا تمس الوَحْي. يُقال أن كلمة عَلمانية أصلها "عالَمانية" من
عالَم وليس من عِلم. يبدو لي أن أفضل تعريف لها، ورد في القرآن: "إن الله لا
يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". وكما قال ابن تيمية: "الله ينصر
الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة" (أعتبره
تعريفا إسلاميا وجيها للعلمانية).
العلماني حتى ولو كان ملحدا، يجب عليه حسب رأيي احترام
أصحاب الأديان التوحيدية وغير التوحيدية. أعجب من علماني تونسي لا يحترم معتقدات أهله
ووالدَيه !
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire