[محنة شعب الشام منذ أحقاب
بحكّام لا يجيدون من أساليب السياسة في هذا العصر إلا شدّة القهر والبطش الرهيب.
عتاةٌ شداد سطوا عليه بالعنف غرّة واستبدّوا بالنفوذ فيه آماداً، وسلبوه حقوقه
والحريات، ونهبوه واستأثروا وذويهم والموالي بالمنافع والخيرات. ودعواهم بعد
"البعث" و"الاشتراكية" حرصهم على أمن الدولة والعدوّ الصهيوني
مرابطٌ على الحدود يتربّص بها شرّا. وهم في الأصل عساكر دجّجوا بالسلاح وجيّشوا
قوّة لصدّه عن أرض الوطن المفدّى، فأباحوها وما منعوه، وحموا نظامهم وما حَمَوْها.
خسروا معه معاركهم في الساحات وتركوا له الجولان وانخذلوا. وعلى قدر هزائمهم ولا
فخر استأسدوا (بالخط العريض في النص الأصلي) في البلاد يذلّون رقاب العباد، لا
يرعون لواحد في ذاته حرمة. يأخذون البريء أخذ الجاني بلا أسباب، أو لشبهة أو دسيسة
أو نميمة، فيضيع في غيب سراديبهم من الظلام، وبذوي النفوس الأبيّة ينكّلون، وبذوي
الرؤوس العصيّة، فيفتكون بأجسادهم والأرواح فتك الوحوش الضواري، سادرين في غيّهم
لا يبالون بحساب أو عقاب، كأنهم في السماء من الأرباب، يسألون ولا يُسألون،
وليسوا، وإن طغوا، إلا على الأرض من ضعيف العباد. فلا في حربٍ أبلَوا ولا في سِلم
أجْدُوا ولا أسْدُوا لأمتهم ما هي جديرة به من العيش الكريم. أهانوا شعب الشام وهو
العزيز، فغنموا باذخاً، وأغرموه فاحشاً، ونعِموا، وأبطروا، وأشقَوْه شقاءً عظيماً.
بشنائعهم، قبل هبّة الثائرين
عليهم، يدكّون من صرح سلطانهم في كلّ يوم صخرةً، يشهّر المعسعس (مؤلف الرواية) في
قصّته هذه "حمّام زنوبيا"، في صحراء القطر.]
المصدر: قصة "حمّام
زنوبيا"، رياض معسعس، تقديم توفيق بكّار، دار الجنوب، تونس 2012، في 357 ص،
الثمن: 10,700 د. ت.
إمضائي
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ"
جبران
تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الخميس 26 أفريل 2018.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire